زامير للمستوى السياسي: نقص الجنود يمنع تحقيق الطموحات في غزة

14 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 11:24 (توقيت القدس)
آثار غارة إسرائيلية على مخيم جباليا شمالي غزة، 13 إبريل 2025 (بشار طالب/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، عن تكثيف العمليات في غزة، مشيرًا إلى نقص الجنود الذي يعيق الأهداف السياسية والعسكرية، مع رفض الحكومة اتخاذ خطوات سياسية موازية.

- يطبق الجيش خطة "أورانيم الصغرى" لتوسيع المنطقة العازلة، بهدف الضغط على "حماس" لإطلاق سراح المحتجزين، مع سياسة تعتيم لتجنب كشف النيات، حيث قد يستغرق احتلال غزة بالكامل سنوات.

- الوضع الحالي يوفر هدوءًا نسبيًا للإسرائيليين ويقلل استنزاف الاحتياط، بينما تستمر "حماس" في السيطرة على القطاع، مع تحقيق في إمكانية حصولها على شحنات عسكرية خارجية.

رفضت الحكومة التقدّم بخطوة سياسية تشمل استبدال حكم "حماس"

يقترح زامير على المسؤولين السياسيين التخلّي عن بعض أوهامهم

يسعى زامير لهزيمة "حماس" عسكرياً من خلال عملية برية كبيرة

قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجديد إيال زامير، الذي أعلن منذ اليوم الأول لتسلّمه منصبه تكثيف العدوان وحرب الإبادة على غزة، إن هناك نقصاَ في عدد الجنود، الأمر الذي يحول دون تحقيق طموحات الاحتلال في القطاع.

وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الاثنين، بأن زامير تحدّث في المناقشات الأخيرة مع المستوى السياسي عن النقص في القوى القتالية في الجيش، وحذّر من أنه لا يمكن تحقيق كل طموحات السياسيين في الحكومة، ذلك لأنه خلال العملية الحالية، يعتمد المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) فقط على قوات الجيش الإسرائيلي، وليس على خطوة سياسية مكملة. وبهذا، تآكلت "إنجازات" الجنود لأن الحكومة رفضت التقدّم بخطوة سياسية تشمل استبدال حكم "حماس"، التي لا تزال تواصل السيطرة على قطاع غزة، حتى بعد مرور عام ونصف العام على اندلاع الحرب.

وشبّهت الصحيفة العبرية عمليات جيش الاحتلال وخططه في غزة في هذه الفترة، بما كان في لبنان، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً العمليتين العسكريتين "أورانيم الصغرى" و"أورانيم الكبرى"، اللتين احتفظت بهما هيئة أركان جيش الاحتلال في حينه لحالات الضرورة، وأمر أرييل شارون لدى تعيينه وزيراً للأمن عام 1981 بالاستعداد لهما. وتتعلق الأولى بجنوب لبنان، بما في ذلك مدينتا صور وصيدا، والثانية باحتلال مناطق في وسط لبنان حتى شمال طريق بيروت ـ دمشق، بغية بتر التواصل الجغرافي بين المدن اللبنانية ومنطقة الجنوب.

ووفقاً للصحيفة العبرية، فإن جيش الاحتلال يطبّق منذ شهر خطة "أورانيم الصغرى"، بل أورانيم "صغيرة جداً جداً"، بتوجيه من المستوى السياسي. وفي إطار الخطة، يتم الاستيلاء على أجزاء صغيرة من قطاع غزة، وخاصة لتوسيع المنطقة العازلة بالقرب من الحدود، مع هدف "متواضع" مقارنة بأهداف الحرب، التي أصبح من الواضح مدى بعدها عن التحقق. ويسعى الجيش للضغط على "حماس" للموافقة على إطلاق سراح المزيد من المحتجزين الإسرائيليين في الدفعة القريبة، أو التوصّل إلى صفقة أفضل. وقد يستمر هذا الواقع لعدة أشهر أخرى.

ويختار زامير في هذه المرحلة، الاستمرار في نفس سياسة التعتيم، بادعاء الرغبة في العمل أولاً ثم التحدّث، وأيضاً تجنباً لعدم توفير معلومات حول النيات الإسرائيلية لفصائل المقاومة في غزة. ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر أمنية لم تسمّها، قولها إنه على عكس الانطباع الذي تم تكوينه، فإن رئيس الأركان زامير يسعى لهزيمة "حماس" عسكرياً من خلال عملية برية كبيرة، وباستخدام أساليب مختلفة قليلاً عن تلك التي تمت تجربتها قبل وقف إطلاق النار، من قبيل عمليات تطويق وإقامة نقاط تفتيش للسكان، ولكن الاحتلال الكامل لقطاع غزة سوف يستغرق عدة أشهر، وفقاً للتقديرات العسكرية، وربما حتى سنوات، وسوف يتطلب الاستعانة بعشرات الآلاف من الجنود، جزء كبير منهم في الاحتياط.

