استمع إلى الملخص
- أكد الحريري على استمرار مشروع رفيق الحريري بصيغة جديدة، داعياً إلى دعم الدولة والجيش الوطني لتطبيق وقف إطلاق النار وخروج الاحتلال الإسرائيلي، وأهمية بناء علاقات طبيعية مع الدول العربية والمجتمع الدولي.
- دعا الحريري إلى حل الأزمات الاقتصادية وإعادة التنمية في لبنان، مشيراً إلى فرصة انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة، وأكد على أهمية مشاركة جميع اللبنانيين في هذه الفرصة ودعم استقرار سوريا.
أعلن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، اليوم الجمعة، العودة إلى الحياة السياسية وخوض جميع الاستحقاقات الوطنية، وذلك ربطاً بالتغييرات الكبيرة التي حصلت في لبنان والمنطقة، وبـ"الفرصة الذهبية الموجودة اليوم"، واضعاً خارطة طريق وعناوين أساسية سيسير عليها في المرحلة المقبلة قوامها دعم العهد والحكومة، وحصر حمل السلاح بيد الجيش اللبناني، وبناء دولة طبيعية وعلاقات طبيعية مع الدول العربية والمجتمع الدولي، وخروج الاحتلال من كل الأراضي اللبنانية، وتطبيق القرار 1701.
ومساء يوم الثلاثاء، وصل الحريري إلى بيروت للمشاركة في إحياء الذكرى العشرين لاغتيال والده ورفاقه، وعقد سلسلة لقاءات شملت الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، وغيرهم من المسؤولين اللبنانيين، إلى جانب مرجعيات دينية وشخصيات دبلوماسية، وسط أجواء كانت تشي بإعلانه فكّ الاعتكاف المستمرّ منذ عام 2022 بالنظر إلى التطورات في لبنان وسورية والمنطقة.
وفي الذكرى العشرين لاغتيال والده، رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري، توجه سعد الحريري إلى جمهوره الذي احتشد بالآلاف في وسط بيروت، بالقول إنّ "تيار المستقبل سيبقى معكم، وسيكون صوتكم في كل الاستحقاقات الوطنية والمحطات المقبلة، وسبق أن قلت لكم كل شيء بوقته حلو، وأقول اليوم كل شيء بوقته حلو"، مضيفاً "باقٍ إلى جانبكم، وسأكمل معكم لنكمل سوية بوصية رفيق الحريري، ومسيرة الاعتدال، والعيش المشترك، ولبنان أولاً".
وأشار الحريري إلى أنه "بعد عشرين سنة، مشروع رفيق الحريري مستمر، من خلالكم مستمر، بصيغة جديدة، مستمر، ومن حاولوا قتل مشروعه، أنظروا أين أصبحوا. فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". وشدد على أنّ "جمهور رفيق الحريري ليس فقط تيار المستقبل، الذي كان وسيبقى تيار الاعتدال، تيار إعادة الإعمار، تيار الدولة، تيار المؤسسات، تيار الحريات، تيار العروبة والحداثة والانفتاح والعيش الواحد بين كل اللبنانيين"، مشيراً إلى أنّ "جمهور رفيق الحريري هو كلّ لبناني يرى اليوم ما هو المطلوب لحماية لبنان وحماية الفرصة والأمل لنعود دولة قوية في بلد طبيعي". وأكد: "إننا مع الدولة وجيشنا الوطني، ومع كل مجهود يقومون به لفرض تطبيق وقف إطلاق النار والقرار 1701 كاملاً، أي خروج الاحتلال الإسرائيلي من كل القرى التي لا يزال موجوداً فيها"، مشدداً: "داعمون للعهد وللحكومة ولكل مجهود لنبني دولة طبيعية وعلاقات طبيعية مع عائلتنا العربية والمجتمع الدولي، ولنستعيد دور لبنان في المنطقة والعالم".
وأردف: "المشكلة مع نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال) هي الهروب من المسؤولية، الهروب من السلام إلى الحرب، مشكلة احتلال وقتل وتشريد شعب، ولا يمكن أن تحلّ لا على حساب مصر ولا على حساب الأردن، ولا من حساب المملكة العربية السعودية". وتابع: "نحن بماذا كنا نطالب غير دولة طبيعية؟ هل تعرفون ماذا يعني ذلك؟ يعني دولة، السلاح فيها احتكار للجيش الوطني، والقوى الأمنية الشرعية، والاقتصاد فيها حر ومنتج ويوفر العمل والحياة الكريمة لكل اللبنانيين، والقضاء فيها مستقل ويطبق القوانين، ويحمي الحريات الخاصة والعامة، وينصف الجميع، وعلى رأسهم الشهداء والجرحى والمنكوبين في انفجار المرفأ، وضحية الانفجار، حبيبة رفيق الحريري، عاصمتكم بيروت".
وأشار الحريري: "لم ننكر يوماً أننا كنا جزءاً من الأزمات الكثيرة التي أنهكت اللبنانيين، وتحمّلنا المسؤولية بكل شجاعة وقدمنا استقالتنا وعلّقنا العمل السياسي، وأفسحنا المجال لمدة ثلاث سنوات وبقيت الأزمات وزادت"، مضيفاً: "كثرت الأزمات في لبنان، وأخطرها حرب إسرائيلية مجنونة ومجرمة استهدفت بلدنا وقتلت أهلنا ودمرت بيوتهم ومؤسساتهم وزراعتهم ومجتمعهم، وكما كانت مسؤوليتنا جميعاً أن نواجه العدوان، فمن مسؤوليتنا ترميم الجسم اللبناني الواحد وإعادة إعمار المناطق المدمّرة، لتعود الزراعة والصناعة والسياحة والمؤسسات فيها توفر العمل والحياة الكريمة لأهلنا اللبنانيين".
