رايتس ووتش تستنكر "إساءة معاملة" معارضين للانقلاب في السودان

هيومن رايتس ووتش تستنكر "إساءة معاملة" معارضين للانقلاب في السودان

28 ابريل 2022
أطفال ونساء تعرضوا للانتهاكات على يد الانقلاب(جان مارك موجون/فرانس برس)
+ الخط -

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، قوات الأمن السودانية بـ"ضرب" محتجزين مناهضين للانقلاب، ومنهم أطفال تعرضوا لـ"التعرية" من ملابسهم ونساء تعرضن لـ"تهديد بالعنف الجنسي".

ومنذ انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لقي 94 سودانياً حتفهم وأصيب مئات في قمع الاحتجاجات ضد الانقلاب، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية.

وأحصت الأمم المتحدة نحو ألف موقوف، بينهم "148 طفلاً"، وحدوث ما لا يقل عن "13 حالة اغتصاب" لمتظاهرات.

وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، التي تتخذ لها مقراً في نيويورك، أن قوات الأمن "ضربت المتظاهرين المحتجزين وأساءت معاملتهم، بما يشمل تعرية الأطفال المحتجزين وتهديد النساء بالعنف الجنسي"، وفق ما جاء في نسخة عربية من بيانها.

وأضافت المنظمة أن "الاستهداف الوحشي للمتظاهرين محاولة لبثّ الخوف، وقد أفلت إلى حد كبير من الرقابة الدولية"، ودعت إلى تشديد الضغط على السلطات السودانية.

من جهته، قال باحث السودان في "هيومن رايتس ووتش" محمد عثمان: "يُشكّل الاستهداف الوحشي للمتظاهرين محاولة لبثّ الخوف، وقد أفلت إلى حد كبير من الرقابة الدولية. على مدى شهور، انتهكت قوات الأمن واحتجزت بشكل غير قانوني مئات الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، الذين يُعبَّرون عن معارضتهم للحكم العسكري".

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول، قاد قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان انقلاباً عسكرياً ضد حكومة السودان الانتقالية وأعلن حالة الطوارئ، في 26 ديسمبر/كانون الأول، أصدر أمرَ طوارئ يمنح قوات الأمن الحصانة وأعاد صلاحيات الاعتقال إلى "جهاز المخابرات العامة" (المخابرات)، صاحب السجل الحافل بالانتهاكات الجسيمة. ألغى أمرُ الطوارئ قرارَ الحكومة الانتقالية بسحب صلاحيات الاعتقال من المخابرات. 

منذ أن أعاد البرهان صلاحيات الاعتقال إلى المخابرات، تصاعدت الاعتقالات التعسفية للمتظاهرين. وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات تسيء استخدام سلطات الطوارئ لتنفيذ اعتقالات غير قانونية، منها الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.

بين فبراير/شباط وإبريل/نيسان 2022، قابلت "هيومن رايتس ووتش" 25 شخصاً، ثمانية رجال و17 امرأة، بينهم ثمانية معتقلين سابقين، وأقارب 13 محتجزاً من الخرطوم، ومدني في وسط السودان، وبورتسودان في الشرق، والفاشر في دارفور. 

كما قابلت "هيومن رايتس ووتش" أربعة محامين معنيين بحماية المتظاهرين، منهم اثنان من "مجموعة محامي الطوارئ"، وهي مجموعة غير رسمية قدمت المساعدة القانونية للمحتجزين وتدافع عنهم منذ الانقلاب.

ووجدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الأمن استهدفت الأشخاص الناشطين أو الذين يُعتقد أنهم ناشطون في حركة التظاهر. اعتُقل بعضهم أثناء المظاهرات أو بعدها مباشرة، بينما اعتُقل آخرون من الشوارع، أو من سياراتهم، أو منازلهم.

كما نفذت أقسام مختلفة من قوات الأمن اعتقالات، بما فيها شرطة مكافحة الشغب، و"شرطة الاحتياطي المركزي"، ووحدات عسكرية تابعة للقوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى عملاء مجهولين بملابس مدنية.

وشمل عنف قوات الأمن ضد المتظاهرين الاعتداء الجنسي وتهديدات بالاغتصاب. وأفاد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان بأنه حتى 22 مارس/آذار، أبلغت 16 امرأة عن تعرضهن للاغتصاب أثناء الاحتجاجات في الخرطوم.

