ردود على تصريح عون لـ"العربي الجديد" بشأن التحاق عناصر حزب الله بالجيش اللبناني

16 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 17 أبريل 2025 - 09:42 (توقيت القدس)
الرئيس اللبناني جوزاف عون في مقابلة مع العربي الجديد (14 إبريل 2025)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثارت تصريحات الرئيس اللبناني جوزاف عون حول إمكانية انضمام عناصر حزب الله للجيش جدلاً، مؤكدًا أنهم مواطنون لبنانيون ويحق لهم الانضمام إذا توفرت الشروط، مع رفض استنساخ تجربة الحشد الشعبي في العراق.

- أكد عون على أهمية الحوار مع حزب الله، مشيرًا إلى أن المحادثات في مراحلها الأولى، بينما أبدى حزب الله استعداده للحوار، وأبدت بعض الأطراف تحفظها بسبب التوازن الطائفي.

- شدد مسؤولون على أهمية دمج عناصر حزب الله في الجيش، مستندين إلى تجارب سابقة، مع التأكيد على ضرورة الحوار واستراتيجية أمن وطني لمواجهة التحديات.
توقفت أوساط سياسية وعسكرية عند تصريحات الرئيس اللبناني جوزاف عون لـ"العربي الجديد" بشأن إمكانية التحاق عناصر حزب الله بالجيش اللبناني "إذا أرادوا" بوصفهم مواطنين لبنانيين، إن توفرت فيهم المؤهلات والشروط لذلك، خصوصاً بعد الجدل الذي أحدثته، ومحاولة بعض الأطراف المحلية أخذ الكلام بمنحى آخر، في إطار المعارك السياسية الداخلية. وانقسمت الآراء بين مؤيّد لخطوة التحاق عناصر في حزب الله بالجيش اللبناني، ربطاً بتجربة لبنان إبّان الحرب الأهلية اللبنانية بعد عام 1990، في ما عُرف بإجراءات الاستيعاب، ومتحفظ عليها، باعتبار أنّ "حزب الله يختلف عن الأحزاب الأخرى، فهو حزب ديني وولاؤه غير لبناني"، فيما خرجت تصريحات لخبراء عسكريين ومحللين سياسيين على وسائل إعلامية مختلفة للتحليل والتعليق على هذا "المقترح".
وقال الرئيس عون، في حوار شامل مع "العربي الجديد"، نُشر اليوم الأربعاء، إنّ "عناصر حزب الله هم في النهاية لبنانيون، وإذا أرادوا الالتحاق بالجيش يمكن الخضوع لما يسمّى دورات استيعاب، وسبق أن خضع لها في السابق عناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية" (عند انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية). وأضاف: "بالتالي، يطلبون الانضمام إلى الجيش، وتجري الموافقة على الطلبات إذا توفّرت فيهم المؤهلات والشروط، سواء التعليمية أو الطبية والعمرية، وغير ذلك، وما يُطبَّق على كل اللبنانيين يُطبّق على شباب حزب الله. لم نتحدث بذلك معهم بعد، لكنْ هذا تصوّرنا، نطبّق قانون الدفاع عليهم وعلى غيرهم". وشدد عون، قائلاً: "لن نستنسخ تجربة الحشد الشعبي في استيعاب حزب الله في الجيش، ولن  يكون وحدةً مستقلة داخل هذا الجيش".
في السياق، قالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "كلام عون كان واضحاً بعدم استنساخ تجربة الحشد الشعبي، وأن لا يكون هناك وحدة مستقلة داخل الجيش، والباب مفتوح لأي مواطن لبناني بالانضمام إلى أي مؤسسة أمنية، وطلبه يُقبل إن توفرت فيه الشروط والمؤهلات، وهذا الكلام واضح، لكن للأسف هناك من يسعى لأخذه بمكان آخر لأهداف سياسية".
