رمضان من دون الأسد

02 مارس 2025
في دمشق، فبراير الماضي (عامر السيد علي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رمضان الأول بلا آل الأسد: يحتفل السوريون برمضان الأول منذ نصف قرن دون حكم آل الأسد، مما يتيح لهم فرصة الاجتماع بحرية وممارسة الطقوس دون خوف، رغم استمرار الفقر والبؤس.

- فرحة التحرير وذكريات الفقد: تحرير البلاد يخفف من وطأة العيش الصعب، لكن فقدان الأحبة وتدمير البيوت يبقيان غصة في القلوب، بينما يجتمع السوريون لأول مرة مع الناجين من المعتقلين.

- آمال المستقبل وإعادة البناء: تحول سوريا إلى منتدى سياسي يعكس طموحات السوريين في بناء مستقبل أفضل، مستفيدين من طاقات جديدة بعد التخلص من الديكتاتورية، مع إصرار على عدم تكرارها.

استقبل السوريون يوم أمس السبت شهر رمضان بشكل مختلف تماماً عما كان عليه الشهر الفضيل طوال السنوات السابقة، فهو أول رمضان لهم من دون آل الأسد منذ أكثر من نصف قرن، الأمر الذي جعله مختلفاً في كل شيء عدا حالة الفقر والبؤس التي خلّفها نظام الأسد، ولم يتسنَ للسوريين بعد تجاوزها. وفي هذا الشهر تحققت الأماني التي كان السوريون يتبادلونها فيما بينهم خلال مباركاتهم بهذا الشهر والتي كانت تبدو أحلاماً صعبة التحقق، فقد تحررت البلاد وأصبحت العودة إليها متاحة للجميع، فهذا أول رمضان ستتمكن فيه الأسر السورية من الاجتماع على مائدة إفطار واحدة، وأن تمارس طقوس هذا الشهر من دون خوف من رقيب قد يحاسبهم على كل حركة يقومون بها. وهو أول رمضان تتوقف فيه أصوات المدافع والطائرات ويُستبدل فيه الخوف بالآمال الكبيرة بمستقبل أفضل. وعلى الرغم من عدم قدرة الكثير من السوريين على العودة إلى بيوتهم بسبب دمارها أو بسبب عدم توافر بنية تحتية تمكّنهم من العيش فيها، إلا أن مجرد الإحساس بالقدرة على العودة من شأنه أن يعوّض عن مرارة الغربة، كما أن الكثير من هذه الأسر اختارت أن تجمع شملها في خيم تعوّضها مؤقتاً عن الاجتماع تحت سقف بيت تحلم ببنائه مستقبلاً.

سيكون رمضان الحالي فرصة للسوريين لاستذكار السنوات الـ14 الماضية بكل تفاصيلها وبكل مآسيها، وسيفتقد السوريون أبناءهم الذين دفعوا حياتهم ثمناً لحريتهم متمنين أن يكونوا معهم يشاركونهم النصر والحرية. كما سيجتمع السوريون للمرة الأولى بكل من نجا من معتقليهم، وسيكون رمضان الحالي هو أول شهر صيام دون أمل لمن كان موعوداً من السوريين برجوع معتقل له في سجون النظام البائد، بعد أن أُفرغت السجون من كل المعتقلين.

قد تخفف فرحة تحرير البلاد من وطأة صعوبة العيش في سورية بسبب انعدام معظم مقوّماته من خدمات وبنى تحتية، إلا أن فقدان الأحبة وتدمير البيوت بكل ما تحمله من ذكريات سيبقيان غصة في قلوب معظم السوريين الذين قلّ أن تجد واحداً منهم لم يفقد شيئاً. ولكن على الرغم من كل المآسي التي عاشها السوريون وعلى الرغم من الفقر والبؤس الذي يعيشونه حالياً، تجد أن سورية بكليتها قد تحوّلت إلى منتدى سياسي للتباحث في مستقبل أفضل للبلاد. كما أن تحرير البلاد من آل الأسد قد فجّر لدى كل السوريين طاقات هائلة للتفكير في كيفية المساهمة بإعادة بناء هذا البلد كل في مجاله، فالسوريون يدركون أنه مهما كان شكل الإدارة الجديدة للبلاد ومهما كان حجم التحديات التي تعترضهم فقد تخلصوا من الأسوأ، وأن القادم سيكون أفضل لسبب بسيط هو أن إمكانية التغيير أصبحت متاحة، وأن السوريين لن يسمحوا بإنتاج ديكتاتورية جديدة.