زيارة بن سلمان إلى مصر: المساعدات وترتيب لوضع إقليمي جديد

زيارة بن سلمان إلى مصر: المساعدات وترتيب لوضع إقليمي جديد

21 يونيو 2022
بن سلمان مستقبلاً السيسي في مطار الرياض، مارس الماضي (الأناضول)
+ الخط -

قالت مصادر مطلعة على مسار العلاقات المصرية الخليجية إن الجولة الإقليمية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي بدأها أمس الإثنين من مصر قبل أن يزور الأردن وتركيا، سوف تشهد ترتيبات جديدة خاصة بالوضع الإقليمي، قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، المقررة بين 13 و16 يوليو/تموز المقبل.

واستبقت المصادر وصول ولي العهد السعودي إلى القاهرة أمس الإثنين بالقول إن "الحكومة المصرية ستعرض خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى مصر بعض أصول الدولة على ولي العهد، من أجل شراء حصص فيها، كاستثمارات مقابل الودائع السعودية الموجودة لدى المصرف المركزي المصري".

وأشارت المصادر إلى أنه على وقع تأثيرات الأزمات التي خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية، أصبحت القاهرة "غير قادرة على الوفاء ببعض التزاماتها من دون مساعدات عاجلة من الحلفاء الخليجيين، خلاف القروض الدولية".

قدمت كل من السعودية والإمارات إلى مصر، في مايو الماضي، ما مجموعه 4 مليارات دولار في صورة مساعدات عاجلة

ورأت المصادر، أن عرض شراء الحصص "سوف يحدث ترجمة لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أطلقها خلال افتتاح مشروع الألبان في محافظة المنوفية" في 13 يونيو/حزيران الحالي، عندما دعا دول مجلس التعاون الخليجي لتحويل "ودائعها" في مصر إلى استثمارات. وتوقعت المصادر "أن يستجيب الأمير محمد بن سلمان إلى طلبات الحكومة المصرية، كبادرة من أجل التوافق على قضايا إقليمية أخرى قبل زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة"، المقررة في 15 و16 يوليو. 

وفي هذا الصدد، كشفت المصادر عن أن "كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات قدمتا إلى مصر، خلال شهر مايو/أيار الماضي، ما مجموعه أربعة مليارات دولار في صورة مساعدات عاجلة"، بعد ما وصفته المصادر بـ"استغاثات مصرية نتيجة الوضع الاقتصادي المتأزم". 

وأوضحت المصادر أن القاهرة "كانت في حاجة ماسة إلى تغطية عمليات شراء عاجلة لاحتياجات غذائية شهرية خاصة بعدد من السلع الاستراتيجية، في مقدمتها القمح وأنواع أخرى من الحبوب". 

وأشارت المصادر إلى أن الفترة الماضية "كانت تشهد مفاوضات مكثفة مع عدد من البلدان الخليجية، في مقدمها قطر والسعودية والإمارات، من أجل سرعة إنجاز عمليات استحواذ من جانب الدول الثلاث، على استثمارات ومشروعات في مصر، بهدف ضخ سيولة دولارية عاجلة في الاقتصاد المصري، حتى يتم السماح بدفع الالتزامات الشهرية الخاصة بالسلع الاستراتيجية". 

وأكدت المصادر أن الأزمة الراهنة باتت تكمن في عدم قدرة النظام على استكمال خطط تخفيض الدعم على عدد من السلع والخدمات، في ظل تقارير الأجهزة السيادية التي حذرت من حالة الغليان في الشارع المصري بسبب الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة قطاعات كبيرة من المواطنين على الوفاء بالتزاماتهم. 

وأدلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتصريحات لصحافيين على هامش افتتاح أحد مشروعات الإنتاج الحيواني، الأسبوع الماضي، طالب خلالها دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية والإمارات، بتحويل "ودائعها" في مصر إلى استثمارات. وقال السيسي: "بما يخص الأشقاء في الخليج، أنتهز الفرصة لأقدم الشكر لهم على تحركهم معنا، من دون أن نطلب منهم ذلك". 

وقال أحد المصادر إنه "رغم أن كلا من الرياض وأبوظبي كانتا قد اتخذتا قرارات بتغيير شكل الدعم للنظام المصري من ودائع ومساعدات إلى استثمارات، عبر الاستحواذ على مشروعات اقتصادية كبرى، إلا أن صعوبة الموقف أجبرت البلدين على تقديم المساعدة العاجلة". وأضاف أنه "عندما استشعر النظام المصري أن الوضع غير قابل للتحسن سريعاً في ظل تعثر مفاوضات صندوق النقد الدولي للحصول على القرض الجديد، بدأ في البحث عن وسائل يمكن من خلالها أن تحصل القاهرة على دعم خليجي جديد". 