من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "كلام الرئيس عون كان إيجابياً جداً، وهو يتمسّك بالحوار، كما حال حزب الله الذي لديه إرادة التفاهم ومنفتح وجدي بهذا الشأن"، مشيراً إلى أنّ "الأمور لا تزال في أوائلها على صعيد الحوار حول السلاح". ولفت المصدر إلى أنّ "حزب الله والرئيس عون لم يتطرقا بعد إلى أي تفاصيل، وطبعاً سيكون لدى كل طرف تصوّره ورؤيته وأفكاره، وستوضع على الطاولة للنقاش، ومواقف عون إيجابية، لكن هناك من يسعى لتحريفها في إطار هجومه على حزب الله وإظهار عناصره أنهم إرهابيون أو ما شابه، ويجب إبعادهم عن المؤسسة العسكرية".
وقال مصدرٌ في حزب القوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع)، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك عوائق عدّة تحول دون التحاق عناصر حزب الله بالجيش اللبناني، أبرزها عقيدته الدينية، وانتماؤه إلى ولاية الفقيه، عدا عن أن أعداد العناصر في الحزب كثيرة، وهناك توازن طائفي يجب الحفاظ عليه في المؤسسة العسكرية". وتعليقاً على ذلك، يقول رئيس جهاز التواصل والإعلام في القوات اللبنانية شارل جبور لـ"العربي الجديد": "إنّنا نأخذ بداية مواقف الرئيس عون بكل عناصرها والنقاط والعناوين التي طرحها، فهو طرح حواراً ثنائياً مع حزب الله وصولاً إلى احتكار الدولة للسلاح وبسط سيادتها على كامل أراضيها، ما يعني أن المسألة لم تعد خاضعة للحوار، بل هي تنفيذية تطبيقاً للدستور اللبناني، أي أننا أمام حوار تواصلي تنفيذي".
وأضاف جبور: "عون أكد أننا لسنا بوارد استنساخ تجربة الحشد الشعبي في لبنان على غرار العراق، ما يعني أن لا لواء شيعياً بالجيش اللبناني، وهذه نقطة مهمة، ومن بعدها تأتي النقطة المتعلقة باستيعاب من يمكن استيعابه ضمن إعادة كودرته، وعندما نتكلم عن إعادة كودرة، فهذا يعني أن الأمور ليست ذاهبة باتجاه محدد، بل تشمل جميع اللبنانيين على قاعدة واضحة المعالم بما يتناسب مع متطلبات الجيش اللبناني وحاجاته، وبالتالي لا يعني شخص ينزع بزته ويدخل المؤسسة العسكرية".
بدوره، يقول الصحافي صلاح تقي الدين، رئيس تحرير جريدة الأنباء (يملك امتيازها زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط)، لـ"العربي الجديد"، إن موضوع استيعاب عناصر حزب الله بالجيش "موقف يتماشى مع خطاب القسم، والرئيس عون كان واضحاً منذ انتخابه في 9 يناير/كانون الثاني الماضي بأنه يريد لعهده أن ينجح وينهي مسألة النقاط العالقة بين لبنان وسورية، وهذا ما يقوم به رئيس الحكومة نواف سلام أيضاً، إنما جاءت مسألة احتلال إسرائيل للنقاط الخمس واستمرار اعتداءاتها لتعقّد مهمّته نوعاً ما، لكنّه جادّ بمعالجته، وأعتقد أن اتصالاته وجولاته التي يقوم بها، خصوصاً عربياً، ستفضي إلى إيجاد حلّ للمسألة".
