سبب توتر وفد النظام السوري في الجولة الرابعة للجنة الدستورية

ما وراء توتر وانسحاب وفد النظام السوري من الجولة الرابعة للجنة الدستورية وافتعاله المشاكل

05 ديسمبر 2020
العريضي لـ"العربي الجديد": الجولة القادمة ستكون مفصلية وهامة (الأناضول)
+ الخط -

مع ختام الجولة الرابعة من أعمال اللجنة الدستورية، حدد المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون موعد الجولة القادمة (الخامسة) يوم 25 يناير/كانون الأول من العام المقبل، وذلك بعد ما يشبه الفشل في أعمال الجولة الماضية إثر استمرار النظام في سياسة المماطلة والتعطيل خلال الجولة الرابعة.

وعمل النظام على زج مواضيع إضافية على جدول أعمال الجولة الرابعة لمناقشتها ضمن ملف "الثوابت والركائز الوطنية"، إذ أصر النظام على الاتفاق عليها بالكامل قبل الدخول بمناقشة مضامين الدستور، وفي كل مرة يضيف النظام على هذا الملف مواضيع جديدة، هي عبارة عن تفاصيل يحاول من خلالها إغراق أعمال اللجنة وأطرافها فيها بهدف كسب الوقت وتمييع المسار السياسي.  

وحاول وفد النظام إلى اللجنة الدستورية في اليوم الأخير اختلاق مشكلة، فيما يبدو، للاستناد عليها في استمرار تعطيل الجولة الخامسة، التي يُشار إليها بأنها ستكون مفصلية كونها ستضمن مناقشة مضامين دستورية تدخل في صلب صياغة دستور جديد للبلاد، بعد أن نجح في تحديد أعمال الجولتين الثالثة والرابعة بنقاش "الركائز والثوابت الوطنية".  

وشهد اليوم الأخير من أعمال الجولة الرابعة أجواء مشحونة بعد انسحاب وفد النظام السوري وعدد من أعضاء وفد المجتمع المدني من الجلسات الختامية.

وذكرت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري أن وفد النظام وستة أعضاء من وفد المجتمع المدني انسحبوا من الجلسة الختامية، احتجاجاً على تهجم عضو وفد المعارضة هيثم رحمة على الدولة السورية والجيش والمواطن السوري، وعلى إدارة الجلسة التي لم تفتح المجال لنقاط النظام التي سجلت اعتراضاً على ما جاء في كلمة رحمة.

وقال مصدر من وفد المعارضة لـ"العربي الجديد" إن الجلسات الختامية شهدت توتراً وانسحاباً لكل الأعضاء القادمين من دمشق، بسبب وصف القوات الإيرانية والعراقية والأفغانية الموجودة في سورية بالمليشيات، موضحاً أن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون تدخّل وأعاد المنسحبين واستكملت الجلسات الختامية بشكل طبيعي. 

وقالت مصادر معارضة لـ"العربي الجديد" إنّ هيثم رحمة، طالب، خلال كلمته في الجلسة الختامية، بانسحاب جميع العناصر الأجنبية من سورية، و"إنهاء جميع أنواع الاحتلال"، بما في ذلك "عناصر المليشيات الإيرانية العراقية"، وهو أمر أثار حفيظة وفد النظام، ليبدأ بعدها برفع الأصوات المعارضة، وتلاه انسحاب الرئيس المشترك للجنة أحمد الكزبري، وأعضاء من وفد النظام ووفد المجتمع المدني اعتراضًا على ما قالوا إنه "أمر غير مقبول".

وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي تدخل لحل الخلاف، وأقنع وفد النظام بالدخول إلى الجلسة، فيما اشترط وفد النظام أن دخوله إلى القاعة سيكون فقط لسماع كلمة بيدرسون الأخيرة، من دون الحاجة لأن يقوم أي عضو من المعارضة أو المجتمع المدني بإلقاء كلمات.

وكان وفد النظام قد جاء إلى الجولة وبجعبته ثمانية مبادئ للنقاش ضمن "الثوابت والركائز الوطنية" تشمل "مكافحة الإرهاب ومسبباته، وإدانة الدول الداعمة له، والتعويض عن الضرر المادي والمعنوي، وإدانة الاحتلال الأجنبي، وتجريم كل من يتعامل معه، ودعم الجيش السوري في الدفاع عن الوطن، والرفض التام لكل المشاريع الانفصالية"، بالإضافة لزج ملفي "عودة اللاجئين" و"إعادة الإعمار" ضمن أعمال اللجنة.  

