ادّعى زعيم مليشيا "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، أنّ قيادة الكرملين قد تأمر بتوجيه "ضربة نووية تكتيكية" ضمن بلدة روسية حدودية تشهد اقتحامات متكررة من قبل عناصر "فيلق المتطوعين الروس" ذي التوجهات النازية، و"فيلق حرية روسيا" ذي التوجهات القومية المتشددة، وكلاهما يقاتل في صف أوكرانيا. جاءت تصريحات بريغوجين المبطنة بنبرة ساخرة في مقابلة مع قناة "دونباس اليوم"، وجّه خلالها تهديدات غير مباشرة إلى قيادة الجيش الروسي.
ويبدو أن ما كان اقتحامًا خاطفًا يوم الثاني والعشرين من مايو/أيار الماضي -حينما أعلن مقاتلو الفيلقين أنهما سيطرا على بلدة روسية في بيلغورود لساعات- أصبح مشهدًا يوميًّا، رغم أن استهداف الأراضي الروسية كان ضمن الخطوط الحمراء التي أرستها القيادة الروسية في بداية الحرب، ووضعتها تحت طائلة الزر النووي.
وينشر الفيلقان، بشكل يومي، مقاطع مصوّرة على قناتيهما في "تليغرام" لتوغلاتهما داخل الأراضي الروسية، تحديدًا بيلغورود، حيث ما زالت القوات الروسية عاجزة عن تأمين الحدود، ناهيك عن الهجمات الصاروخية اليومية، والتي دفعت السلطات المحلية إلى إخلاء قرى في المنطقة.
ويبدو أن الوضع في الجبهة الروسية على درجة من السوء إلى درجة أن حاكم بيلغورود أقرّ بأسر جنديين روسيين في المنطقة، وأن توغلات المتمرّدين انتقلت من أساليب التسلل والزحف عبر أنفاق، كما يظهر مقطع فيديو نشره أحد السكان المحليين، إلى التحرك عبر دبابات وآليات مدرعة في عمق الأراضي الروسية.
في ظلّ هذه المعطيات، لم يستبعد زعيم "فاغنر" أن القيادة الروسية تعدّ لحلّ معضلتها الحدودية عبر أسلحة غير تقليدية. وقال بريغوجين، في مقابلة مع قناة "دونباس اليوم" على "تليغرام"، الأربعاء: "قد يكون ذلك (استخدام السلاح النووي) السبب وراء تخلينا عن أراضٍ في منطقة بيلغورود؛ نحن خائفون جدًّا من ضرب أراضيهم، ولكن ليس أراضينا".
وأضاف، في نبرة ازدراء للقيادة الروسية، أن "إلقاء القنبلة على أرض أجنبية أمر مخيف؛ لكن بوسعنا ضرب أراضينا لإظهار كم نحن مرضى وذهانيون. القوات الأوكرانية ربما تحتل الآن قرية روسية صغيرة، وهذا هو المكان الذي ستوجّه فيه روسيا ضربتها النووية التكتيكية"، مستدركًا: "هذا إن كان ذلك السلاح لا يزال يعمل؛ بالنظر إلى الطريقة التي يحافظون فيها على الأسلحة الأخرى".
ومضى بريغوجين إلى القول: "إذا لم يحدث ذلك (استخدام النووي)، واستمر الوضع بالتدهور، فسنذهب إلى بيلغورود"، مردفًا، في رسالة تهديد لقيادة الجيش الروسي: "بيلغورود ليست ببعيدة عن روبليفوسكا (حي النخبة في موسكو)، وفرانزينسكايا (مقر وزارة الدفاع).. ماذا لو ذهبنا إلى هناك لنطلب مزيدًا من الذخيرة؟".
وكانت مشكلة الذخيرة هي ما فجّرت غضب بريغوجين على وزارة الدفاع حتى رأس الهرم، الوزير سيرغي شويغو، الذي اتهمه بـ"الخيانة" لعدم إرساله إمدادات السلاح في أوقات حرجة أثناء الحملة على باخموت، قبل أن يعلن انسحابه منها نهاية الشهر الماضي وتسليم مواقع "فاغنر" للقوات الشيشانية.
وقبل يومين، انتقل الصراع بين زعيم "فاغنر" والجيش من ساحة الكلام إلى المواجهة المباشرة؛ إذ أعلن بريغوجين أسر كولونيل في الجيش، وعرض اعترافات له بزرع ألغام في طريق انسحاب مقاتلي "فاغنر" من باخموت؛ متحدّثًا أيضًا عن كمين أعدّه الجيش لوحداته دفعها للرد بإطلاق النار؛ في اشتباك روسي روسي هو الأول من نوعه خلال الحرب الأوكرانية.