رفض قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف في تونس، مساء اليوم الخميس، مطالب الإفراج عن المعتقلين السياسيين في ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، بعد ساعات من وقفة نظمتها عائلات المعتقلين أمام مقر المحكمة.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس، المحامي سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف قرر رفض جميع مطالب الإفراج عن المعتقلين السياسيين التي قُدِّمَت، ورُفض الطعن في قرار التمديد السابق"، موضحاً أن "هذا القرار كان متوقعاً ولم يفاجئنا".
وكانت تنسيقية عائلات القادة السياسيين المعتقلين في قضية ما يسمى "التآمر على أمن الدولة" قد نظمت خطوات احتجاجية تزامناً مع انعقاد جلسة المحكمة. وخلال الوقفة الاحتجاجية، وضعت عائلات المعتقلين شارات حمراء على الأفواه تعبيراً عن احتجاجها.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد" في أثناء احتجاج العائلات، إنّ "المعركة ليست تجديد قرار السجن أو إصدار بطاقة إيداع أو رفعها، بل المعركة اليوم هي مع القضاء من أجل استقلالية القرار"، مؤكداً أنّ "معركة اليوم جولة من بين عدة جولات للمطالبة بالنأي بالقضاء عن الخلافات السياسية، لأن إقحام القضاء في السياسة أسوأ ما يكون".
وقبل إصدار القرار، أوضح الجماعي أنه إذا "نُظر للملف من ناحية قانونية، وبناءً على ما توافر فيه من وثائق، فسأكون متفائلاً بخروج المعتقلين"، لكنه أكد أنه "عند النظر إلى الملف من الناحية السياسية، فإنّ بطاقة الإيداع الجديدة لا تزال في ذهن من أصدرها، وبالتالي فإنّ الأرجح في موقف القضاء اليوم هو موقف رفض الاستئناف والإبقاء على التمديد في السجن".
قضايا ملفقة
من جانبها، أكدت المحامية نادية الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "وقفة اليوم يمكن تسميتها بوقفة التضامن مع الموقوفين، فهي ليست قضايا تآمر حقيقية، بل هي قضايا ملفقة لإسكاتهم، خصوصاً أنّ الأبحاث والأعمال مادية لم تثبت التورط في ما نسب إليهم، وهذا دليل على أنّ الملف فارغ".
وأضافت الشواشي أنّ "المزعج في كل ما يحصل أن هناك موجة كبيرة لإسكات كل صوت حر وكل شخص مؤثر"، مؤكدة أنه "أصبحت هناك خشية من التعبير في حين أن قرارات التونسيين يجب أن تكون بكل حرية وبالإجماع والمحاسبة تكون في إطار القانون".
"موت سريري" للسياسة
أما عضو "مواطنون ضد الانقلاب"، أحمد الغيلوفي، فقال إنّ "هذه الوقفة أو الوقفات هدفها تحسيس الرأي العام الداخلي والمنظمات الحقوقية بأن هناك مظلمة إنسانية حقيقية".
وأكد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المأساة تحولت إلى ملهاة، فهناك معتقلون يقضون نحو 7 أشهر في السجن دون أن تقدم النيابة العمومية ولا السلطة السياسية ولا وزيرة العدل أي دليل على إدانتهم، ودون أن تفرج عنهم".
وطالب بـ"أن تخرج النيابة العمومية وتنير الرأي العام وتقدم أدلة مادية على إمكانية تورط هؤلاء المعتقلين، بعيداً عن الأكاذيب والمهاترات والشعبوية، فهناك بشر في السجون ولا بد أن يطلق سراحهم فوراً".
وبيّن الغيلوفي أنّ "هناك ممارسات تدل على أنّ هناك حاكماً بأمره لا يخضع لأي ارتباط بالقانون أو بالعقل، بل يسجن من يريد ويطلق سراح من يريد وكأنه ليس هناك قضاء، وكل من يضايقه يرسله إلى السجن".
وتابع: "أصبحنا خارج إطار القانون والعقل، والوضع سريالي"، مضيفاً أنّ "هناك موتاً سريرياً للسياسة في تونس، وهناك شبه استقالة للاتحاد العام التونسي للشغل، وشبه إغماء للمنظمات الحقوقية، والجميع في حالة انتظار لمعجزة، والبعض ينتظر أن ينظف قيس سعيّد الساحة ممن يعتبرهم الأعداء، حتى لو كان بالزج بهم في السجن".
وفي السياق، أوضحت عضو جبهة الخلاص الوطني، والناطقة باسم عائلات المعتقلين، عنايات مسلم، أنّ "أفراد عائلات المعتقلين قرروا وضع الشارات الحمراء فوق أفواههم لأنه لم يعد هناك من كلام ليقال".
وأضافت مسلم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "سردية المؤامرة ضد الدولة سقطت ولا بد من إطلاق سراح كل المساجين السياسيين"، مضيفة أنّ "السلطة تقوم بالانقلاب على حقوق الإنسان، وبالتالي كل التونسيين معتقلون وقد يكون ذلك بسبب رأي أو تدوينة أو إرسالية أو محادثة". وبيّنت أنّ "أهم شعار رفع خلال ثورة الحرية والديمقراطية، هو لا خوف بعد اليوم، ولا بد من العودة إلى ذلك".