رد إسرائيلي باهت في غزة: "سام 7" يُدخل قواعد اشتباك جديدة

رد إسرائيلي باهت في غزة: "سام 7" يُدخل قواعد اشتباك جديدة

03 يناير 2022
وقفة تضامنية مع أبو هواش في غزة أمس (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

بدا الرد الإسرائيلي على صاروخي شاطئ تل أبيب، اللذين أطلقتهما فصائل فلسطينية صباح أول من أمس السبت، "باهتاً"، ولم يحمل مفاجآت على الرغم من التحريض الإعلامي الإسرائيلي والتهديد والوعيد الذي حملته ساعات ما قبل الرد.

وبدا أن الحدث أكبر وذو دلالات أعمق من "تنقيط" الصواريخ على مستوطنات "غلاف غزة"، الذي كانت تقوم به المقاومة الفلسطينية بين الحين والآخر.

وقبل الردّ الإسرائيلي، نشطت الوساطة المصرية والأممية في تخفيف حدة التوتر، وظهر أن هذه الاتصالات نجحت في تجنيب المنطقة المزيد من التوتر، خصوصاً بعد أن هددت الفصائل، وحركة "حماس" تحديداً، بالرد على أي عدوان "خارج قواعد الاشتباك"، وفق مصادر "العربي الجديد".

وذكرت مصادر في الفصائل لـ"العربي الجديد" أن الوسيطين المصري والأممي طلبا "تخفيض" حدة التهديدات لإسرائيل، وأن ذلك يساعد في ضبط الأوضاع ومنع التوتر والتصعيد ويمنع الذهاب إلى معركة جديدة.

وتعهد الوسطاء، وفق المصادر، بحل الأزمات العالقة في غزة، والسعي لإنهاء قضية الأسير المضرب عن الطعام منذ 139 يوماً هشام أبو هواش، الذي هددت حركة "الجهاد الإسلامي" بالرد على المماطلة الإسرائيلية في الافراج عنه.


الوسيطان المصري والأممي طلبا من الفصائل "تخفيض" حدة التهديدات لإسرائيل

وفجر أمس الأحد، قصفت طائرات حربية ومروحية موقع القادسية التدريبي التابع لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، فيما قصفت مدفعية الاحتلال ثلاث نقاط رصد للمقاومة شمالي القطاع.

وشنّت الطائرات الحربية والمروحية ثماني غارات على موقع القادسية، ما أحدث دماراً في الموقع المستهدف، واستهدفت ثلاث نقاط رصد المقاومة بالمدفعية الثقيلة، ما أدى لتدميرها.

وفي الشكل العام للعدوان، جاء "أضعف" من ذي قبل، والرد أكثر بهتاناً من التهديدات الإسرائيلية التي كانت تلوح برد قاسٍ.

وحاول متحدث عسكري إسرائيلي تضخيم الرد، لكن الواقع على الأرض ينفي ذلك، إذ قال إن طائرات ومروحيات حربية شنّت غارات جوية على مجموعة من الأهداف داخل مجمع لإنتاج القذائف الصاروخية يتبع لـ"حماس" في خان يونس، فيما قصفت دبابات عسكرية مواقع لـ"حماس" على الحدود مع قطاع غزة.

وأعاد المتحدث العسكري كما كل مرة تحميل حركة "حماس" مسؤولية ما يجري في قطاع غزة وتداعيات الأعمال المنطلقة من القطاع.

ويعكس العدوان الإسرائيلي والقصف الذي استهدف بعض مواقع المقاومة الفلسطينية "العقلية الاجرامية للعدو الصهيوني"، وفق المتحدث باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع، الذي أكدّ لـ"العربي الجديد"، أن المقاومة حاضرة للرد على كل عدوان وحماية الشعب الفلسطيني ومقدراته.

وقال القانوع إن المقاومة تقوم بواجبها لحماية شعبها ومقدراتها، ولا يمكن أن تسمح للاحتلال بالتغول على الفلسطينيين وتثبيت معادلات جديدة، محملاً الاحتلال مسؤولية العدوان وما يترتب عليه.

