زيارة عباس كامل لإسرائيل تثير التساؤلات

زيارة عباس كامل لإسرائيل تثير التساؤلات: انقضاء موعدها بدون إعلان إتمامها

03 ديسمبر 2021
كان من المقرر أن يزور عباس كامل غزة (محمود همس/فرانس برس)
+ الخط -

انقضى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من دون الإعلان عن زيارة وزير المخابرات المصرية عباس كامل تل أبيب، كما كان أعلن، مطلع الشهر الماضي، في تصريحات للصحافة الإسرائيلية، على هامش مشاركته في قمة غلاسكو للمناخ. وكان قال يومها إنه "يعتزم الوصول إلى إسرائيل في نهاية الشهر (نوفمبر)، وشرح الخطة المصرية فيما يتعلق بقطاع غزة، واستعادة الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى (حركة) حماس".

وخلت وسائل الإعلام المصرية والإسرائيلية على حد سواء، من أية أخبار تفيد بإتمام أو تأجيل زيارة عباس. ورجح مراقبون أن يكون انشغال دولة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها الأمنية بالملف النووي الإيراني، وتصعيد اللهجة في تل أبيب ضد طهران، التي وصلت إلى حد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، قد عطل زيارة كامل إلى تل أبيب، لا سيما في الوقت الذي جرت فيه اتصالات مصرية إيرانية، لتطوير العلاقات بين البلدين.
صفقة الأسرى تنتظر الموافقة الإسرائيلية
وقالت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ما يتعلق بصفقة الأسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، فإن التصور النهائي والذي وضعته المخابرات المصرية، بعد لقاءاتها المتعددة مع قيادات الفصائل الفلسطينية، لا يزال ينتظر الموافقة الإسرائيلية".

انشغال إسرائيل بالملف النووي الإيراني قد يكون عطل زيارة كامل إلى تل أبيب

وأضافت المصادر أن "الفصائل الفلسطينية ترفض تقديم أي تنازلات في الصفقة، وتشترط الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين حددتهم في مطالبها مقابل الإفراج عن الجنود الإسرائيليين". ورجحت أن يكون "عدم ظهور وزير المخابرات المصرية في تل أبيب نهاية الشهر الماضي، كما كان مقرراً، هو بسبب عدم اكتمال الصفقة، وخشية ألا يكون للزيارة مردود واضح".

وأشارت المصادر إلى أن مصر "مارست ضغوطاً كبيرة على الفصائل الفلسطينية، لمواصلة التهدئة المؤقتة في قطاع غزة، لدفع المخطط العام الذي صاغته المخابرات المصرية لتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني، وإتمام صفقة تبادل الأسرى".

وأضافت أن "الهدوء الذي ساد قطاع غزة على مدار عدة أسابيع، كان نتيجة زيارات وفود رفيعة المستوى من حماس والجهاد الإسلامي إلى القاهرة، ولقاءات مع كامل، وأن المسؤولين في إسرائيل يعلمون جيداً حجم الضغوط المصرية على حماس، ورغبة الأخيرة في إعادة تأهيل القدرات العسكرية التي تضررت في الحرب الأخيرة. لكنهم حتى الآن يرفضون المخطط الذي قدمته حماس إلى مسؤولي المخابرات المصرية في صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل".
الإسرائيليون مطالبون بإنجاز صفقة الأسرى
وبحسب المصادر فإنه كان من المقرر أن يزور رئيس المخابرات المصرية قطاع غزة، بعد أن يلتقي برئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت، ويقدم له الخطوط العريضة للهدنة التي صاغتها مصر. وقالت المصادر إنه "رغم انشغال المسؤولين الإسرائيليين بالتعامل مع الملف النووي الإيراني، إلا أنهم يعلمون جيداً تداعيات استمرار الهدوء في قطاع غزة، واستمرار حماس في العمل على زيادة مدى صواريخها وكمية المتفجرات فيها، وتدريبها على تشغيل الطائرات دون طيار التي تلقتها من إيران، وبالتالي فهم مطالبون بإنجاز الصفقة مع المصريين في أقرب وقت ممكن".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي هذا السياق، أشارت المصادر إلى الدور الكبير الذي أدته القاهرة في "تفويت الفرصة على محاولات تأجيج مواجهة جديدة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، بعد إطلاق صاروخ من قطاع غزة صوب مستوطنة سديروت"، مؤكدة أنّ المسؤولين في مصر كانوا السبب الرئيس وراء تغيير السياسة الإسرائيلية الخاصة بـ"الرد الفوري".

وشددت المصادر على أن "التدخل المصري ساهم في منع التصعيد، خصوصاً في ظل حالة تأهب من جانب الفصائل، عبر تنظيم فعاليات مثل المسيرات الشعبية، وحراك الإرباك الليلي، والمواجهة العسكرية، وكذا في ظل الترقب من جانب "حزب الله" اللبناني لجرّ الجانب الإسرائيلي لمواجهة على أكثر من محور في نفس الوقت".

