س/ج | ما نعرفه عن إعلان ستارمر حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية

30 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 19:24 (توقيت القدس)
ستارمر يلقي خطاباً من لندن بشأن غزة، 29 يوليو 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت بريطانيا عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، مشروطة بخطوات من إسرائيل مثل إنهاء الوضع في غزة ووقف إطلاق النار، مع دعوة حماس لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين دون جعله شرطاً للاعتراف.

- يأتي الإعلان وسط ضغوط داخلية على الحكومة البريطانية، حيث وقع أكثر من 250 مشرعاً على رسالة تدعو للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع قلق من أن حل الدولتين أصبح شبه مستحيل بسبب توسع المستوطنات الإسرائيلية.

- تلقت الخطوة ردود فعل متباينة؛ أدانت إسرائيل الإعلان واعتبرته مكافأة للإرهاب، بينما رحبت السلطة الفلسطينية به، وتأمل بريطانيا في زيادة الضغط على إسرائيل لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة.

أعلنت بريطانيا على لسان رئيس حكومتها كير ستارمر، أمس الثلاثاء، أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/ أيلول المقبل، لكنّها جعلت هذا الاعتراف مشروطاً بخطوات ينبغي على إسرائيل تنفيذها، بمعنى أن تنفيذ الحكومة الإسرائيلية للخطوات المطلوبة بريطانياً يجعل الإعلان في حكم الملغي.

س: ما الذي أعلنه ستارمر؟

ج: قال ستارمر إن بريطانيا ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر "ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، والموافقة على وقف إطلاق النار والالتزام بسلام طويل الأمد ومستدام، وإحياء احتمالات حل الدولتين". وأضاف أن ذلك يشمل "السماح للأمم المتحدة باستئناف تقديم المساعدات، والتوضيح أنه لن تكون هناك عمليات ضم في الضفة الغربية". وقال ستارمر أيضاً إن على حركة حماس "إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في غزة، والموافقة على وقف إطلاق النار، ونزع سلاحها و"قبول أنهم لن يلعبوا أي دور في حكومة غزة"، لكنها لم تجعل ذلك شرطاً للاعتراف، عازية السبب إلى أن حماس ليس لها دور في حل الدولتين.

س: ما سبب التحوّل الآن؟

ج: تؤيد بريطانيا منذ عقود إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، لكنها تصرّ على أن الاعتراف يجب أن يأتي كجزء من خطة سلام لتحقيق حل الدولتين. ويشعر المسؤولون البريطانيون بالقلق على نحو متزايد من أن مثل هذا الحل قد أصبح شبه مستحيل، ليس فقط بسبب تدمير غزة وتهجير أغلب سكانها خلال 22 شهراً من الحرب، بل وأيضاً لأن الحكومة الإسرائيلية تعمل بقوة على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهي الأراضي التي يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية. ويعتبر جزء كبير من العالم أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية غير قانوني. وقالت وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر لراديو تايمز: "حان وقت التحرك"، مضيفة: "هناك ضم فعلي يحدث للضفة الغربية".

س: هل جاء الموقف بعد ضغوط داخلية؟

ج: نعم، يتعرض ستارمر لضغوط داخلية متزايدة للقيام بشيء ما مع انتشار الرعب في مشاهد الجوع في غزة. ووقع أكثر من 250 من أصل 650 مشرعاً في مجلس العموم رسالة في الأيام الأخيرة تحث الحكومة البريطانية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن عدد البريطانيين الذين يؤيدون الاعتراف أكبر بكثير من عدد المعارضين له، على الرغم من أن عدداً كبيراً منهم لم يقرروا بعد.

س: ما موقف تل أبيب ورام الله من الإعلان؟

ج: سرعان ما أدانت إسرائيل الخطوة البريطانية. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يرفض حل الدولتين لأسباب قومية وأمنية، إن إعلان ستارمر "يكافئ إرهاب حماس الوحشي ويعاقب ضحاياه". بدوره، قال منتدى أسر الرهائن، الذي يمثل العديد من أقارب المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس: "إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بينما لا يزال 50 رهينة محاصرين في أنفاق حماس هو بمثابة مكافأة للإرهاب". ووصفت إميلي داماري، وهي مواطنة بريطانية إسرائيلية تم احتجازها لأكثر من عام، موقف ستارمر بأنه "فشل أخلاقي".

