رسائل للسيسي في المؤتمر الاقتصادي والمداخلات التلفزيونية

رسائل للسيسي في المؤتمر الاقتصادي والمداخلات التلفزيونية

28 أكتوبر 2022
السيسي في بروكسل، فبراير الماضي (جون ثيس/فرانس برس)
+ الخط -

تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، لمدة 3 ساعات و17 دقيقة، مقسمة على جزأين. الجزء الأول كان خلال ختام المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بالعاصمة الإدارية الجديدة، في الفترة بين 23 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي و25 منه.

أما الجزء الثاني، فعبر مداخلة هاتفية أجراها في برنامج تلفزيوني يقدمه المذيع يوسف الحسيني على القناة الأولى الرسمية. وجاء مجمل حديثه الثلاثاء الماضي محملاً برسائل عدة.

وكان من المفترض أن تمر مداخلة رئيسة حزب الدستور، جميلة إسماعيل مع الحسيني، بهدوء لكن مداخلة السيسي للتعقيب عليها ضمناً في نفس البرنامج، ومن ثم حذف مداخلة إسماعيل من حلقة البرنامج من على موقع "يوتيوب"، جعل البعض يتوقف عندها.

وتواصلت "العربي الجديد" مع رئيسة حزب الدستور التي رفضت التعليق على دلالات حذف المداخلة من البرنامج وحذف كلمتها من موقع المؤتمر الاقتصادي، مكتفية بإرسال رابط الحلقة التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت إسماعيل قد ذكرت في المقابلة التي تم تفريغها وتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي أنه "من المهم إتاحة مساحة للأحزاب لتعمل وتتحرك في الشارع من جديد، وتنافس بشكل حقيقي على السلطة"، مضيفة أنه "من الضروري أيضاً أن يتم ذلك أولاً من دون ملاحقة وحصار ومعاناة عشناها منذ سنين طويلة، ثم يمكن الكلام بعدها على اندماج الأحزاب لتقوى".


السيسي: مسار (ثورة) 2011 يخوفني، وأنا مش خائف على نفسي، ولكنني خائف على الناس

وأضافت إسماعيل: "دُعيت للمؤتمر الاقتصادي، وشرفت بحضور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وللأسف لم أستطع حضور الجلسة الختامية، لكن عندي انطباعات وملاحظات، إذ كان عدد كبير من الحاضرين من المتخصصين، وانطباعي أن الإحساس العام كان أن الخطاب لم يكن موجهاً للجمهور في القاعة، بل للجمهور خارجها".

ولفتت إلى أنه "في المؤتمر الناس كلها جاية (أتت) عندها أمل تحقق شيء ما وعاوزة تسمع عن تصحيح بعض الأخطاء، أو تصحيح مسار ما. لكن المؤتمر على العكس كان الخطاب السائد فيه هو الدفاع عن السياسات القائمة ودا مقلق شوية. ماكنش فيه إشارة واحدة لتصحيح الأخطاء التي أدت بنا للحالة الي وصفها الرئيس وشعرنا معاها بالألم، حين سمعناه يقول إن الأشقاء في الخليج شايفين الدولة المصرية لن تستطيع أن تقوم من جديد، ودا كلام لأي مصري موجع جداً".

وتابعت إسماعيل: "ماكنش فيه كلام عن أي أفق للتغيير، في حين كان فيه أحاديث عن التضحية اللي قدمت والعطاء والبطولات. ما سمعناش عن الناس العادية اللي بيدفعوا أثمان الأزمات، ودايماً بيسمعوا نفس الخطاب اللي بيلوم المواطنين، وكأنهم حزمة واحدة ويوجه ليها اللوم. أين الاحتياجات الرئيسية زي خفض تكلفة المعيشة، والدعم والصحة والتعليم والأفق لحياة أفضل؟".

رسائل السيسي

وفور انتهاء المداخلة، أجرى السيسي مداخلة مع البرنامج، جاءت، بحسب متابعين، وكأنها رد على مداخلة إسماعيل، قال فيها "مش كفاية اللي حصل لمصر في 2011... ما شفناكمش (لم نراكم) ليه في 2013... كنتو تقدروا تعملوا حاجة؟... أنتو سبتوها لما اتحرقت واتخربت". كما توجه السيسي إلى مقدم البرنامج قائلاً "أنا التاريخ كله عندي يا يوسف... أنا كنت مدير المخابرات ومسؤول عن الأجهزة الأمنية الفترة دي كلها... وعارف كويس الناس كانت بتعمل إيه... أنا بكلمك عشان دور الإعلام... الإعلام بيعمل سياق إعلامي فكري مش هنرجع تاني. إيه ده؟".

وكان السيسي قد قال في ختام كلمته بفعاليات المؤتمر الاقتصادي، والتي امتدت ساعتين تقريباً: "نجيب الشباب هنا نسمع منهم، ويزعقوا (يصرخوا) لنا، وإحنا ندافع، بدل ما يزعقوا في الشارع". كما تطرق في كلمته للعديد من الموضوعات البعيدة عن الاقتصاد، وركز فيها بشكل أساسي على أهمية تحقيق الاستقرار في البلاد.

