استمع إلى الملخص
- أظهرت قواعد البيانات أن الخبراء الروس لديهم خلفيات عسكرية رفيعة، ويشمل الفريق كولونيلات ومتخصصين في أنظمة الدفاع. تأتي الزيارات وسط توترات متصاعدة بين إيران وإسرائيل.
- برز التعاون العسكري بين إيران وروسيا في سياق الحرب على أوكرانيا، حيث قدمت إيران طائرات مسيّرة لموسكو. استهدفت إسرائيل منشآت صواريخ إيرانية في أكتوبر 2024، مما يعكس تعقيد المشهد الأمني.
كشفت وكالة رويترز عن قيام عدد من كبار خبراء الصواريخ الروس بزيارة إيران خلال العام المنصرم وسط تعزيز الجمهورية الإسلامية تعاونها الدفاعي مع موسكو، وتوصلت الوكالة لذلك عبر مراجعة سجلات السفر بين البلدين ومن خلال بيانات التوظيف الروسية. وتم حجز السفر لسبعة خبراء من موسكو إلى طهران على متن رحلتين في 24 إبريل/نيسان و17 سبتمبر/أيلول 2024 وفق وثائق تحوي تفاصيل الحجزين الجماعيين بالإضافة إلى بيان الركاب للرحلة الثانية.
وأظهر مرسوم نشرته الحكومة الروسية ووثيقة على موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت أن سجلات الحجز تتضمن أرقام جوازات سفر الرجال، حيث يحمل ستة من السبعة الرقم "20" في بداية رقم الجواز ما يشير إلى أن جواز السفر يُستخدم في أعمال رسمية للدولة، ويصدر لمسؤولين حكوميين في رحلات عمل خارجية وعسكريين يعملون انطلاقاً من الخارج، ولم يكن ممكناً تحديد ما كان يفعله السبعة في إيران.
ولكن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإيرانية قال إن خبراء صواريخ روساً قاموا بزيارات متعددة لمواقع إنتاج الصواريخ الإيرانية خلال العام الماضي، ومنها منشأتان تحت الأرض، مؤكداً أن بعض الزيارات جرت في سبتمبر/أيلول. ولم يحدد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة المسائل الأمنية، موقع الزيارات.
من جهته، قال مسؤول دفاعي غربي، يراقب التعاون الدفاعي الإيراني مع روسيا وطلب عدم الكشف عن هويته أيضاً، إن عدداً غير محدد من خبراء الصواريخ الروس زار قاعدة صواريخ إيرانية، على بعد 15 كم تقريباً غرب ميناء أمير آباد على الساحل الإيراني على بحر قزوين، في سبتمبر/أيلول الماضي. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الزوار الذين أشار إليهم المسؤولون يشملون الروس في الرحلتين.
وأظهرت قواعد البيانات الروسية التي تحتوي على معلومات عن وظائف المواطنين أو أماكن عملهم، ومنها الخاصة بسجلات الضرائب والهواتف والسيارات، أن الروس السبعة الذين حددتهم رويترز لديهم جميعاً خلفيات عسكرية رفيعة المستوى، منهم اثنان برتبة كولونيل وآخران برتبة لفتنانت كولونيل. وأظهرت السجلات أن اثنين منهم خبيران في أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، وأن ثلاثة متخصصون في المدفعية والصواريخ، بينما يتمتع أحدهم بخلفية في تطوير الأسلحة المتقدمة وعمل آخر في ميدان لاختبار الصواريخ. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الجميع لا يزال يقوم بتلك الأدوار، إذ تراوحت بيانات التوظيف بين 2021 إلى 2024.
وجاءت الرحلات إلى طهران التي تابعتها رويترز في وقت حرج شهد تصعيداً خطيراً بين إيران وإسرائيل، إذ تبادل الجانبان شن ضربات عسكرية في إبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. واتصلت الوكالة بجميع الرجال عبر الهاتف فنفى خمسة منهم أنهم ذهبوا إلى إيران أو أنهم عملوا لمصلحة الجيش أو كلا الأمرين، بينما رفض أحدهم التعليق وأغلق آخر الهاتف. كما رفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإيرانيتان التعليق على ذلك، وأيضا مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري، وهو قوة النخبة التي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.