ولفتت المصادر إلى أن "بعض الآراء الصادرة أخيراً عن شخصيات مصرية تتمتع بثقة الخليجيين، وفي مقدمتهم الإعلامي عماد الدين أديب، ومقاله الذي نشره، أخيراً، ويحث فيه القوى التقليدية الخليجية على تقديم يد العون لمصر، جاء بطلب مباشر من دائرة الرئيس المصري المقربة". 

وتحت عنوان "مصر: من يعوّض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية؟"، كتب أديب أن القاهرة "تنتظر من أشقائها في الخليج ألّا تُترك وحدها في مجابهة الأزمة الاستثنائية الضاغطة التي تهدّد الاستقرار السياسي في البلاد"، مؤكداً أن الحرب "تسببت في زيادة 25 مليار دولار على الموازنة المصرية، وأن هذه الزيادة قد تهدد مستقبل العلاقات المصرية الخليجية". 

وحذّر الإعلامي المقرب من الأجهزة السيادية المصرية من "النزوح المصري إلى الخليج وأوروبا إذا لم توفر الدول العربية إمدادات طاقة كافية بأسعار ميسرة وبتسهيلات تتعلق بالمدة إلى مصر". 

 ستعرض الحكومة المصرية بعض أصول الدولة على بن سلمان من أجل شراء حصص بها

وقلّل أديب من "أهمية الدعم العربي لمصر عبر ودائع دولارية في المصرف المركزي المصري، لأنه مجرد مسكّن للآلام، بينما يكمن الحلّ الجذري في توفير شحنات من الطاقة بأسعار مقبولة وتسهيلات في الدفع مع فترة سماح، ودخول استثمارات خليجية في الاقتصاد المصري". 

ووفقاً للمصادر، فإن "ما عبّر عنه أديب في مقاله الأخير، كان محل نقاش خلال اجتماعات رسمية رفيعة المستوى لمسؤولين في الدائرة المقربة للرئيس المصري". ولفتت إلى أن "كافة المقترحات المتعلقة بالتعامل العاجل مع الأزمة اتجهت نحو دول الخليج، بضرورة البحث عن وسيلة لإقناعهم بتقديم الدعم العاجل والسريع للحكومة المصرية لحين التوصل إلى صيغة مناسبة مع صندوق النقد الدولي تسمح للقاهرة بالحصول على القرض المطلوب، والذي يتراوح بين 10 و12 مليار دولار، من دون التقيد بالشروط المقترحة من إدارة الصندوق". 

ووضع أديب مجموعة من السيناريوهات التي وصفها بـ"الكارثية"، وحدد أهمها أنه "سيصب في مصلحة الدول غير العربية الشرق أوسطية "إيران وتركيا وإسرائيل"، وسيؤدي إلى إعادة حالة الفوضى التي صاحبت سابقاً أحداث يناير/كانون الثاني 2011"، في إشارة إلى اندلاع الثورة المصرية ضد نظام حسني مبارك.

وفي سياق زيارة بايدن إلى المنطقة، لفتت المصادر إلى أن "الطلبات السعودية في القمة الأميركية، في ما يخص القضايا الإقليمية، يتركز معظمها حول ضرورة مواجهة خصم السعودية الأول في المنطقة، إيران، بالإضافة إلى الطلب الأساسي وهو ضمان مستقبل الحكم في المملكة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان". 

وأضافت المصادر أنه "في سبيل ذلك، سوف تحاول المملكة حشد أكبر تأييد لمطالبها، وبالطبع تأتي مصر في المقدمة، ولذلك فإن الرياض ستكون حريصة الآن على تلبية مطالب النظام المصري". 

وتابعت المصادر أنه "في مقابل ذلك، ستتركز المطالب الأميركية أولاً حول ضمان إمدادات الطاقة من دول الخليج بكميات تعوض الفاقد في السوق العالمية جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، وثانياً حول ضمان استقرار العلاقات العربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتوسع فيها لتضم دولاً أخرى، على رأسها السعودية". 

أما مصر فتوقعت المصادر أن "تركز كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة الأميركية المرتقبة في المملكة، والمقررة في 16 يوليو المقبل، على الصعوبات التي تواجهها مصر في ظل الأزمة العالمية التي تسببت بها الحرب الروسية - الأوكرانية، إضافة إلى الحديث المكرر عن مواجهة الإرهاب والتطرف". 

المساهمون