زيارة سامح شكري إلى واشنطن: محاولة لاحتواء غضب الكونغرس

زيارة سامح شكري إلى واشنطن: محاولة لاحتواء غضب الكونغرس

13 ابريل 2022
شكري في واشنطن في نوفمبر الماضي (أليكس براندون/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى العاصمة الأميركية واشنطن التي توجه إليها مساء أول من أمس الإثنين، تأتي من أجل محاولة السيطرة على "توتر" تمرّ به العلاقات بين البلدين في الوقت الراهن. لكن تفجر قضية الوفاة الغامضة للباحث المصري أيمن هدهود في مستشفى الأمراض العقلية، بعد نحو شهر من اعتقاله في 3 فبراير/شباط الماضي وإخفائه قسرياً لفترة، في الأيام الماضية قد تفرض نفسها.

تأثيرات المواقف السلبية للكونغرس الأميركي تجاه مصر

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة مع "العربي الجديد"، إنه "من المقرر أن تتخلل زيارة شكري، لقاءات مع عدد من النواب المؤثرين في الكونغرس، بسبب مواقف سلبية صدرت تجاه القاهرة أخيراً".

وأضافت أن "هناك ملفا آخر يتعلق بوجود عدد من الأسلحة والمقاتلات الحربية المصرية، التي حلت مواعيد الصيانات الخاصة بها، وكان مقرراً إرسالها إلى الولايات المتحدة لإجراء عمليات الصيانة، بخلاف الحاجة إلى قطع غيار لعدد آخر من القطع الحربية".

وأوضحت المصادر أن "المسؤولين في وزارة الدفاع المصرية فوجئوا بمماطلة من الجانب الأميركي في الرد على المكاتبات المصرية بشأن عمليات الصيانة والحصول على قطع الغيار، قبل أن يفاجؤوا بالرد بتأجيل تلك الخطوة في الوقت الراهن، نظراً لانشغال واشنطن بما يحدث في أوكرانيا، بسبب الحرب الروسية على الأخيرة".

القاهرة لا ترغب في أي صدامات في الوقت الراهن مع الإدارة الأميركية

وبحسب المصادر، فإن "الرد الأميركي الفاتر، اتضح للقاهرة لاحقاً، أن وراءه موقفا مضادا لمصر في الكونغرس، وهو ما يسعى شكري لاحتوائه خلال زيارته المرتقبة".

وأكدت المصادر أن القاهرة "لا ترغب في أي صدامات في الوقت الراهن مع الإدارة الأميركية، نظراً للظرف الاقتصادي الدقيق الذي تمر به مصر".

وقالت المصادر إن "موقف النواب الأميركيين المضاد لمصر، مرتبط بمجموعة من الأسباب؛ أبرزها مواقف القاهرة من الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم إبدائها موقفاً واضحاً لناحية اتخاذ خطوات داعمة للتحالف الغربي ضد روسيا".

وكانت مصادر مطلعة، تحدثت لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، عن أزمة دبلوماسية وقعت بين القاهرة وواشنطن، بعد لقاء جمع السفير الأميركي لدى القاهرة، جوناثان كوهين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل يوم من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 مارس/آذار الماضي على مشروع قرار أممي يشجب "العدوان على أوكرانيا" ويدعو روسيا إلى سحب قواتها فوراً.

تجاهل النظام المصري مطالبات حقوقية أميركية

من جهة ثانية، كشفت المصادر الدبلوماسية أن من بين الأسباب الأخرى لموقف النواب الأميركيين "تجاهل النظام المصري مجموعة من المطالبات الحقوقية التي تقدمت بها لجان بالكونغرس معنية في هذا الأمر، عبر الخارجية الأميركية".