وتضيف المصادر الأمنية أن "زامير لا يجمّل البيانات للمسؤولين في المستوى السياسي، ويقترح عليهم التخلّي عن بعض أوهامهم"، كما تُعرض على رئيس الحكومة والوزراء "نسبة الامتثال (من قبل الجنود) حالياً للاحتياط في الوحدات القتالية، التي تتراوح بين 60 و70% في أفضل الحالات، وكذلك المخاوف من أن تبقى هذه النسبة حتى خلال (تنفيذ) عملية هجومية فعلية، إذا حدثت. وتُعرض على الحكومة أيضاً نسبة جاهزية الدبابات والمركبات المدرّعة، وقضية مخزون الذخائر، في ما يتعلق بإمكانية الهجوم على إيران وإشعال الجبهة الشمالية من جديد".

واقع يخدم عدة اتجاهات

وتلفت الصحيفة إلى أن هذا الوضع لا يلقى بالضرورة انتقادات من قبل المستوى السياسي، إذ إن مثل هذا الواقع، حيث يصبح الوضع ثابتاً لفترة طويلة، قد يخدم عدة اتجاهات، بحيث يحظى الجمهور الإسرائيلي بالمزيد من الهدوء الذي اعتاد عليه في الأشهر الأخيرة، وسوف يحصل على الأمن النسبي من غزة في المستقبل المنظور، وسوف يستمر استنزاف قوات الاحتياط، ولكن بدرجة أقل، واستدعاؤها "فقط" لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أشهر في السنة في المتوسط، وليس لفترة أطول من ذلك، في غياب أي هجوم فعلي على غزة. وستحاول القوات النظامية التي ستواصل السيطرة على الأراضي التي تحتلها حالياً في القطاع، توزيع الغذاء والطاقة على السكان الفلسطينيين في غزة، في حال نجحت التجربة التي من المرجّح اختبارها قريباً في رفح، وقد يتم توسيع نطاقها.

وتتابع أن "حماس" ستستمر من جهتها في السيطرة على معظم قطاع غزة، وستواصل عملية تعافيها، ومع عدم وجود فرصة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين وتلاشي هذه القضية من الأجندة الإسرائيلية مع مرور الوقت، فقد يكون لدى الحكومة الحالية سبب وجيه لإعادة إنشاء مستوطنات في الأراضي التي يحتلها الجيش. كما من شأن هذا الواقع، الذي تزعم الصحيفة، أنه لا يشهد حقاً محاربة "حماس"، وبالتأكيد لا يقود إلى هزيمتها، خدمة مصلحة سياسية أخرى لحكومة الاحتلال على المستوى الداخلي. فما دامت لا توجد تعبئة كبيرة للاحتياط من شأنها أن تؤدي إلى استنزاف القوات، فإن المطالبات بالمساواة في تحمّل العبء، وسن قانون لتجنيد اليهود المتزمتين دينياً (الحريديم)، بدلاً من قانون إعفائهم الذي يرغب فيه الائتلاف الحكومي، سوف تظل في معظمها على هامش جدول الأعمال الاسرائيلي.

الاحتلال يفحص حصول "حماس" على شحنة من خارج غزة

أما في الوقت الراهن، وعلى النقيض مما توقّعه جيش الاحتلال في البداية، فإن "حماس" لا تشن هجمات أو تنصب كمائن، كما لا تطلق قذائف هاون باتجاه قوات الجيش الصغيرة نسبياً، المنتشرة في عمق المنطقة العازلة على الحدود وبين خانيونس ورفح. وفي هذا الصدد، تواصل "حماس"، وفقاً لمصادر الصحيفة، سياستها الاستراتيجية منذ بداية العملية البرية الحالية، وهي الحفاظ على قدراتها، حتى لو تلقّت ضربات. وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية، فإن نحو 20 ألفاً من عناصرها العسكريين ما زالوا على قيد الحياة، بمن في ذلك بعض قادتهم، ومنهم قادة كبار. ويعتقد جيش الاحتلال أن "حماس" نجحت في الآونة الأخيرة، في الحصول على شحنة من وسائل معينة لأغراض عسكرية، من خارج قطاع غزة. وتشير تقديراته إلى أن ذلك حدث من خلال مُسيّرات للتهريب نجحت في الوصول إلى غزة.

وذكرت الصحيفة العبرية، أن وقف إطلاق النار الأخير، الذي استمر لنحو شهرين، سمح لجيش الاحتلال باكتشاف المزيد عن القدرات المتبقية لدى "حماس"، ويجري الجيش تحقيقاً فيما إذا كانت شحنات المساعدات التي تم إسقاطها جواً على قطاع غزة بواسطة طائرات أجنبية في ذروة المناورة، وعلى نطاق واسع، لم تشمل أيضاً وسائل مختلفة، ثنائية الغرض في الغالب، والتي يمكن لفصائل المقاومة الاستفادة منها.