وقابل وفد المعارضة مقترحات النظام بالتركيز على حل ملف المعتقلين والمختفين قسرياً وإنهاء حالات الاختطاف والاعتقال، بالإشارة إلى أن ملف عودة اللاجئين مرتبط بالحل السياسي بموجب المرجعيات الأممية وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 لعام 2015، وهو ملف فوق تفاوضي، بحسب الرئيس المشترك للجنة وفد المعارضة هادي البحرة.  

وعن تقييم وفد المعارضة لأعمال الجولة الرابعة، قال عضو القائمة الموسعة لوفد المعارضة يحيى العريضي إن "وفد هيئة التفاوض لم يدخل الجولة بأوهام، ولم يكن هناك شيء غير متوقع، فهذا أسلوب النظام ومواقفه من خلال الزج بمواضيع من غير المهمة الموكلة لعمل اللجنة".

وأضاف أن "جدول أعمال الجولة كان مخصصا لبحث (الأسس والثوابت الوطنية) التي لا بد للدستور أن يبنى عليها حسب القواعد الإجرائية لعمل اللجنة، ومن جانبها سعت المعارضة لوضع رؤى وأفكار ومضامين ضمن هذا البند لها علاقة بالدستور". 

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتابع "أما الجانب الآخر (النظام) فقد طرح مواضيع صعب أن يتضمنها الدستور، وحاول وفد المعارضة بأقصى جهد أن يكون هناك احتواء لتلك الطروحات وتأطيرها ضمن جسم الدستور، لكن كملحقات أو إضافات تتعلق بالوضح الطارئ والحالي غير الطبيعي للبلاد، كهيئة عامة لشؤون المعتقلين وأخرى للعدالة الانتقالية، أي مواضيع تبقى في الدستور، لكن ليس بشكل ثابت كبنود ومواد بحكم الوضع القائم".  

ولفت العريضي إلى أنه "في الوقت ذاته، ستكون هناك محاولة لسحب الجانب الآخر (النظام) باتجاه الدخول بالمهمة الموكلة للجنة، والمسألة هنا مسألة امتحان حقيقي للذين يشتركون في هذه العملية ويقدمون أنفسهم بهذا الشكل كشركاء، لكن الحقيقة مختلفة صراحة، ولا بد من توضيح هذه المسألة ووضع الوسيط الدولي والدول الفاعلة في الشأن السوري في صورة حقيقة ما يجري، لاتخاذ إجراءات ومواقف وتدابير مختلفة يمكن أن تساهم في إنقاذ البلاد من خلال جدية نقاش المسار السياسي".  

وتطرق العريضي إلى الهجوم على اللجنة وأعمالها والتخوين الذي يطاولها، معتبراً أن "المسألة ليست كذلك، فنحن إن وجدنا بصيص أمل بسيطا لإنقاذ البلاد فعلينا السعي باتجاهه، ومن هذا المنطق شاركنا باللجنة، لكن الانتقادات التي تأتينا من أشخاص يجلسون وراء شاشات هواتفهم أو حواسيبهم غير مسؤولة، فنحن نواجه نظاما استعان بكل القوى الإرهابية والاستعمارية والعصابات لتأمين بقائه، وقدم خدمات استخباراتية للكثير من القوى المتغطرسة والتي تسعى للمحافظة عليه، وسعينا لأخذ حقنا مسألة صعبة جداً، فيما التعليق والانتقاد سهلان".  

وأكد العريضي أن الجولة القادمة (الخامسة) ستكون مفصلية وهامة، لمعرفة النوايا الحقيقية للنظام في الدخول ببحث مضامين الدستور، وإحداث اختراق في عمل اللجنة بما يساهم في تقدم أعمالها.  

وكان الرئيس المشترك للجنة عن وفد المعارضة هادي البحرة أكد، في تصريح سابق لـ "العربي الجديد"، أن جدول أعمال الجولة الخامسة سيناقش مضامين الدستور بشكل مباشر، موضحاً أنه سيتم التطرق إلى "المبادئ الأساسية في الدستور"، بأنها عبارة عن فصل كامل من الدستور، وتتضمن المبادئ السياسية والمبادئ الثقافية والمبادئ الاقتصادية، وسيتطلب نقاشها أكثر من دورة.