كما أساءت قوات الأمن معاملة الأطفال، بما في ذلك تعريتهم وحلق رؤوسهم جزئياً. وقالت العائلات التي تمت مقابلتها إنها تعرضت للترهيب لإسقاط شكاوى محتملة ضد قوات الأمن. 

وقالت والدة طفل في مدني إنها وجدت ابنها (16 عاماً)، في مركز للشرطة بعدما حضر احتجاجاً في 13 ديسمبر/كانون الأول، وأضافت: "رأيت ابني ينزف وقد ضُرب بشدة. كان عاري الصدر. عندما طلبت فحصاً طبياً لابني، قالت لي الشرطة: (سنطلق سراح ابنك دون توجيه اتهامات، لكنكِ لن ترفعي علينا دعوى)".

وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الأمن بشكل عام تحتجز المتظاهرين في منشآت للشرطة أو في أماكن غير معلنة قبل نقلهم إلى السجن، لكن دون تقديمهم أمام محكمة أو وكيل نيابة.

وقال أربعة معتقلين احتُجزوا بين أسبوعين وأربعة أسابيع في سجنَيْ سوبا وأم درمان في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط إنهم حُرموا من الزيارات العائلية والاتصال بمحامين.

وقال محاميان يعملان في قضايا المحتجزين إن السلطات التي لديها مسؤوليات الإشراف على الاحتجاز، بما فيها مكتب النائب العام، غالبا ما تنكر معرفتها بأمر المحتجزين، أو ترسل العائلات إلى مؤسسات أخرى للحصول على معلومات. يمكن أن يُشكّل رفض الإقرار باحتجاز شخص ما أو الكشف عن مكانه في الحجز إخفاءً قسريا، وهي جريمة بموجب القانون الدولي.

وقال محام ومعتقلان سابقان تمت مقابلتهم إن الأوامر في الخرطوم باحتجاز شخص ما، أو تمديد احتجازه، أو إطلاق سراحه تُدار على ما يبدو من خلال اللجنة الأمنية المشتركة للولاية، والتي تضم ممثلين من جميع القوى الأمنية ويرأسها حاكم ولاية الخرطوم بالوكالة.

في 25 إبريل/نيسان، رفض قاض استمرار احتجاز 19 عضواً وموظفاً من "لجنة التفكيك"، الذين لم يمثلوا بعد أمام المحكمة رغم احتجازهم منذ فبراير/شباط بتهمة خيانة الأمانة، وهي جريمة جنائية يُعاقب عليها بالإعدام من بين عقوبات أخرى. تشكّلت اللجنة في ظل الحكومة الانتقالية لتتبع الفساد والاختلاس من قبل النظام السابق. كان خمسة من المعتقلين الـ19 قد اعتُقلوا سابقا مباشرة عقب الانقلاب لكن أطلق سراحهم لاحقاً. وفقاً لمحامي دفاع، حتى 27 إبريل/نيسان، أُفرج عن جميع الأشخاص الـ19 بكفالة.

خبير "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" المعيّن بشأن السودان زار البلاد في 21 فبراير/شباط، وخلال زيارته وفي تاريخ قريب منها، أفرجت السلطات بكفالة عن 115 شخصاً في الخرطوم متهمين بتعكير الصفو العام. بعد زيارته، استؤنفت الاعتقالات التعسفية. 

وقال محام لـ"هيومن رايتس ووتش" إن قوات الأمن احتجزت حوالي 100 رجل بين مارس/آذار وإبريل/نيسان ونقل بعضهم إلى سجون أخرى داخل الخرطوم وخارجها. في 22 إبريل، أفرجت السلطات عن 25 محتجزا من سجن سوبا في الخرطوم.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن على شركاء السودان الضغط على الجيش لوقف الاعتقالات، والسماح للمراقبين المستقلين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز، وإلغاء سلطات الطوارئ التعسفية المستخدمة لتبرير هذه الانتهاكات. 

وقال عثمان: "هذه الحملة المنظمة من الاحتجازات غير القانونية التي تهدف إلى خنق حركة المقاومة لن تتوقف دون ضغط مشترك ومنسق. على المجتمعات الإقليمية والدولية ألا تغفل عن مطالب المتظاهرين بحكم مدني يحترم الحقوق، وعليها أن تتخذ تدابير ملموسة لمحاسبة من يقودون القمع".