ردود ليبية أولية على مبادرة باتيلي بانتظار موقف حكومة الدبيبة وحفتر

ردود ليبية أولية على مبادرة باتيلي في انتظار موقف حكومة الدبيبة وحفتر

28 فبراير 2023
انسداد سياسي في ليبيا (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

بعد يوم على إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، والتي طرح فيها مبادرة لتيسير إجراء الانتخابات عبر تشكيل لجنة جديدة؛ صدرت ردود فعل أولية من الجانب الليبي المنقسم، ففي حين علّق مجلس النواب وحكومته على المبادرة، لا يزال المجلس الأعلى للدولة، وحكومة طرابلس، واللواء المتقاعد خليفة حفتر يلزَمون الصمت حيالها. 

وبعد رد مجلس النواب على مبادرة باتيلي، أعلنت الحكومة المنبثقة عنه، برئاسة فتحي باشاغا، تحفظها عليها، وعبرت عن استغرابها من عدم ذكرها في إحاطته. 

وأكدت وزارة الخارجية في الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، في بيان، اليوم الثلاثاء، أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية "هو الأساس الذي تستند إليه وتتعزز به شرعية مجلسي النواب والدولة". كما أشارت إلى أن الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، والتي لم يأت باتيلي على ذكرها، قد "انبثقت عن مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة"، وأن "المادة 64 التي استند إليها باتيلي في تقديم خطته ترتكز على اتفاق الصخيرات أيضاً". 

واعتبرت خارجية حكومة باشاغا ما وصفته بـ"محاولة تجاوز الأجسام السياسية الرسمية" أمرا "لا يساعد في الوصول إلى حلول ناجحة ومرضية، ويضع البعثة في موقف متناقض وغير محايد". 

وأمس الإثنين، علقت رئاسة مجلس النواب على مبادرة باتيلي، بالقول إن "نصوص الاتفاق السياسي حصرت الدعوة لانعقاد لجنة الحوار في طرفي الاتفاق، وهما مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة دون غيرهما من الكيانات الداخلية أو الخارجية". 

واعتبرت الرئاسة، في بيان، أن إحاطة باتيلي حملت "مغالطات" بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية، ومناقضتها لفقرات في ذات الإحاطة تقر بصدور التعديل الدستوري. 

وفيما أكد بيان مجلس النواب أن العملية السياسية "ملكية ليبية"، وأنها "الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن"، لافتاً إلى ما وصفه بـ"الغياب التام" في إحاطة باتيلي للحديث عن تعطيل انعقاد جلسة مجلس الدولة "من قبل القوى القاهرة التي أفشلت الانتخابات العام 2021"، و"عدم الحديث عن الفشل الذي لحق بباقي المؤسسات المنوطة بها مهام جسام لإنجاح أي عملية انتخابية وسياسية". 

كما عبر المجلس عن استغرابه عدم حديث باتيلي عن "عرقلة المصالحة وتعطيلها، وكذلك الفساد وإهدار المال العام، وتأثير ذلك على تعطيل العملية الانتخابية بالبلاد"، معتبراً أن ذلك "يضع البعثة الأممية في دائرة الكيل بمكيالين، ويضعها في جانب عدم الحياد بين الأطراف الليبية". 

وقال البيان إن مجلس النواب "عمل بكل جد مع مجلس الدولة والبعثة الأممية في إنجاز المطلوب، في ظل التعقيدات المحلية والدولية، وأنجز القدر اللازم لإجراء الاستحقاق الانتخابي في أقرب الآجال". 

وأضاف: "نذكِّر كل الليبيين، والمبعوث الخاص، والمجتمع الدولي بأن تحميل مجلس النواب وحده هذه المسؤولية هو أمر غير صحيح، وينافي الواقع الليبي، فالتدخل الخارجي، وعدم إكمال خريطة مخرجات جنيف في الآجال المحددة بالفعل، وعدم استكمال أهم مسارين، المصالحة والأمن، أهم العوائق أمام إنهاء الأزمة الليبية". 

وعلى الجانب غير الرسمي، غلب الترحيب بمبادرة باتيلي على أي انتقاد لها.

وفي السياق، اعتبر نائب رئيس حزب التغيير، أحمد بن رجب، أن مجلسي النواب والدولة "لم يتركا مجالاً لحل يمكن التوافق عليه بينهما ويرضي جميع الأطراف"، وقال، في تصريح لتلفزيون ليبي، أمس الإثنين: "لا يخفى على أحد دور المجلسين في إرباك الوضع السياسي في ليبيا لسنوات". 

كذلك، رحب "تكتل إحياء ليبيا"، الذي يضم مجموعة من الأحزاب الليبية، بالمبادرة، وقدم الشكر للمبعوث الأممي على احترامه إرادة أكثر من 2.8 مليون ناخبة وناخب استعدوا للإدلاء بأصواتهم منذ أكثر من عام. 

بدوره، رحب "تجمع الأحزاب الليبية"، اليوم الثلاثاء، بإحاطة باتيلي، وتقدم في بيان اليوم بالشكر للمبعوث الأممي على "احترامه إرادة الناخبين"، معلناً عن دعمه إنشاء اللجنة الجديدة "على أن يتم هذا العمل فعلا لا قولا، والجمع فيها بين مختلف الأطراف الليبية المعنية" بمن فيهم "ممثلو الأحزاب السياسية المعتمدة، وأبرز الشخصيات السياسية، وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلين عن المرأة والشباب"، بحسب بيان التجمع.

ودعا التجمع، الذي يضم 24 حزباً، إلى تفادي الأخطاء السابقة المتمثلة في انعدام التمثيل الحقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي، وانعدام إجراءات تعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة والفساد. 

وجاءت مبادرة باتيلي، التي أعلنها خلال إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن، أمس الإثنين، عقب استمرار حالة الانسداد السياسي التي نتج عنها عدم توافق مجلسي النواب والدولة حول الأساس الدستوري للانتخابات المؤجلة منذ نهاية 2021، وفقدان معظم المؤسسات الليبية شرعيتها منذ سنوات طويلة، ورغبة بعضها في بقاء الوضع كما هو عليه، يقابلها نفاد صبر الليبيين وتشكيكهم في رغبة الأطراف الحالية بإجراء الانتخابات، وفق وصف المبعوث الأممي.

ولاقت مبادرة باتيلي دعماً دولياً من المندوبين، لاسيما لتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة والنساء والشباب، وتكون مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من خلال تيسير اعتماد الإطار القانوني وخريطة الطريق المحددة وفق جدول زمني لعقد الانتخابات في 2023، إضافة لتعزيز التوافق على أمن الانتخابات واعتماد مدونة سلوك لكل المرشحين. 

ولم يخض باتيلي في تفاصيل اللجنة من نواحي عددها، والجهة التي ستقوم باختيار أعضائها، وإطارها الزمني، وما إذا كانت ستبدأ من حيث انتهى المجلسان، هذا بالإضافة للسلطة التنفيذية التي ستشرف على الانتخابات وسط الصراع الدائر بين حكومتي الوحدة الوطنية بليبيا عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المعينة من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا.

وتعيش ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومة عيّنها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة الدبيبة المعترف بها أمميا، والذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

ولحل الأزمة أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات، إلا أن أعمالها انتهت دون تحقيق ذلك.

المساهمون