تعاون إيران وروسيا العسكري
عرضت هوشياران وطن، وهي مجموعة من المتسللين الإلكترونيين المعارضين للحكومة الإيرانية، معلومات حجز الرحلات الجوية للمسافرين السبعة على رويترز، وقال المتسللون إن السبعة كانوا مسافرين بصفة الشخصيات الكبرى. وأكدت رويترز المعلومات من خلال بيان الركاب الروس لرحلة سبتمبر، والذي قدمه مصدر لديه إمكان الوصول إلى قواعد بيانات الدولة الروسية. ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى بيان الرحلة السابقة (رحلة إبريل)، لذلك لم تستطع التحقق من أن المتخصصين الروس الخمسة الذين حجزوا للسفر على متنها قاموا بالفعل بالرحلة.
وأظهرت السجلات أن دينيس كالكو (48 عاماً) وفاديم مالوف (46 عاماً) كانا من بين خبراء الأسلحة الروس الخمسة الذين حُجزت مقاعدهم كمجموعة في رحلة إبريل/ نيسان. وبينت إقرارات الضرائب لعام 2021 أن كالكو عمل في أكاديمية وزارة الدفاع للدفاع العسكري المضاد للطائرات. وأظهرت سجلات ملكية السيارات لعام 2024، أن مالوف عمل في وحدة عسكرية تدرب قوات الصواريخ المضادة للطائرات.
وحُجز لأندريه جوسيف (45 عاماً) وألكسندر أنتونوف (43 عاماً) ومارات خوساينوف (54 عاماً) أيضاً في رحلة إبريل. وجوسيف هو لفتنانت كولونيل يعمل نائباً لرئيس كلية الصواريخ والذخائر المدفعية للأغراض العامة في معهد بينزا للهندسة المدفعية التابع لوزارة الدفاع الروسية، وفق خبر نُشر عام 2021 على موقع المعهد على الإنترنت. أما أنتونوف، فتشير سجلات تسجيل السيارات لعام 2024 إلى أنه عمل في المديرية الرئيسية للصواريخ والمدفعية بوزارة الدفاع، بينما تُظهر بيانات مصرفية أن خوساينوف، وهو كولونيل، عمل في ميدان اختبار الصواريخ كابوستين يار.
كان سيرغي يورتشينكو (46 عاما) أحد الركاب على متن الرحلة الثانية إلى طهران في سبتمبر، والذي تشير سجلات هاتف محمول غير مؤرخة إلى أنه عمل أيضاً في مديرية الصواريخ والمدفعية. وكان رقم جواز سفره يبدأ برقم "22"، ولم تتمكن رويترز من تحديد ما يعنيه ذلك على الرغم من أنه وفق المرسوم الحكومي بشأن جوازات السفر لا يُستخدم لعموم المواطنين أو الدبلوماسيين.
وكان الراكب الآخر على رحلة سبتمبر هو أوليج فيدوسوف (46 عاماً)، وتشير سجلات الإقامة إلى أن عنوانه هو مكتب مديرية الأبحاث المتقدمة والمشروعات الخاصة، وهي فرع من وزارة الدفاع مكلف بتطوير أنظمة الأسلحة المستقبلية. وأظهرت سجلات عبور الحدود الروسية أن فيدوسوف كان قد توجه من طهران إلى موسكو في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأوضحت السجلات أن فيدوسوف استخدم جواز سفره المخصص لأعمال رسمية للدولة في تلك المناسبة مثلما فعل في رحلة سبتمبر/ أيلول 2024.
وبرز التعاون بين البلدين في الحرب الروسية على أوكرانيا، مع تقديم إيران أعداداً كبيرة من طائرات شاهد المسيّرة الإيرانية، ووقعت موسكو وطهران اتفاقية عسكرية مدتها 20 عاماً في موسكو في يناير/كانون الثاني الماضي تنص على تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن من دون أي التزمات بالدفاع المشترك في حال تعرض أي من البلدين لعدوان، وفق ما يكشفه نص الاتفاقية الوارد في الموقع الرسمي للكرملين.
وفي 26 أكتوبر 2024 قامت إسرائيل باستهداف منشآت تصنيع صواريخ إيرانية وقال الجيش الإسرائيلي وقتها: "قصفنا مصفوفات صواريخ سطح-جو وقدرات طيران إيرانية إضافية كانت تهدف إلى تقييد العملية الجوية الإسرائيلية في إيران"، وقال موقع أكسيوس الأميركي إن هجوم إسرائيل على إيران كان على ثلاث موجات، حيث ركزت الموجة الأولى من الهجمات الإسرائيلية على منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، بينما ركزت الموجتان الثانية والثالثة على قواعد الصواريخ والطائرات من دون طيار ومواقع الإنتاج.
(رويترز، العربي الجديد)