زيادة المهاجرين المصريين غير النظاميين: أين "الدور المحوري" للقاهرة؟

زيادة المهاجرين المصريين غير النظاميين: أين "الدور المحوري" للقاهرة؟

27 ديسمبر 2022
مهاجرون غير نظاميين، معظمهم مصريون، كالابريا الإيطالية، 2021 (Getty)
+ الخط -

عاد الحديث في الإعلام الغربي خصوصاً، عن ظاهرة الهجرة غير النظامية التي تخرج من مصر إلى أوروبا، في ظلّ نتائج اقتصادية كارثية للحرب الروسية في أوكرانيا، وتضرر مصر بشدة منها، وبعدما فقد الجنيه المصري أكثر من ثلث قيمته مقابل الدولار الأميركي هذا العام وحده (تخطى أمس الإثنين 24 جنيهاً مقابل الدولار الواحد بحسب السعر الرسمي). كما يأتي ذلك وسط مراوحة الأوضاع مكانها في ليبيا التي تُعتبر ممراً أساسياً لحركة الهجرة غير النظامية للأفارقة إلى أوروبا، ومن ضمنهم المصريين. 

أوروبا تواجه عودة ارتفاع أعداد المهاجرين

وذكرت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، التابعة للاتحاد الأوروبي، "فرونتكس"، قبل أيام، أن عدد المهاجرين الذين دخلوا التكتل بشكل غير نظامي زاد على نحو كبير سنوياً. 

وفي الأشهر الـ11 الأولى من عام 2022، عبر نحو 308 آلاف شخص الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني، بزيادة 68 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها في عام 2021، وهو أعلى مستوى منذ عام 2016، طبقاً لما أعلنته الوكالة. 

يراوح الوضع مكانه في ليبيا التي تُعتبر ممراً أساسياً لحركة الهجرة غير النظامية للأفارقة إلى أوروبا

وأضافت الوكالة أن منطقة غرب البلقان كانت مرة أخرى "طريق الهجرة الأكثر نشاطاً إلى الاتحاد الأوروبي"، والتي سجلت حوالي 140 ألف عبور غير قانوني في المنطقة، بزيادة 152 في المائة مقارنة بعام 2021. 

وشهدت إيطاليا أيضاً زيادة كبيرة في وصول المهاجرين غير النظاميين، حيث سجلت وزارة الداخلية الإيطالية وصول أكثر من 98 ألف مهاجر على متن قوارب، بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول الحالي، بارتفاع من حوالي 63 ألفاً بين يناير/كانون الثاني وديسمبر 2021. ومن جهة أخرى، وصل حوالي 17 ألف شخص إلى اليونان وقبرص على التوالي حتى الآن هذا العام. 

وانتشرت خلال الأيام الماضية مقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، لمشاهد تكدّس مهاجرين مصريين أمام مركز شرطة "كستورا" في مدينة ميلانو الإيطالية، يسعون إلى تقديم أوراق طلبات لجوء.

وتزامناً مع تقرير نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في 18 ديسمبر الحالي، تحدثت فيه عن "مخاطر هجرة جديدة غير نظامية نحو أوروبا"، لافتة إلى أن أعداد الشباب المصريين الباحثين عن الهجرة في تزايد، نشرت وكالة الأنباء الرسمية المصرية (أ. ش. أ) في 25 ديسمبر الحالي، تقريراً حول ما قالت إنها "جهود وزارة الخارجية في تأمين المصالح والأهداف الوطنية في الخارج مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمصر، ومحددات السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ خطاب التنصيب في يونيو/حزيران 2014". 

وركّز تقرير وكالة الأنباء الرسمية المصرية، في جزء منه، على ما وصف بـ"الدور المحوري المصري على صعيد ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، خصوصاً في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب"، بحسب الوكالة. 