وترتبط هذه المطالبات، وفق المصادر، "بعدد من النشطاء السياسيين المصريين الذين يقبعون في السجون، بالإضافة لملف الحبس الاحتياطي، الذي يرى نواب ونشطاء حقوقيون أميركيون أنه تحول لعقوبة في حد ذاته، بعدما توسع النظام المصري في استخدامه بحق المعارضين السياسيين منذ يوليو/ تموز 2013، فضلاً عن مسألة المعاملة التي يلقاها النشطاء السياسيون في السجون والتي انتهت أخيراً بإعلان عدد منهم الإضراب عن الطعام".

كما تشمل قائمة المطالب الحقوقية، التي من المقرر أن يحمل شكري توضيحات بشأنها خلال لقاءاته مع النواب الأميركيين، "مطلباً خاصاً بشأن 4 أسماء لأشخاص يحملون الجنسية الأميركية، ويتواجدون بسجون مصر على ذمة قضايا سياسية".

قضية وفاة الباحث أيمن هدهود

وأكدت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "شكري يتوقع أن يثير المسؤولون الأميركيون الذين من المقرر أن يلتقي بهم في واشنطن، قضية وفاة الباحث المصري أيمن هدهود".

وقالت المصادر إن قضية هدهود "تتشابه مع قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل في مصر بين تاريخ اختفائه في 25 يناير/كانون الثاني 2016 (الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير) والعثور على جثته مشوهة في صباح 3 فبراير في منطقة صحراوية في مدينة 6 أكتوبر في القاهرة الكبرى".

ولذلك "فمن المؤكد أن قضية هدهود لفتت أنظار الحكومات والهيئات والمؤسسات في الدول الغربية، ومن بينها الولايات المتحدة، التي يزورها شكري"، وفق المصادر.

ولفتت المصادر إلى أن "أكثر ما تخشى منه الحكومة المصرية في الوقت الحالي، في ما يتعلق بحملات الهجوم الغربية على النظام بسبب ملف حقوق الإنسان، هو قضية وفاة هدهود، التي ضربت كل جهود النظام لرسم صورة إيجابية عن نفسه لدى الدول الغربية في مجال حقوق الإنسان، وهي الجهود التي تتم من خلال خطة يسير عليها المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)".

وقالت المصادر إن البيان الأخير لـ"المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الذي قال فيه إنه "يتابع عن كثب تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة الدكتور أيمن هدهود، وإن رئيسة المجلس مشيرة خطاب، طالبت بضرورة شمول تحقيقات النيابة العامة لكل ما أثير حول ادعاء تعرّض هدهود للاختفاء القسري قبل وفاته، هدفه امتصاص صدمة وفاة الباحث المصري المروعة، ومنح النظام ورقة يمكن أن يراوغ بها عند مواجهته بالقضية".

وأوضحت المصادر أنه "بطبيعة الحال، هذه الورقة (بيان مجلس حقوق الإنسان) في حقيبة وزير الخارجية سامح شكري الذي يزور الولايات المتحدة، إضافة إلى الورقة التي عادة ما يستخدمها وهي عبارة أن القضية في يد القضاء، عند مواجهته بأوضاع حقوق الإنسان في مصر".

وكانت مصادر مصرية خاصة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة المصرية لم تنفذ حتى الآن مجموعة طلبات لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ولذلك قررت الأخيرة حرمان مصر من مساعدات عسكرية بقيمة 130 مليون دولار.

وقالت المصادر إن "موضوع طلب الإفراج عن قائمة تضم 16 شخصاً معتقلاً في مصر، معروف، ونوقش في جلسة لإحدى لجان الكونغرس الأميركي، وجاء كشرط للإفراج عن المعونة".

ومن بين الأسماء الموجودة على القائمة، وفق المصادر، رئيس حزب "مصر القوية" والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، عبد المنعم أبو الفتوح، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، ومعتقلو "قضية الأمل" المتهم فيها صحافيون ومحامون ونشطاء.

والجدير بالذكر في هذا السياق، أن عائلة علاء عبد الفتاح، أعلنت أول من أمس الإثنين، حصوله على الجنسية البريطانية.