في السياق، لقي البيان البريطاني ترحيباً من السلطة الفلسطينية التي تعتبرها لندن ممثلاً شرعياً للفلسطينيين، وهي تتمتع بحكم ذاتي محدود في جيوب بالضفة الغربية المحتلة.
وقال حسام زملط، السفير البريطاني في لندن، إن البيان "هو تصحيح لأكثر من قرن من السلب، حرم خلاله الشعب الفلسطيني من أرضه وحريته وحياته".

س: هل لبريطانيا تأثير على إسرائيل؟

ج: من الناحية العملية، فإن تأثير بريطانيا على إسرائيل محدود. وقد علقت حكومة المملكة المتحدة محادثات التجارة الحرة وأوقفت بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب سلوكها في الحرب على غزة، لكنها ليست شريكاً اقتصادياً أو عسكرياً رئيسياً. ومع ذلك، فقد أعطى التاريخ لبريطانيا اهتماماً ودوراً خاصين في الشرق الأوسط.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن بلاده تتحمل "عبء مسؤولية خاصاً" باعتبارها القوة الحاكمة السابقة لما كان يعرف آنذاك بفلسطين وصاحبة وعد بلفور عام 1917، الذي دعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لكنه تعهد أيضاً بحماية حقوق السكان الفلسطينيين. وقال لامي في الأمم المتحدة أمس الثلاثاء: "لم يتم تأييد هذا الأمر، وهو ظلم تاريخي لا يزال يتكشف".

س: ما موقف الأحزاب البريطانية من الإعلان؟

ج: تؤيد معظم الأحزاب السياسية الرئيسية في بريطانيا حل الدولتين. لكن حزب المحافظين المعارض من يمين الوسط قال إن إعلان ستارمر سابق لأوانه. وقالت بريتي باتيل، المتحدثة باسم الحزب للشؤون الخارجية: "إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يكون له معنى إلا إذا كان جزءاً من عملية سلام رسمية ولا يمكن أن يحدث بينما لا يزال الرهائن محتجزين في أسر الإرهابيين وبينما يستمر حكم حماس الإرهابي"، على حد وصفها. ورحب إد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين الوسطي، ببيان ستارمر باعتباره خطوة إلى الأمام، لكنه قال إن رئيس الوزراء يجب ألا يستخدم الدولة الفلسطينية "كورقة مساومة".

س: هل تسير دول أخرى في الاتجاه البريطاني؟

ج: نعم، فبريطانيا حذت حذو فرنسا، التي أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل. وقد اتخذت أكثر من 140 دولة هذه الخطوة بالفعل، لكن فرنسا وبريطانيا لهما أهمية كبيرة كعضوين في مجموعة السبع ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويأمل البلدان أن تساعد خطواتهما الدبلوماسية الجريئة - وإن كانت رمزية إلى حد كبير - في زيادة الضغط على إسرائيل لتخفيف الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة وبث الحياة في عملية السلام المحتضرة.

وقالت مالطا العضو في الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء، إنها ستعترف أيضاً بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل. ولا تزال ألمانيا، وهي قوة أوروبية كبرى وحليف قوي لإسرائيل، صامدة. وكرر المستشار فريدريش ميرز موقف بلاده بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "يمكن أن يكون إحدى الخطوات الأخيرة على طريق تحقيق حل الدولتين"، لكن برلين ليست لديها خطط للاعتراف “على المدى القصير".

س: ما موقف واشنطن من الإعلان البريطاني؟

ج: مما هو معروف بالضرورة أن النفوذ الحقيقي يقع على عاتق الولايات المتحدة، وقد يكون النهج الحذر الذي يتبعه ستارمر مصمماً لإقناع الرئيس دونالد ترامب باتخاذ موقف أكثر صرامة مع حليفه نتنياهو. ورداً على سؤال حول موقف بريطانيا، قال ترامب أمس الثلاثاء: "ليس لدينا رأي في ذلك".

س: ما الرسالة التي تحاول بريطانيا إيصالها؟

ج: ثمة رسالة في اتجاهين، داخلي وخارجي. فعلى الصعيد الخارجي، تحاول لندن كسر الجمود في عملية السلام وإعادة طرح حل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد نحو الاستقرار. أما داخلياً، فإن ستارمر يحاول تهدئة الضغوط السياسية والشعبية في ظل مشاهد الجوع والدمار في غزة. وبين الرمزية والضغط، تأمل بريطانيا أن يبدأ الاعتراف الدولي بدولة فلسطين بالتدحرج.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون