سورية: اتفاق لحفظ الأمن في السويداء وجرمانا بعد اشتباكات دامية

02 مايو 2025   |  آخر تحديث: 00:44 (توقيت القدس)
من اجتماع الوجهاء والمرجعيات الدينية في محافظة السويداء (ضياء الصحناوي/العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد وجهاء السويداء تمسكهم بسورية الموحدة ورفضهم للتقسيم، مع الاتفاق على تسليم السلاح ودخول قوات الأمن، وتشكيل جيش رديف ومكتب تنفيذي جديد لإدارة شؤون المحافظة.
- دعا البيان الحكومة لتفعيل دور وزارة الداخلية وتأمين طريق السويداء - دمشق، في محاولة لتعزيز الثقة بين المجتمع والدولة وتحسين الخدمات الأمنية.
- يُعتبر البيان محاولة لتحقيق توازن بين المطالب المحلية والانتماء الوطني، مع التركيز على نزع السلاح وانتشار قوات الأمن لتحقيق الاستقرار.

اتفاق على دخول قوات الأمن العام للمحافظة للسيطرة على جميع النقاط

محاولة لتعزيز خطاب الوحدة وسط تحديات أمنية واقتصادية

الحلبي: الخطاب الموحد الذي حمله البيان قد يسهم بتجاوز الانقسامات

أعلن وجهاء ومرجعيات دينية بارزة في محافظة السويداء في بيان، مساء الخميس، تمسكهم بـ"سورية الموحدة" ورفضهم المطلق أي محاولات لتقسيم الوطن أو إشعال الفتن الطائفية. وجاء البيان محملاً بإشارات تاريخية، في محاولة لتعزيز خطاب الوحدة وسط تحديات أمنية واقتصادية تعصف بالمنطقة. وعقب اجتماع موسع في مقام عين الزمان بمدينة السويداء، اتفق الشيوخ والوجهاء على تسليم السلاح بشكل كامل.

وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، فقد اتفق المجتمعون على "دخول قوات الأمن العام إلى المحافظة للسيطرة على جميع النقاط التابعة لأجهزة الأمن داخل المدينة، وتشكيل جيش رديف يتبع لوزارة الدفاع مؤلف من أبناء المحافظة فقط، ويضم ضباطاً محليين لم تتلوث أيديهم بالدماء، بقيادة سليمان عبد الباقي ويحيى الحجار". كما أقر المجتمعون بتشكيل "مكتب تنفيذي جديد لإدارة شؤون المحافظة، على أن يكون مصطفى بكور حلقة وصل بين السويداء ودمشق".

وضم الاجتماع كلاً من شيوخ العقل الثلاثة، الهجري، وجربوع، والحناوي، وحسن الأطرش، وعاطف هنيدي، ويحيى عامر، ووسيم عز الدين، إلى جانب قادة الفصائل المعروفة في السويداء، يحيى الحجار، وليث البلعوس، وسليمان عبد الباقي، وشكيب عزام، وغيرهم من قادة الفصائل.

ووصف الموقعون على البيان الهوية السورية بأنها "شرف لا يُتنازل عنه"، معتبرين أن دماء الشهداء الذين سقوا الأرض تضحيات تفرض على الأحياء التمسك بـ"العروة الوثقى". كما حذروا من مخاطر "النعرات الجاهلية" و"الأحقاد الشخصية" التي قد تعيد إنتاج الصراعات، في إشارة غير مباشرة إلى التوترات الداخلية التي تشهدها بعض المناطق السورية.

وفي خطوة لافتة، طالب البيان الحكومة في دمشق بـ"تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المحافظة من أبنائها"، مع إلزام الدولة بـ"تأمين طريق السويداء - دمشق"، الذي يشكل شرياناً حيوياً لحركة البضائع والمواطنين. ويأتي هذا الطلب في سياق تصاعد المطالبات المحلية بتحسين الخدمات الأمنية، وتعيين كوادر من أبناء المحافظة في المناصب الحساسة، وهو ما يراه مراقبون محاولة لتعزيز الثقة بين المجتمع والدولة.

