زيارة بومبيو للجولان المحتل: آخر الهدايا لنتنياهو وتوظيف لضعف النظام

زيارة بومبيو للجولان المحتل: آخر الهدايا لنتنياهو وتوظيف لضعف النظام

21 نوفمبر 2020
زيارة بومبيو للجولان هي الأولى لوزير خارجية أميركي (باتريك سيمانسكي/فرانس برس)
+ الخط -

أعلن النظام السوري، على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، وفق ما نقل الإعلام التابع للنظام، إدانته لزيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مستوطنات في الجولان السوري المحتل، والتي استبقتها إسرائيل بساعات بقصف 8 مواقع تتبع لـ"فيلق القدس" الإيراني جنوب دمشق وبالقرب من المطار الدولي للعاصمة يوم الأربعاء الماضي. بينما التزم النظام الصمت إزاء اللقاء الثلاثي الذي عقده بومبيو الأربعاء في القدس المحتلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني الذي تعد زيارته الأولى لمسؤول بحريني إلى إسرائيل.

وزار بومبيو أول من أمس الخميس هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل، في سابقة هي الأولى لوزير خارجية أميركي، وتندرج في إطار زيارة رسمية يقوم بها إلى إسرائيل. واختار بومبيو كلماته بدقة خلال الزيارة، قائلاً: "لا يمكن الوقوف هنا والتحديق عبر الحدود، وإنكار أمر أساسي يكمن في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترف بأن هذا الجزء من إسرائيل".


الزيارة رسالة لنظام بشار الأسد بأنّ الجولان بات "أرضاً إسرائيلية"

وكعرفان برد الجميل للأميركيين وعشية زيارة بومبيو، أقامت سلطات الاحتلال بيوتاً مسبقة الصنع في المكان الذي أعلنت فيه حكومة نتنياهو إنشاء مستوطنة تحمل اسم ترامب في الجولان السوري المحتل. وكان ترامب وقّع في 25 مارس/آذار من العام الماضي، أمراً تنفيذياً ينصّ على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وسبق ذلك بأيام، تغريد ترامب عبر تويتر قائلاً إنه "بعد 52 عاماً، حان الوقت للولايات المتحدة أن تعترف بكامل سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي تتسم بأهمية إستراتيجية وأمنية بالغة لها وللاستقرار الإقليمي". وجاء كل ذلك عقب صدور التقرير السنوي للخارجية الأميركية عن حقوق الإنسان في العالم، والذي نزع للمرة الأولى صفة الاحتلال عن الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية والجولان.

وتأتي زيارة بومبيو للجولان المحتل كتأكيد على قرار ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هذه المنطقة، وتماشياً مع مساعي دولة الاحتلال لشرعنة سيطرتها عليها. كما لا يمكن فصل الزيارة عن الرغبة بتوجيه رسالة لنظام بشار الأسد، بأنّ الجولان بات "أرضاً إسرائيلية"، وإذا أراد أن يطبّع علاقاته مع إسرائيل، عليه أن يدرك أنّ ورقة الجولان باتت من الماضي ولا يمكن استخدامها للمقايضة وفق المبدأ الذي سارت عليه المفاوضات السابقة "الأرض مقابل السلام".

في السياق، رأى المحلل السياسي من الجولان المحتل، سلمان فخر الدين، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ "زيارة بومبيو وقبلها إعلان ترامب السيادة الإسرائيلية على الجولان، ليست استثناءً عن سياسات الولايات المتحدة، وهي تتويج لمرحلة جديدة من الاستهتار بالقانون الدولي، ولا سيما في ضوء الضعف العربي". ورأى أنّ إدانة النظام للزيارة "لا تحمل تأثيراً"، معتبراً أنّ "لا أحد يسأل النظام عن رأيه، وهو غير مهم في ظلّ تطورات السنوات العشر الماضية بشكل خاص. كما أنه ليس بعيداً عن القبول بالأمر الواقع، فما يهمه هو تثبيت حكمه".


نجار: عائلة الأسد مستعدة لتقديم المزيد من التنازلات مقابل البقاء في الحكم

كذلك، رأى فخر الدين أنّ زيارة بومبيو "ليست بعيدة عن مخرجات لقاء القدس لمستشاري الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل الذي عقد قبل نحو عام، والذي أقرّ خطوطاً عريضةً لمستقبل سورية، انطلاقاً من ضمان أمن إسرائيل، وإبعاد مليشيات إيران عن الحدود، استناداً إلى اتفاق الجنوب السوري في العام 2018 والذي كانت إسرائيل طرفاً فيه بحسب ما أعلن نتنياهو". وقال إنه "حين تجتمع روسيا وأميركا وإسرائيل لن يكون شغلها مصلحة السوريين، وإنما ستكون الاجتماعات في إطار الهيمنة الإسرائيلية".

من جهته، قال السياسي والوزير في الحكومة السورية المؤقتة سابقاً، محمد ياسين نجار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ زيارة بومبيو إلى الجولان هي "لإنهاء توظيف الملف من قبل نظام الأسد كورقة تفاوضية تجعله مستمراً في الحكم وفق سياسة تعتمد التصريحات العلنية ذات السقف المرتفع، ويقابلها إقرار ضمني بسيطرة إسرائيلية على المرتفعات". واعتبر أنّ إدانة النظام زيارة بومبيو "شكلية، إذ إنّ عائلة الأسد مستعدة لتقديم المزيد من التنازلات مقابل البقاء في الحكم".

واستبقت إسرائيل زيارة بومبيو إلى الجولان المحتل بشنّ غارات على 8 مواقع تتبع "فيلق القدس" الإيراني بالقرب من دمشق، لتؤكد مجدداً أنها لن تسمح بمواصلة التموضع الإيراني في سورية عامة، وعلى الحدود مع الأراضي المحتلة خاصةً. وأيضاً تحميل النظام مسؤولية هذا التموضع، إذ باتت الغارات تستهدف مواقعه، وهي مشرعنة أميركياً وروسياً أيضاً، وهذه سابقة لم تكن تحدث قبل الاتفاقيات بين الدول الثلاث، وبعد أن أصبح الجولان في السياسة الأميركية "أرضاً إسرائيلية"، ومجال حماية هذه الأرض هو العمق السوري، بحسب ما ترسمه صواريخ دولة الاحتلال وليس القرارات الدولية.