وعكس حديث السيسي بوضوح مدى انشغاله بدعوات التظاهر التي أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والذي أتبعه بمداخلة هاتفية مطولة مع التلفزيون المصري، قال فيها: "مسار (ثورة) 2011 يخوفني، وأنا مش خائف على نفسي، ولكنني خائف على الناس".


أعادت مدرعات ومصفحات الشرطة انتشارها في الأيام الماضية بمناطق وسط القاهرة

وصدرت تعليمات مشددة لوزارة الداخلية بشأن التعامل بحزم مع أي محاولات للتجمهر أو التظاهر خلال الفترة المقبلة، وتكثيف التواجد الأمني في الميادين العامة، لا سيما في محافظتي القاهرة والجيزة، علماً بأن دعوات الاحتجاج في (11/11) لا تقف وراءها كيانات سياسية منظمة، أو قوى حزبية معروفة حتى الآن.

وأعادت مدرعات ومصفحات الشرطة انتشارها في الأيام الماضية بمناطق وسط القاهرة، برفقة أعداد كبيرة من عناصر الأمن بالزي المدني في محيط ميادين عبد المنعم رياض والتحرير وطلعت حرب ورمسيس، من أجل توقيف المواطنين عشوائياً للتفتيش، والاطلاع على بطاقاتهم الشخصية، ومحتوى هواتفهم المحمولة، بحثاً عن المعارضين منهم، في انتهاك صريح لحقوقهم المكفولة بموجب الدستور والقانون.

وبات من الواضح أن القرارات التي أعلنتها الحكومة أخيراً، ممثلة في تثبيت أسعار البنزين والسولار (الديزل) لمدة 3 أشهر، وعدم رفع أسعار الكهرباء حتى 30 يونيو/حزيران 2023، الهدف منها هو احتواء الغضب من جراء موجة الغلاء التي تشهدها البلاد، والمتوقع أن تتصاعد بعد قرار المصرف المركزي تحرير سعر صرف الجنيه أمس الخميس، بناء على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على تمويل جديد.

كلمة الرئيس المصري بالمؤتمر الاقتصادي

وفي كلمته بالمؤتمر الاقتصادي، حذر السيسي من دعوات التظاهر على استقرار مصر في الوقت الراهن، قائلاً: "المواطن الغلبان سيكون الضحية في حالة حدوث أي شيء".

واستشهد بتردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة المحلية في دولة مجاورة (في إشارة إلى لبنان)، نتيجة التظاهرات التي شهدتها خلال الفترة الأخيرة. ويترافق إطلاق هذه الدعوات، مع عودة تسريبات صوتية أو مرئية لشخصيات نافذة داخل أجهزة الدولة، بما يزيد من الشكوك حول الداعم الحقيقي الذي يقف خلف دعوات التظاهر.

وكان لافتاً خلال المؤتمر وصف السيسي للتوصيات الختامية التي تم وضعها، بأنه "يمكن لطالب في السنة الأولى من كلية الاقتصاد أن يضع مثلها". ولم ينجُ من هجوم السيسي سوى من وصفهم بـ"الفقراء" الذي لا بد أن "نحبهم ونكره الفقر"، على حد وصفه.

كما تحدث السيسي في كلمته عما وصفه بـ"السياق" الذي يحتاجه من أجل الاستمرار في بناء الدولة، منتقداً معظم مؤسسات الدولة. كما فسّر وصف نفسه بـ"البطل" بما فعله في أعوام 2011 و2012 و2013. وأضاف: "كنت ببقى موجود في مجلس الوزراء وكانوا يقولولي إحنا عايزين نحافظ عليك، أنت الأيقونة... أنت البطل.. هو البطل خلاص بقى وإلا إيه؟". وهاجم السيسي "البيئة الإعلامية"، والتي تتشكل من وسائل إعلام يتبع معظمها جهاز المخابرات العامة وذراعه الإعلامية "الشركة المتحدة".

وكان السيسي، قد ذكر في كلمته خلال افتتاح المؤتمر الاقتصادي الأحد الماضي أنه "حتى الأشقاء والأصدقاء أصبح لديهم قناعة بأن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى، وأن الدعم والمساندة عبر سنوات شكل ثقافة الاعتماد عليها لحل الأزمات والمشاكل". وأضاف: "في تعبير كتبته بس مش هقوله، لدرجة... إن لما يلاقوا في مشكله يقولوا: طب ما يسافر" (قاصداً القيام بزيارات خارجية للحصول على أموال).

مع العلم أن ساعات قليلة فصلت بين كلمة السيسي في المؤتمر الاقتصادي، ومداخلته مع الحسيني في المساء، والتي جاءت أيضاً بعد انتشار فيديوهات لجمال مبارك، نجل الرئيس الراحل حسني مبارك، في أثناء مشاركته في جنازة محامي والده، فريد الديب، والتي ظهر فيها جمال مبارك وسط مجموعة من المواطنين يقومون بتحيته ومناداته بـ"الرئيس".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

المساهمون