سعد الحريري يُكلَّف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة للمرّة الرابعة

سعد الحريري يُكلّف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة للمرة الرابعة

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
22 أكتوبر 2020
+ الخط -

أفضَت الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، في قصر بعبدا الى تكليف رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، بأصوات 65 نائباً من أصل 120، وذلك للمرّة الرابعة منذ دخوله الحياة السياسية غداة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، وهو أقل عدد أصوات ينالها حيث فاقت في استشارات سابقة الـ100 صوت.

وتوجه الحريري إلى قصر بعبدا بعد تكليفه تشكيل الحكومة حيث يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وقال بري: "تفاؤلي كبير بين الرئيسين عون والحريري وبين التيارين الوطني الحر والمستقبل".

وانتهت اليوم مرحلة التكليف، التي سلكت مساراً سهلاً، باستثناء تأجيل رئيس الجمهورية الاستشارات لمرّة واحدة مدّة أسبوع، وقد اجتازها الحريري بـ65 صوتاً من أصل 120 بعد استقالة 8 نواب على خلفية انفجار مرفأ بيروت، في 4 أغسطس/ آب الماضي، على أن تبدأ معركة التأليف التي من المتوقّع أن تكون صعبة وقاسية، وطويلة.

ويتسلَّح عون، في معركة تأليف الحكومة بحقه الدستوري الحصري بقبول التشكيلة الوزارية وتوقيع المراسيم، أو رفضها بالمطلق أو طلب تعديل بعض الأسماء فيها، في ظلّ أجواء توحي بأنّ الحريري قدَّمَ ضمانات لبعض الأحزاب بتسمية الوزراء على أن يكونوا من المستقلّين وغير المستفزّين ومن أصحاب الاختصاص والكفاءة، وعلى رأسهم "حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، و"حزب الله"، لناحية وزراء الطائفة الشيعية، ما سينسحب على باقي الكتل النيابية التي ستطالب بحصصها الوزارية، علماً أنّ أوساط الحريري تنفي هذا السيناريو، وتؤكد أنه ينوي تشكيل حكومة من المستقلّين، ولن يرضخ لأحد.

ويعتبر مطلعون على الملف الحكومي، أنّ رئيس "تيار المستقبل"، يغامر أو ينتحر سياسياً بترشيح نفسه وتكرار التجربة خصوصاً في عهد الرئيس عون، وأنّ عجزه عن تأدية مهمّته هذه المرّة سيشكل ضربة قاضية له، هو العائد إلى رئاسة الحكومة بأدنى نسبة أصوات في مسيرته الحكومية، ولا سيما على الصعيد المسيحي.

وحاز الحريري، اليوم، على أصوات رئيسي الوزراء السّابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، "كتلة المستقبل النيابية"، "كتلة التكتل الوطني" (من فريق تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، "كتلة اللقاء الديمقراطي" (تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط نيابياً)، "كتلة الوسط المستقل" (يرأسها ميقاتي)، "الكتلة القومية الاجتماعية" (تمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي)، التي سمّت الحريري الذي اتصل برئيسها أسعد حردان، قبل الاستشارات للتداول بالملف الحكومي، في خطوةٍ لافتة، وضعت في إطار محاولة الحريري جمع الأصوات النيابية قدر الإمكان التي شملت اتصالاته مختلف الأفرقاء من الخصوم والحلفاء، باستثناء رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل. علماً أنّ "كتلة الاجتماعي"، لم تكن تجمع على تسمية الحريري وحصل تباين كبير في الآراء بهذا الشأن.

وسمّت "كتلة نوّاب الأرمن"، التي تنضوي ضمن "تكتل لبنان القوي"، برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري، في موقف يتعارض مع الخيار الذي سلكه التكتل بعدم تسمية أي شخصية لرئاسة الحكومة، مؤكدة، أنّ لا خلاف مع التكتل، بل اختلاف في الرأي.

وسمّت "كتلة التنمية والتحرير" برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحريري، لرئاسة الحكومة، في موقف معلن سابقاً، إذ يكرر بري في أكثر من مناسبة أنّ الحريري هو "رجل المرحلة"، علماً أنّ "الثنائي الشيعي" لا يزال يصرّ على موقفه بقبول مبدأ المداورة باستثناء وزارة المال التي يريد أن يسمي وزيرها، مع وزراء الطائفة الشيعية، ويبدو الحريري ميّالاً إلى قبول هذا الطلب، خصوصاً أنّه يعلم أنّ هذه الشروط هي التي دفعت السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب إلى الاعتذار، والتي دفعته قبلها الى طرح مبادرة تستثني وزارة المال من المداورة، وتكون من الحصة الشيعية على أن يسمّي الوزير الرئيس المكلّف.

على صعيد النوّاب المستقلّين، سمّى كلّ من إدي دمرجيان، ميشال ضاهر، نهاد المشنوق، جهاد الصمد، جان طالوزيان (استقال من تكتل الجمهورية القوية الذي يمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع)، الحريري، فيما لم يسمِّ النواب أسامة سعد، فؤاد مخزومي، شامل روكز، جميل السيد، أي شخصية.

في المقابل، لم تُسمِّ "كتلة الوفاء للمقاومة" (التابعة لحزب الله)، أي شخصية لرئاسة الحكومة، وقال رئيسها النائب محمد رعد، "لن نتعب أو نملّ ولن نيأس ولأننا نرى أن التفاهم الوطني هو الممرُّ الإلزامي لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه ولأنّ نجاح العملية السياسية في البلاد وتحقق مصالح لبنان واللبنانيين عموماً في كل المجالات والصعد يتوقفان على هذا التفاهم ولأننا نعتقد أن آفاق التفاهم ينبغي ألا تقفل، إن الكتلة لم تسمّ اليوم أحداً لرئاسة الحكومة علّها تسهم بذلك في إبقاء مناخٍ إيجابي يوسّع سبل التفاهم المطلوب".

