رسالة غانتس الباطنية

رسالة غانتس الباطنية

01 يناير 2022
غانتس في جولة له قرب قطاع غزة الشهر الماضي (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -

"يافاوي يا برتقال"، صاحوا في أنحاء المعمورة، و"خليلي أنت يا عنب" أنشد وينشد مصطفى الكرد... لكن الزيتون وزيته هو جامع لفلسطين من أقصى جنوب النقب بصحرائه وشروطه الزراعية الصعبة، وحتى أعالي الجليل بمائه الوافر وشجره "الرومي" القديم.

هذه هي الحقيقة، هو زيتون فلسطين من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها في الأغوار وغربها في الساحل الفلسطيني، حتى على مسافة أمتار من مياه البحر في قرية الصيادين في جسر الزرقاء الباقية وحدها على شاطئ البحر. وفي روايتنا قال شاعر فلسطين لو يعرف الزيتون غارسه لصار الزيت دمعاً.

لا نعرف ماذا أهدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس لدى زيارته له في بيته في مستوطنة راس العين، لكننا نعرف ماذا تأبط عباس في طريق عودته إلى رام الله: "تنكة زيت إسرائيلي"؟

هكذا بكل صلافة قال الإسرائيليون ورددوا، وإن لم يكشفوا موطن هذا الزيت، والكرم الذي قُطفت ثماره منه، وقد يكون غلاة المستوطنين سرقوها.

هل هو من كروم القرى الفلسطينية التي هُجّر أهلها، عام النكبة، وسرقت المستوطنات اليهودية شجرها، أم من مزارع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وأبرزها مزرعة "أحيا" في مستوطنة شيلو، شمالي رام الله، التي تزين عبواتها بصورة لحجر رحى فلسطيني قديم وبعبارة "زراعة عبرية وزيت إسرائيلي".

يقولون إن الهدية تعكس قيمة المهدى له في نظر الهادي، وبالتالي فإن هدية غانتس تعكس رواية المحتل وتعيد للأذهان عبارة غولدا مئير التاريخية "الكبار سيموتون والصغار سينسون".

لكن أبو مازن ليس صغيراً حتى ينسى وهو ابن نكبة، وهُجر من صفد. مع ذلك سكت على هدية الجنرال الإسرائيلي التي جاءت لتقول في رسالتها الباطنية، دعكم من قول شاعركم، فها نحن نزرع زيتوناً وننتج زيتاً إسرائيلياً بامتياز، هو بالتأكيد أفضل من كل زيتكم. لا تتعبوا حالكم ولا تفاضلوا بين زيت بيت جالا في الضفة وبين زيت الرامة والمغار في أعالي الجليل، دعك من كل ذلك وخذ معك زيتاً حسنّاه وطورناه في مختبراتنا، وزرعناه "في أرضنا".

هذه هي رسالة احتلال الوعي بعد الأرض، والانتصار على التاريخ والرواية والشاعر. كان الأجدر بالرئيس الفلسطيني أن يقذفها بوجه غانتس، وليذهب الأفق السياسي الموهوم إلى الجحيم.