وتابع: "كذلك، من مسؤولية الجميع حلّ الازمة الاقتصادية وإعادة التنمية في كل المناطق، واليوم هناك فرصة للبنان، فرصة ذهبية، بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وأمل جديد عبّر عنه خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، وبيان رئيس الوزراء نواف سلام، وأملنا أن يتحقق، وقرارنا دعم هذه الفرصة ورفض أي محاولة للالتفاف عليها".
وتوجه الحريري إلى "أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت"، بالقول: "أنتم شركاء في هذه الفرصة، ومن دونكم لا يمكن أن تتحقق. لكن يجب أن تكسروا أي انطباع من السابق بأنكم قوة تعطيل واستقواء وسلاح، وأنتم شركاء في فتح جسور العلاقة مع الأخوة العرب وشركاء في إعادة الإعمار، والأهم، أنتم شركاء بقوة في إعادة الاعتبار للدولة، التي وحدَها بجيشها وقواها الأمنية ومؤسساتها تحمي اللبنانيين، كل اللبنانيين".
وقال الحريري لجمهوره: "منذ عشرين عاماً، ومن هذه الساحة، طالبتم بالعدالة، وبإرادتكم قمتم بطرد نظام بشار الأسد المجرم من لبنان، وبعد عشرين عاماً وقبلهم ثلاثون عاماً من الحكم الطائفي والمعاناة والظلم والقتل والاعتقال والوحشية قام الشعب السوري البطل بطرد المجرم من سورية"، مشيراً: "قد تكون هذه بداية العدالة أو نهايتها، لكن في الحالتين رأيتم كيف أنه إذا لم تنصفنا عدالة الأرض فإنّ عدالة ربّ العالمين لا يمكن لأحد الهروب منها". وأضاف: "هذه مناسبة لنعلن دعمنا لإرادة السوريين ولاستقرار سورية وإعادة إعمارها وإراداتنا بأفضل العلاقات الندية بين دولتين، باحترام كامل للسيادة والاستقلال، مثلما أعلنت مراراً وتكراراً القيادة السورية الجديدة".
حشود كبيرة في بيروت لدعم سعد الحريري
ومنذ ساعات الصباح، غصّت ساحة الشهداء في بيروت بحشدٍ كبيرٍ في مشهدية مختلفة عن السنين الماضية، من مناصري تيار المستقبل وداعمي سعد الحريري الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية، رافعين الأعلام اللبنانية وشعارات تيار المستقبل، لإظهار دعمهم له وتأييدهم لمسيرته، ولحثه على العودة عن قرار الاعتكاف والرجوع إلى الحياة السياسية، خصوصاً في ظلّ العهد الجديد الذي تدخله البلاد.
— Rihab Daher (@rihabd) February 14, 2025
ودعا عدد من مناصري الحريري رئيس تيار المستقبل للعودة إلى لبنان والمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة في مايو/ أيار 2026، خصوصاً أن الأسباب التي دفعته إلى الاعتكاف بدأت تزول اليوم، في ظل تراجع نفوذ حزب الله ومن خلفه إيران في السلطة، ورفع العهد الجديد تعهدات تصبّ باتجاه الإصلاح والتغيير، وبسط سلطة الدولة والجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية.
وعانى تيار المستقبل في الفترة الماضية من انشقاقات كبيرة في صفوفه، خصوصاً على مستوى القياديين الذي تقدّموا باستقالتهم بعدما كانوا من "رفاق درب" رفيق الحريري، ومن ثم نجله، سواء لأسباب تتعلق بسياسة التيار التي انتهجها وعدم وقوفه بوجه حزب الله وسياسته الداخلية، أو أنّهم أقدموا على هذه الخطوة بعدما طلب الحريري كل من يريد الترشّح للانتخابات النيابية أن يفعل ذلك بصفته الشخصية.
وفي 24 يناير/ كانون الثاني 2022، علّق الحريري عمله في الحياة السياسية، داعياً تيار المستقبل للقيام بالخطوة نفسها وعدم الترشح للانتخابات النيابية (في مايو 2022)، رابطاً خطوته باقتناعه بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظلّ النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة". واغتيل رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005 في انفجار ضخم وقع قرب فندق السان جورج في وسط بيروت، أدى إلى مقتل 21 شخصاً آخرين، وإصابة 226 بجروح.
وأنشئت محكمة خاصة في لبنان عقب صدور قرار مجلس الأمن رقم 1757 عام 2007 لمحاكمة المسؤولين عن الهجوم، كما امتد اختصاص المحكمة الخاصة ليشمل هجمات أخرى جرى تحديدها قضائياً على أنها "مرتبطة" بهجوم 14 فبراير. وعقدت المحكمة الخاصة إجراءات غيابية، وأدانت ثلاثة أشخاص هم سليم جميل عياش وحسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي (ينتمون إلى حزب الله)، وحكمت عليهم بخمسة أحكام متزامنة بالسجن المؤبد، بيد أنّ حزب الله رفض تسليمهم في ظلّ عدم اعترافه بالقرارات الصادرة عن المحكمة.