الفقر في مصر يعزّز الهجرة

وقدّرت أحدث الإحصاءات الرسمية حول معدل الفقر في مصر، منذ ثلاث سنوات على الأقل، أن ما يقرب من ثلث البلاد يعيش تحت خط الفقر. وتسببت إجراءات التقشف التي فرضها السيسي، بإحداث فجوة عميقة بين النخب المدعومة من الدولة وزيادة أعداد المواطنين المصريين الذين يكافحون الآن من أجل البقاء. 

ويقول سياسي مصري بارز وقيادي حزبي سابق، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "السياسة الخارجية المصرية منذ وصول السيسي إلى السلطة في عام 2014، اعتمدت بشكل كبير على استخدام ورقة المهاجرين غير النظاميين، ودور مصر في حماية أوروبا من تدفق اللاجئين، في تحقيق المكاسب من الدول الغربية التي تعترف بذلك الدور المصري". 

التمويل الأوروبي المربح لقوات الأمن المصرية، تراجع قليلاً في الفترة الأخيرة

وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقّع الاتحاد الأوروبي أحدث سلسلة من الصفقات مع مصر تهدف إلى الحد من الهجرة، وكان ذلك بمنحة قدرها 80 مليون يورو لتعزيز قوات خفر السواحل والقوات البحرية المصرية ووقف تدفق المهاجرين. 

ويتضمن التمويل أيضاً، حسب وثيقة نشرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شراء معدات مراقبة مثل سفن البحث والإنقاذ والكاميرات الحرارية وأنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية. 

وتقول الوثيقة إن مصر "تشهد (تدفقات كثيفة) من المهاجرين على المدى المتوسط إلى الطويل بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ والتحولات الديموغرافية وتراجع الفرص الاقتصادية". 

ويلفت السياسي المصري إلى أن "التمويل الأوروبي المربح لقوات الأمن المصرية، تراجع قليلاً في الفترة الأخيرة، حيث ضعفت الجهود الغربية في وقف شبكات التهريب المتمركزة الآن بشكل أساسي في ليبيا". ويضيف أنه "في مارس/آذار الماضي، أعلن الجيش الألماني وقف برنامج مثير للجدل لتدريب أفراد من خفر السواحل الليبي، تمّ تشكيله من المليشيات حول سواحل البلاد، بسبب معاملتهم التعسفية للمهاجرين". 

وتقول الوثيقة التي نشرها الاتحاد الأوروبي إن مصر "تتعامل حتى الآن مع الهجرة غير النظامية في الغالب من منظور أمني، وأحياناً على حساب الأبعاد الأخرى لإدارة الهجرة، بما في ذلك حماية المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء القائمة على الحقوق". وتشير الوثيقة إلى أن البرنامج "يسعى إلى تطوير قدرة وزارة الدفاع المصرية والجهات الحكومية وجهات المجتمع المدني المعنية اتباع مناهج قائمة على الحقوق وموجهة نحو الحماية وتراعي الفروق بين الجنسين في إدارة الحدود". 

ويقول محمد الكاشف، محامي حقوق الإنسان وخبير الهجرة لدى "ووتش ذا ميد" وشبكة الهجرة "ميغرأوروب" التي تتخذ من باريس مقراً لها، لـ"ذا غارديان": "نرى الآن أن المزيد من المصريين يصلون إلى أوروبا بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي هناك. هؤلاء أشخاص عاديون، ظلوا بعيدين عن الأمل، وهم ليسوا جزءاً من أي حركة سياسية، وصدّقوا وعود السيسي على مرّ السنين حتى تجاوزت العملة 20 جنيهاً مصرياً، بعدما كان الدولار يساوي 6 جنيهات ونصف الجنيه عندما وصل إلى السلطة". 

ويلفت الكاشف إلى أن "الاتحاد الأوروبي على استعداد للذهاب بعيداً من أجل إغلاق حدوده وإغلاق المعابر"، معتبراً أنه "في حين أنه مستعد لفتح الأبواب في حالات مماثلة للسوريين والأوكرانيين، لأنهم يحتاجون إلى أشخاص للعمل ودفع الضرائب، فهم ليسوا سعداء باستقبال الأفارقة الأفقر والاستثمار فيهم". 

المساهمون