وأضاف تقي الدين، حول موضوع السلاح وعناصر حزب الله، أنّ "موقف عون يشدد، كما موقف السلطة القائمة حالياً، وتحديداً الحكومة، على ضرورة لمّ السلاح أو على الأقل نزع السلاح من أيدي كل المليشيات، وليس فقط حزب الله، ودعوة عون إلى دمج عناصر الحزب ضمن المؤسسات أمر جيد، ونحن ننظر إليه بإيجابية، وسبق لنا أن مررنا بتجربة مماثلة في بداية التسعينيات بعد اتفاق الطائف وحل المليشيات، عندما استوعبت المؤسسات الأمنية، بقرار من السلطة السياسية القائمة آنذاك، خلال عهد الرئيس إلياس الهراوي، عناصر من الاشتراكي وأمل والحزب الشيوعي والقومي والكتائب والقوات، وإلى ما هنالك". وأردف تقي الدين: "أعتقد أنها كانت تجربة ناجحة، بمعنى أن انضمام هؤلاء المقاتلين إلى صفوف المؤسسات يعود بالنفع من ناحية استيعابهم والاستفادة من قدراتهم، خصوصاً أن حزب الله تكونت لديه قدرات كبيرة نتيجة مشاركته في العديد من الحروب، وأرجو أن يقبل حزب الله بتسليم سلاحه والانضمام إلى المؤسسة الرسمية".
من جهته، يقول المنسّق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" العميد منير شحادة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الرئيس عون كان واضحاً بقوله بعدم استنساخ تجربة الحشد الشعبي، بمعنى أن يكون هناك وحدة عسكرية منفصلة، بل يمكن استيعاب عناصر من المقاومة بوصفهم مواطنين لبنانيين للانخراط في المؤسسات العسكرية، وهذا لا يقتصر فقط على الجيش اللبناني، وإنما كل الأجهزة، في حال توفر الشروط، خصوصاً لناحية السنّ، والفحص الطبي والمستوى العلمي، التي يأتي بعدها خوض دورة تدريبية لمدة أربعة أشهر، قبل أن يصبح متطوعاً في الجهاز".
وأردف شحادة بأن "الأجهزة الأمنية كلها بحاجة لتطويع آلاف العناصر، لكن التركيز على الجيش حالياً في ظل المهام المترتبة عليها، لجهة تنفيذ القرار 1701، إذ هناك حاجة لعشرة آلاف جندي، بينما حالياً هناك 6 آلاف تقريباً، من دون أن ننسى الحاجة إلى تطويع عسكريين لضبط الحدود الشرقية، لذلك هناك حاجة لآلاف المدنيين للتطويع، وستُعلَن الحاجة لذلك من كل الطوائف، من ضمنها الطائفة الشيعية، فهناك توزيع طائفي أيضاً يجب مراعاته". ويعتبر شحادة أن "تضخيم الموضوع بهذا الشكل يندرج في إطار الحرب الإعلامية على المقاومة لتشويه سمعة المقاومة وعناصرها". ويشير كذلك إلى أن "عون يعلم بتعقيدات الوضع في لبنان، وهو صرّح بأنه تحدّث إلى الأميركيين عن حرصه على السلم الأهلي، وضرورة معالجة الملف في إطار الحوار واستراتيجية أمن وطني، ضمنها استراتيجية دفاعية، في حين أن المقاومة منفتحة على ذلك، لكنها تضع شروطاً للجلوس إلى الطاولة، على رأسها انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها ووقف اعتداءاتها".
وفي عام 1991، حُلت التنظيمات المسلحة والمليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، باستثناء حزب الله ربطاً بمواجهة التهديدات الإسرائيلية في الجنوب، وتقرر في جلسة عقدت في مايو/ أيار، في عهد الرئيس الياس الهراوي، استيعاب المليشيات داخل الجيش، وقد بلغ تقريباً عدد العناصر المتطوعين أكثر من 10 آلاف، وبينهم ينتمون إلى أحزاب عدة، أبرزها الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، وحركة أمل. وإبان تولّيه وزارة الدفاع، حلّ ميشال المر المليشيات، ومن جملة المقررات التي اتخذت الانتقال من ألوية ذات طابع طائفي أو مذهبي أو مناطقي إلى ألوية ذات طابع وطني عام، من خلال عملية الدمج التدريجية، وتثبيت مبدأ الولاء الكامل للمؤسسة العسكرية الشرعية ولقيادتها فقط، رفع نسبة الجهوز العددي من 35 في المائة إلى ما يزيد على 50 في المائة.
المساهمون