وفي السياق، قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إن حصول عبد الفتاح على الجنسية البريطانية، خطوة في طريق الإفراج عنه، بحال تنازله عن الجنسية المصرية، كما حدث مع الناشطين محمد سلطان الذي كان يحمل الجنسيتين الأميركية والمصرية وكان يواجه حكماً بالسجن المؤبد، قبل أن يتنازل عن جنسيته المصرية ويتم ترحيله إلى الولايات المتحدة. وكذلك الناشط رامي شعث الذي يحمل الجنسيتين المصرية والفلسطينية، بعد أن تنازل عن الأولى.

يسود اعتقاد لدى النواب الديمقراطيين في الكونغرس بأن الفترة الراهنة تعدّ الأنسب لإلزام النظام المصري بالنظر بإيجابية تجاه الملاحظات الحقوقية

لقاءات لشكري مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي

ووفقاً للمصادر الدبلوماسية التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، من المقرر أن يلتقي شكري مسؤولين في صندوق النقد الدولي، للتباحث معهم بشأن دفعة المساعدات العاجلة المقررة للدول الأكثر تأثراً من الحرب الروسية الأوكرانية.

إذ سيسعى شكري لإدخال مصر ضمن تلك الفئة، نظراً للتأثيرات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على مصر، والتي طاولت قطاعي الطاقة والأمن الغذائي، إذ تعتمد مصر بنسبة 80 في المائة من احتياجاتها من صادرات القمح على روسيا وأوكرانيا.

وتأتي مهمة "احتواء التوتر" التي يسعى شكري لتنفيذها، في ظل تصاعد مطالبات بربط تقديم الدعم الاقتصادي والمساعدات لمصر، بالتعاطي الإيجابي للنظام المصري مع الملاحظات الدولية على الأوضاع في بلاده، إذ يسود اعتقاد لدى النواب الديمقراطيين في الكونغرس بأن الفترة الراهنة تعدّ الأنسب لإلزام النظام المصري بالنظر بإيجابية تجاه الملاحظات الحقوقية.

والأسبوع الماضي، طالبت سبع منظمات حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، في بيان مشترك، صندوق النقد الدولي، بربط أي برنامج قروض يوقعه مع مصر، بتوفير حماية اجتماعية وتعزيز استقلالية القضاء والتصدي للفساد واعتماد الشفافية، بما يشمل الشركات المملوكة للقوات المسلحة.

كما طالبت المنظمات السبع في بيانها، بإلغاء إدانة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، بتهمة نشر أخبار كاذبة.

وربط البيان بين ما اعتبره توسعاً اقتصادياً شرساً للجيش، وقمع نخبة رجال الأعمال الذين يُعتبرون معارضين سياسيين، ومنهم صفوان ثابت مؤسس شركة جهينة للألبان، المحبوس منذ ديسمبر/ كانون الأول 2020 على خلفية اتهامه بـ"تمويل الإرهاب، ومشاركة جماعة أُسست على خلاف القانون، أغراضها"، وكذلك نجله سيف المحبوس منذ فبراير/شباط من العام الماضي بتهم مشابهة.

ويأتي ذلك مواكباً أيضاً لمطالبات لصندوق النقد الدولي، بتبني استراتيجية لدفع الحكومة المصرية لترشيد النموذج المالي والاقتصادي للاقتصاد العسكري، بما يتماشى مع توصيات الصندوق العامة لمصر.

وتعد مصر أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي عام 2020. وتخوض الحكومة المصرية حالياً مفاوضات للحصول على قرض جديد من الصندوق بعدما اقترضت بالفعل 20 مليار دولار عبر ثلاثة برامج في الفترة بين 2016 و2020.

وبحث ‫سامح شكري، بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في مصر، أول من أمس الإثنين في القاهرة، مع الممثل الخاص الأوروبي لحقوق الإنسان إيمون جيلمور، الجهود الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان والتطورات الخاصة بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، في تغريدة على "تويتر"، إن "اللقاء يأتي في إطار الحوار والتشاور مع الشريك الأوروبي".

المساهمون