محمد رعد/ لبنان/ حزب الله/ حسين بيضون
كتلة "حزب الله" لم تسمِّ الحريري (حسين بيضون)

وكانت خطوة "حزب الله" متوقعة اليوم بعدم تسمية الحريري، أو أي شخصية أخرى تماهياً مع موقفي الرئيس عون والنائب جبران باسيل، الرافض لتكليف الحريري، وتقاسماً للأدوار بين الحلفاء، علماً أنّ الحزب، لا يُمانع عودة رئيس "تيار المستقبل" إلى رئاسة الحكومة وقد يؤمن له الضمانات التي يحتاجها مع "حركة أمل"، على صعيد تسمية وزراء الطائفة الشيعية، والتي لم يلاقه فيها رئيس المُكلَّف المُعتذِر مصطفى أديب.

وامتنع "اللقاء التشاوري" (عُرِفَ بالنواب السنة المستقلّين)، عن تسمية أحدٍ، باعتبار أن "ليس هناك سوى مرشّحٍ واحد، نرى فيه تجديداً لمرحلة السياسات الخاطئة التي أوصلت لبنان إلى هذه الأزمات".

وأكد اللقاء، "سنحكم على الأفكار والمشاريع والأعمال تبعاً للأداء. ونتمنى للرئيس المكلف التوفيق في مهمته، والإسراع في تأليف الحكومة ونأمل أن يكون رقم التكليف وازناً وجامعاً وشاملاً للثقة وهذا يعتمد على التأليف طريقة ونوعية ومدى شمولية الحكومة".

كذلك، لم يسمِّ "تكتل الجمهورية القوية"، (القوات اللبنانية) أي شخصية لتكليفها رئاسة الحكومة، في موقفٍ معلن سابقاً، انطلاقاً من المبدأ الذي يسير عليه الحزب، وأعلن عنه اليوم رئيس التكتل النائب جورج عدوان، بأنّ الحكومة المستقلّة تكون من رأسها إلى أعضائها.

وذكّر عدوان، بأنّه "وقبل حَراك 17 أكتوبر/ تشرين الأول، والمبادرة الفرنسية، وتحديداً في شهر سبتمبر/ أيلول 2019، عبّر رئيس الحزب سمير جعجع من قصر بعبدا، أنه إذا لم تُشكَّل حكومة من مستقلّين وأصحاب اختصاص وإذا لم تطبق مبدأ المداورة في الوزارات وعدم تخصيص أي وزارة لأحد وتحظى بدعم القوى السياسية، عنوانها، إنقاذ البلد وتأمين الإصلاح فلن نخرج من الورطة".

لبنان /القوات اللبنانية/جورج عدوان/ حسين بيضون
عدوان: الحكومة المستقلّة تكون من رأسها إلى أعضائها (حسين بيضون)

ولم يسمّ "تكتل لبنان القوي"، أي شخصية لرئاسة الحكومة، وقد عبّر سابقاً عن رأيه في هذا الإطار، بأنّ الحكومة المستقلّة، تبدأ من رأسها إلى أعضائها. وتكبر دائرة الخلاف بين باسيل والحريري، مع فشل كل المبادرات التي عمل عليها محلياً وفرنسياً، لتقريب المسافات بين الرجلين، لكنها فشلت، وستتصدر العلاقة المقطوعة في الاتصالات واللقاءات، المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، في ظلّ الحديث عن احتمال عدم حضور باسيل الاستشارات النيابية غير الملزمة التي سيجريها الحريري. كذلك، لم تسمِّ "كتلة ضمانة الجبل" برئاسة النائب طلال أرسلان (غاب عن الاستشارات)، المنضوية في التكتل، أي شخصية للرئاسة.

وقال باسيل، إنّ "موقف التيار بعدم تسمية أي شخصية، معروفٌ ومعلن منذ فترة، لأن موقفه أساساً هو مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وبرنامجها وتكون مدعومة سياسياً وهذا هو جوهر المبادرة الفرنسية". وأشار إلى أنّ "الظروف أفضت إلى مرشح واحد وبما أنّه غير اختصاصي بل سياسي بامتياز قررنا عدم تسميته أو تسمية أحد وموقفنا سياسي ولا خلفيات شخصية بل بالعكس المنحى الشخصي يقربنا ولا يبعدنا".

وأضاف باسيل، "لم نتحدث أبداً عن الميثاقية بالتكليف والا كنا قاطعنا الاستشارات ولم نفكر أبداً بنزع الصفة الميثاقية عن الاستشارات بل الحريري نفسه فعل ذلك عندما رفض سابقاً أن يكلف بلا دعم الكتل الوازنة التي تمثل المسيحيين". وأكد أننا في "مرحلة التأليف بتنا أمام قواعد ميثاقية وننتظر تبليغنا بمعايير التأليف التي يجب أن تكون موحدة وعندها نحدد موقفنا وللحديث تتمة".

هذا واحتسب صوت النائب عدنان طرابلسي الذي لم يحضر الاستشارات بسبب إصابته بفيروس كورونا، وأرسل تفويضاً بتسمية الحريري، وفق ما أكدت دوائر قصر بعبدا الجمهوري، لـ"العربي الجديد"، علماً أنّ التفويض يلغي الصوت النيابي دستورياً، إذ على النائب أن يحضر الاستشارات شخصياً.

ذات صلة

الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.
الصورة
اغتيال صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية

سياسة

وقع، اليوم الثلاثاء، انفجار في ضاحية بيروت الجنوبية، ليُعلن لاحقًا اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري واثنين من قادة كتائب عز الدين القسّام.