وكان من المفترض أن يعقد كامل اتفاقاً في تل أبيب نهاية الشهر الماضي، يشمل وقفاً لإطلاق النار طويل الأمد، وتبادلاً لأسرى، ومساعدات إغاثية وإعادة إعمار، وعودة، ولو رمزية، للسلطة الفلسطينية إلى غزة، وذلك بحسب ما أكده كامل لصحافيين إسرائيليين على هامش مشاركته في قمة غلاسكو. وقال إنه "سيزور تل أبيب في وقت لاحق من الشهر الحالي (نوفمبر الماضي)، لإجراء محادثات مع بينت ومسؤولين كبار آخرين"، في ثاني زيارة له منذ أن تولت الحكومة الإسرائيلية الجديدة مهامها في 13 يونيو/ حزيران الماضي. وأكد أن "مصر تجري محادثات بشكل يومي مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بشأن عدة قضايا، بينها (التوصل إلى) اتفاق وقف إطلاق نار محتمل طويل الأمد في غزة".

مصر كانت السبب الرئيس وراء تغيير السياسة الإسرائيلية الخاصة بالرد الفوري

وأشار كامل وقتها إلى أن الاتفاق المأمول سيضم أيضاً تبادلاً لأسرى بين إسرائيل و"حماس"، وهو ما تعمل مصر على التوصل إليه "ليل نهار"، على حد تعبيره. واعتبر أن هذا الاتفاق "يجب أن يبدأ بالإفراج عن سجناء فلسطينيين، مسنين ونساء فلسطينيات في السجون الإسرائيلية". وأضاف: "يجب أيضاً معالجة مسألة إعادة جثتي جنديين إسرائيليين، وإطلاق سراح مدنيين إسرائيليين اثنين تحتجزهما حماس في غزة"، علماً أن الحركة تعتبرهما جنديين لا مدنيين. وتابع كامل أن الاتفاق يتضمن كذلك اتخاذ "المزيد من الخطوات الاقتصادية والإغاثية لصالح المدنيين في غزة".

تخطيط لبناء مدن سكنية في غزة
وفي إطار خطة مصر لإعادة إعمار غزة، قالت المصادر إن القاهرة "تخطط لبناء ثلاث مدن سكنية جديدة في قطاع غزة، الأولى في شمال قطاع غزة وتضم 500 وحدة سكنية، والثانية أيضاً في نفس المنطقة وتضم 700 وحدة سكنية، والثالثة وسط قطاع غزة مكونة من 1500 وحدة سكنية. كما تدرس إنشاء جسرين في منطقة حي الشجاعية في مدينة غزة والآخر في منطقة السرايا".

وبعد أسابيع قليلة من الحرب على غزة في مايو/أيار الماضي، وبعد مفاوضات بين "حماس" ومصر وإسرائيل، دخلت عشرات الجرافات المصرية إلى القطاع، برفقة نحو 70 مهندساً لإعادة إعماره، وسط لوحة إعلانية ضخمة عليها صورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشارع قريش في غزة، الذي يربط الشريط الشمالي بالجنوب. وقامت الجرافات المصرية بإزالة أنقاض المنازل المهدمة من القصف الإسرائيلي، وأعادت رصف شارعين رئيسيين.

ومن المقرر أن يساعد المصريون في بناء بنية تحتية إضافية للطرق، كجزء من منحة أعلن عنها السيسي قدرها 500 مليون دولار لإعادة تأهيل القطاع. والمعروف أن المستفيد الرئيسي من برنامج إعادة إعمار غزة، الذي تتولاه مصر، هي شركة "أبناء سيناء"، المملوكة لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، والذي يشغل أيضاً منصب زعيم قبيلة الترابين وجمعية زعماء العشائر في شمال سيناء، والتي تتعاون مع المخابرات المصرية في ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

تخطط القاهرة لبناء ثلاث مدن سكنية جديدة في قطاع غزة

يشار إلى أن كامل كان زار تل أبيب، في 18 أغسطس/آب الماضي، في زيارة غير مجدولة استغرقت عدة ساعات. وكانت مصادر "العربي الجديد" قد تحدثت عن أن الزيارة الطارئة أتت لبحث ملفات متعلقة بتطورات وتحركات المحور الإيراني في المنطقة بشكل أساسي، وتقاطع تلك التحركات مع الملفات ذات الصلة، مثل الوضع في قطاع غزة، وأمن الممرات المائية، والتعاون مع الخليج، في ضوء اتصالات مصرية إيرانية جرت أخيراً، لتطوير العلاقات بين البلدين.

وأوضحت المصادر أنّ التنسيق بين مصر وإسرائيل بلغ ذروته خلال الفترة الماضية، بعدما تمكنت القاهرة من وقف موجة تصعيد كانت قادمة لا محالة في ظل حالة الاستنفار التي تعيشها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بسبب تأخر الجانب الإسرائيلي في الوفاء بعدد من التعهدات الخاصة بتثبيت الهدنة في القطاع عقب المواجهة الأخيرة من جهة، وتحريض جهات إقليمية على تفجير أزمة جديدة بالمنطقة، في إطار الصراع غير المعلن بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني من جهة أخرى.

المساهمون