استخدام "سام 7" للمرة الأولى

غير أن المفاجئ كان بعد دقائق من انتهاء الرد الإسرائيلي، إذ أعلنت قناة "الأقصى" التابعة لحركة "حماس"، أن وحدات الدفاع الجوي للمقاومة استهدفت الطيران المروحي الإسرائيلي بصاروخين من نوع "سام 7" المضاد للطيران غربي مدينة غزة في تمام الساعة 12:26 فجراً بالتوقيت المحلي.

ودخل "سام 7" للمرة الأولى الخدمة العسكرية لدى فصائل المقاومة، ويبدو أن مطلقيه من "كتائب القسام"، وقد ظهر الصاروخ المحمول على الكتف بعد عدوان العام 2012 في أكثر من عرض عسكري للكتائب في قطاع غزة، لكنه لم يستخدم إلا فجر الأحد، وفق المعلومات المتوفرة.

وقال الكاتب مصطفى الصواف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيداً أن تهديدات المقاومة ليست من فراغ، وأن استخدام "سام 7" في التصدي للعدوان أصبح واقعاً، إضافة للرسالة الثانية خلال العدوان والتي قامت خلالها المقاومة بإطلاق صواريخ تجريبية تجاه البحر تحمل رسالة للاحتلال بأن التصعيد سيكون أكبر أن لم يتوقف العدوان.

ولفت الصواف إلى أن الاحتلال بدا متردداً ومرتبكاً قبل العدوان، وأخذ قرار الرد على صاروخي تل أبيب ساعات طويلة، فالاحتلال يريد الرد على الصاروخين لكنه في ذات الوقت لا يريد أن تتدهور الأوضاع نتيجة هذا الرد، وقد شاهد قدرات المقاومة في الحرب الأخيرة قبل ستة أشهر.

واستخدام "سام 7" أيضاً استعراض للقوة من قبل المقاومة الفلسطينية ورسائل للاحتلال بأن أي عدوان مستقبلي سيواجه بالمزيد من القدرات لدى المقاومة، وأن ما بعد الحرب الأخيرة "سيف القدس" (في مايو/أيار الماضي) ليس كما قبلها، وفق الصواف.


إسرائيل عانت إرباكاً في ردها على إطلاق الصاروخين تجاه بحر تل أبيب

وفي السياق، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حسن لافي لـ"العربي الجديد"، إن إسرائيل عانت إرباكاً في ردها على إطلاق الصاروخين تجاه بحر تل أبيب، وإن الأمر كشف عن إشكالية كبرى لدى المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي، وإنهما باتا أمام معضلة "الموافقة على معادلة الخطأ وقصف فلسطين المحتلة"، أما المعضلة الثانية فتتمحور حول ما إذا "أدى أي رد غير محسوب إلى مواجهة كبرى مع غزة"، لأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير جاهزة لهذا الاحتمال.

إسرائيل غير جاهزة لحرب مع غزة

وأوضح لافي أن نوعية الرد تؤكد نجاح الوساطات في تخفيف التوتر، فهو لم يخرج عن المألوف الإسرائيلي، على الرغم من حجم التحريض في وسائل الإعلام لحكومة وجيش الاحتلال، مشيراً إلى أن إسرائيل غير جاهزة للذهاب إلى معركة كبرى جديدة مع غزة.

غير أن لافي لفت إلى أن الأجواء تبقى مشحونة في ظل أزمة الأسير المضرب عن الطعام هشام أبو هواش، خصوصاً في ظل قرار المقاومة بكامل قواها العسكرية والسياسية بالرد في حال جرى أي مكروه له، معتبراً أن هناك فرصة أفضل الآن للوسطاء للتحرك والضغط على الاحتلال لتنفيذ التفاهمات السابقة حول غزة.

وبإمكان الوسطاء، وفق لافي، أن يزيلوا ذريعة الحكومة الإسرائيلية بأنها غير مستقرة ولا تستطيع تنفيذ التفاهمات مع غزة، فالحكومة باتت مستقرة ويمكن للوسطاء أن يمارسوا دوراً فعالاً ومهماً، موضحاً أن الظروف القاسية في غزة والتلكؤ في الإعمار قد تدفع المقاومة للذهاب إلى المواجهة.