وشهدت محافظة السويداء السورية اشتباكات مسلحة عنيفة، خلّفت عشرات القتلى والجرحى والمفقودين. واندلعت الاشتباكات الأولى ظهر يوم الأربعاء في منطقة براق على طريق دمشق–السويداء، عندما تعرضت مجموعة من أهالي السويداء لكمين مسلح أثناء توجههم إلى بلدة صحنايا بريف دمشق، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير منهم، وفق شهود عيان لمراسل "العربي الجديد"، فيما انسحب الناجون إلى مدينة السويداء حاملين جرحى وقتلى، بينما سيطرت المجموعات المهاجمة التي تنتمي إلى عشائر بدوية ومجموعات متشددة على جثث بعض الضحايا، وفق مصادر محلية.  

ويلامس البيان إشكالية تاريخية في العلاقة بين السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، والسلطة المركزية، حيث تجمع المحافظة بين حرصها على هويتها وخصوصيتها، وإصرارها على الانتماء الوطني. وقال الناشط المدني علاء مخيبر من السويداء لـ"العربي الجديد": "نريد أن نعيش بسلام، لكننا نرفض أن يُنظر إلينا كغرباء في وطننا. تشغيل أبنائنا في الأمن قد يخفف من شكوك الماضي".

ويرى كريم الحلبي، المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوري، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن البيان "ليس مجرد رسالة ولاء لدمشق، بل محاولة ذكية لتحقيق توازن بين المطالب المحلية والانتماء الوطني"، مضيفاً أن "الخطاب الديني الموحد الذي حمله البيان قد يسهم في تجاوز الانقسامات المجتمعية، خاصة مع تنامي الحديث عن مشاريع لا مركزية في سورية ما بعد الحرب".

يُذكر أن محافظة السويداء شهدت خلال الأشهر الماضية احتجاجات متفرقة بسبب تردي الخدمات وارتفاع الأسعار، إلى جانب حوادث أمنية عززت مخاوف الأهالي من انهيار الاستقرار. وفي هذا السياق، يُقرأ البيان بوصفه جسراً بين المطالب الشعبية والخطاب الرسمي، محاولاً ترجمة هموم اليوم إلى لغة وطنية جامعة، قد تشكل نموذجاً لإدارة الاختلاف في سورية المستقبل.

في المقابل، أوضح الحقوقي عاصم الزعبي، عضو تجمع أحرار حوران، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن أرتالاً عدة تحركت من مناطق مختلفة لتأمين الحدود الإدارية بين درعا والسويداء، ابتداءً من منطقة المسمية ومحيطها في اللجاة وصولاً إلى الجنوب بالقرب من الثعلة، وبالفعل بدأت الأرتال التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية بالانتشار في هذه المناطق.

وأوضح الزعبي أن الانتشار يأتي في وقت تجري فيه مفاوضات في السويداء تجمع محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور، ومشيخة العقل، ومن المؤكد حضور سماحة الشيخ حمود حناوي، والشيخ يوسف جربوع، والقادة ليث البلعوس، وسليمان عبد الباقي، والحجار، وذلك قبيل صدور البيان. وقال: "هذا الانتشار هو تمهيد لدخول قوات الأمن والجيش إلى أنحاء المحافظة كافة وتأمينها بشكل كامل، والبدء بعملية نزع السلاح وحصره بيد الدولة فقط"، مردفاً: "الدخول للأمن سيجري بالتوافق الكامل بين المجتمعين، وهناك مؤشرات أنهم سيقومون بطلب دخول قوات الأمن".

بدوره، أوضح مدير أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، لوكالة "سانا"، أن اتفاقاً جرى بين مندوبين عن الحكومة السورية ووجهاء مدينة جرمانا، نص على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري، بالإضافة إلى زيادة انتشار قوى الأمن العام في المدينة، بهدف ترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها، مع تسليم السلاح الفردي غير المرخص ضمن فترة زمنية محددة، وحصر السلاح بيد الدولة، بالإضافة إلى انتشار قوات من وزارة الدفاع على أطراف المدينة.

المساهمون