سدّ النهضة: حراك أميركي أفريقي للتوصل لاتفاق مؤقت على الملء الثاني

سدّ النهضة: محاولات أميركية أفريقية لإقناع مصر والسودان بالاتفاق المؤقت على الملء الثاني بضمانات

08 مايو 2021
يجري مسؤولون أميركيون وأفارقة سلسلة لقاءات لتحقيق الاتفاق (إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية مصرية وغربية في القاهرة لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ هناك محاولات بدأت تجريها الإدارة الأميركية والاتحاد الأفريقي، بمعاونة من دولة الإمارات، لإقناع مصر والسودان بقبول توقيع اتفاق مؤقت لإدارة الملء الثاني لسدّ النهضة الإثيوبي، وتشغيل السدّ خلال الفترة الممتدة حتى فيضان 2022، عوضاً عن التوصل إلى اتفاق دائم على قواعد الملء والتشغيل.

جاء ذلك بالتزامن مع وصول رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي إلى القاهرة مساء اليوم، بعد زيارة قصيرة للغاية أجراها إلى الخرطوم صباح اليوم، في الوقت الذي يواصل فيه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان لقاءاته في الخرطوم حول سدّ النهضة أيضاً، علماً أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان سيزور أبوظبي غداً أيضاً، ارتباطاً بالقضية ذاتها.

وبحسب المصادر، فإنّ المحاولات الأميركية الأفريقية تقترح تقديم ضمانات عملية لمصر والسودان، لانخراط إثيوبيا في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي ممتد المفعول خلال العام الحالي، ولكن من دون تأثير ذلك بالسلب أو الإبطاء على عملية الملء الثاني، مع تأكيد عدم إيقاع أي ضرر بدولتَي المصبّ.

وذكرت المصادر أن مصر، التي سبق وأبلغت كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والإمارات وجميع الأطراف المعنية برفضها المطلق لأي اتفاق مؤقت، ربما لا تجد أمامها غير قبول الحلّ المؤقت إذا تمت صياغته بصورة تضمن الدخول فوراً في مفاوضات قصيرة الأجل، وتحظى برعاية سياسية أكيدة من الولايات المتحدة، وصولاً إلى الاتفاق النهائي.

وسبق أن نشر "العربي الجديد"، أمس الجمعة، أن مقترح الاتفاق المؤقت والعروض الإثيوبية والمقترحات الإماراتية السابقة بتبادل المعلومات وإدارة فترة الملء بالشراكة بين الدول الثلاث، قد ركز عليها المبعوث الأميركي خلال زيارته القاهرة، باعتبارها أمراً محورياً على طاولة التفاوض، وتجعل مساعيه في هذا التوقيت على قدر كبير من الحساسية والدقة.

وتستمر جولة فيلتمان بشأن سدّ النهضة والأوضاع الإثيوبية أسبوعاً آخر، يزور خلاله الخرطوم وأسمرة وأديس أبابا، وبحسب المصادر، فإنه من الوارد عودة فيلتمان إلى القاهرة في نهاية الجولة إذا تطلب الأمر ذلك، لأنه أكد أن "القرار الأميركي في التحركات الحالية لن يتأخر كثيراً، لارتباط القضية بمواعيد يمكن أن يترتب على فواتها سلبيات جسيمة".

إلى ذلك، قدّم رئيس الكونغو الديمقراطية، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، فيلكس تشيسكيدي، اليوم السبت، مبادرة جديدة لتضييق الخلاف بين السودان ومصر وإثيوبيا، للوصول إلى اتفاق حول سدّ النهضة الإثيوبي.

وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، في تصريحات صحافية أعقبت مباحثات مشتركة بين السودان والكونغو، إنّ المبادرة الكونغولية قيد الدراسة من جهة السودان، مشيرة إلى أن جلسات المباحثات المشتركة تناولت السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأضافت أن المباحثات ركزت بصورة أساسية على موضوع الخلافات حول سدّ النهضة بين دولة المنبع ودولتي المصب.

وأكدت المهدي "موقف السودان الثابت والواضح في موضوع سدّ النهضة، وهو موقف قائم على مرجعية القانون الدولي، وعلى اتفاقيات سابقة بين السودان وإثيوبيا، إضافة إلى إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين قيادات الدول الثلاث في الخرطوم في العام 2015"، مبينة أن السودان يقف مع الحق الإثيوبي في تطوير إمكانياته والاستفادة من مياه النيل الأزرق وتطوير موارده، "من دون إجحاف بحق الآخرين، خصوصاً حقوق السودان ومصر".

واستطردت الوزيرة أن الأطراف، إذا أرادت أن تجني فوائد مشتركة من مشروع السدّ، فإن هذه لا يمكن أن تتحقق من دون وجود اتفاق قانوني ملزم للجميع، خصوصاً في ما يلي قضية الملء ومراحله ومراحل التشغيل بصورة تفصيلية، وجددت رفض بلادها بشدة الخطوات الأحادية، خصوصاً التي تمت في العام الماضي، وأثرت سلباً على السودان، كما رفضها محاولة إثيوبيا بدء الملء الثاني للسدّ، والمتوقع أن يبدأ في يوليو/ تموز المقبل.

وخلال مارس/ آذار، بذلت الإمارات جهوداً سرية لإقناع مصر والسودان بحلول فنية غير جذرية، تمكّن إثيوبيا في كل الأحوال من الملء الثاني للسدّ، وتحقق حالة موقتة من عدم الإضرار بالسودان ومصر، تنتهي بنهاية فترة الفيضان الحالية، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لجميع الأطراف يضع قيوداً على التصرفات الإثيوبية المستقبلية، لكن القاهرة استطاعت استمالة الخرطوم والإعلان عن رفض هذه الحلول، التي كان أبرزها الاكتفاء بتبادل المعلومات.

وفي 24 إبريل/ نيسان الماضي، نشر "العربي الجديد"، نقلاً عن مصادر مصرية، أن الملء الثاني للسدّ بات قاب قوسين أو أدنى، وأن الجهد الدبلوماسي الدولي، الذي تروجه مصر بين الدول الكبرى وأعضاء مجلس الأمن غير الدائمين، يقوم على "احتمالية امتداده إلى العام المقبل قبل الملء الثالث للسدّ، وذلك بسبب المؤشرات التي تستبعد حدوث ضرر جسيم بمصر خلال فترة الملء الثاني، التي بدأت إثيوبيا الإعداد لها بالفعل، بسبب مؤشرات الفيضان الإيجابية من ناحية، وبدء إثيوبيا مبكراً في عملية تصريف المياه المحجوزة سلفاً من السدّ، والمتوقع أن تنعكس بزيادة "متوسطة" على مخزون بحيرة ناصر خلال الشهر المقبل.

وشرحت المصادر هذا الأمر بأن وزير الخارجية المصري سامح شكري ركّز، خلال لقاءاته الأفريقية المكثفة التي عقدها في 7 دول، على إمكانية امتداد المفاوضات عاماً أو عامين آخرين، سواء تحت قيادة الاتحاد الأفريقي أو غيره، وفي كل الأحوال تحت عيون مجلس الأمن، وأن هذه الجولة تضمنت محاولات مصرية لتبديد بعض التصورات الأفريقية غير الصحيحة عن القضية، والتي استطاعت إثيوبيا ترسيخها طوال السنوات الماضية، على رأسها احتكار مصر مياه النيل.