رئيس كولومبيا في رسالة متحدياً ترامب: سأقاوم غطرسة أميركا مهما كان الثمن

28 يناير 2025
رئيس كولومبيا خلال توقيع اتفاقية سلام مع حركة فارك، نوفمبر 2024 (أندريا أريزا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انتقد رئيس كولومبيا غوستافو بيترو سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معبراً عن رفضه لاستقبال الطائرات الأميركية لنقل المهاجرين الكولومبيين، ومؤكداً على مقاومته للضغوط الأميركية.
- أشار بيترو إلى إعجابه ببعض الشخصيات الثقافية الأميركية، لكنه انتقد سياسات ترامب النفطية، وأكد على اعتزازه بتراث كولومبيا الثوري، مشدداً على عدم خضوع بلاده للغطرسة الأميركية.
- أعلن بيترو عن فرض رسوم جمركية مماثلة لتلك الأميركية، داعياً لتعزيز الاكتفاء الذاتي الزراعي، في ظل توتر العلاقات بين البلدين وإلغاء مواعيد التأشيرات في السفارة الأميركية.

وجّه رئيس كولومبيا غوستافو بيترو، الاثنين، رسالة قاسية إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب، أكد فيها أنه سيقاوم غطرسة الولايات المتحدة حتى لو كان ثمن ذلك انقلاباً عسكرياً، وذلك على خلفية أزمة في العلاقات بين البلدين، اندلعت بعدما حاولت واشنطن ترحيل مهاجرين كولومبيين غير نظاميين، مقيدين بالسلاسل إلى بلادهم على متن طائرات عسكرية، في وقت تم إلغاء مواعيد التأشيرات في سفارة الولايات المتحدة في كولومبيا.

ونشر بيترو (64 عاماً) رسالة مطولة مليئة بالتعبيرات الحادة والإشارات التاريخية عبر حسابه بموقع إكس، جرى تداولها بكثرة، ليطالعها عشرات الملايين حول العالم. ورفضت كولومبيا استقبال الطائرات الأميركية في البداية، ليخصص بيترو طائرته الرئاسية لاحقاً لنقل المهاجرين بصورة مشرفة.

وخاطب رئيس كولومبيا ترامب في بداية الرسالة قائلاً: "ترامب، أنا لا أحب السفر إلى الولايات المتحدة كثيراً، فهو شيء ممل قليلاً، لكنني أعترف بأن هناك بعض الأشياء الجديرة بالثناء. أحب الذهاب إلى أحياء واشنطن السوداء، وقد رأيت هناك شجاراً كاملاً في العاصمة بين سود ولاتينيين بمتاريس، وبدا لي الأمر سخيفاً لأنه أحرى بهم أن يتحدوا".

وأضاف: "أعترف بأنني أحب (الشاعر والصحافي الأميركي) والت ويتمان، و(الموسيقي) بول سيمون، و(المفكر) نعوم تشومسكي، و(الكاتب المسرحي) آرثر ميلر. وأعترف بأن (الناشطين العماليين) نيكولا ساكو، وبارتولوميو فانزيتي، اللذين يحملان دمي، خالدان في التاريخ الأميركي وأنني أسير على خطاهما. قتلهما على الكرسي الكهربائي الفاشيّون الموجودون في الولايات المتحدة كما يوجدون في بلدي؛ لأنهما كانا قائدين عمّاليين".

ومضى بيترو يقول: "لا أحب نفطك يا ترامب، ستقضي على النوع البشري بسبب الجشع. ربما يأتي يوم، ومع كأس من الويسكي الذي أتقبله رغم معاناتي من التهاب المعدة، يمكننا التحدث بصراحة عن هذا الأمر. لكن ذلك يبدو صعباً لأنك تعتبرني من عرق أدنى، وأنا لست كذلك، ولا أي كولومبي آخر". وأضاف مواصلاً انتقاداته اللاذعة لترامب: "إذا كنت تعرف شخصاً عنيداً على وجه الأرض، فأنا هو، نقطة. يمكنكم عبر قوتكم الاقتصادية وغطرستكم أن تحاولوا تنفيذ انقلاب ضدي كما فعلتم مع (الرئيس التشيلي السابق سلفادور) أليندي (1908-1973). لكنني سأموت على مبدئي. قاومت التعذيب وسأقاومك أيضاً".

وتابع: "لا أريد مستعبِدين بجوار كولومبيا، فقد كان لدينا الكثير منهم، وتحررنا. ما أريده بجوار كولومبيا هو عشاق الحرية. إذا كنت لا تستطيع أن تكون واحداً منهم، فسأتوجه إلى أماكن أخرى. كولومبيا هي قلب العالم، وأنت لم تفهم هذا. إنها أرض الفراشات الصفراء وجمال ريميديوس، ولكنها أيضاً أرض العقيد أوريليانو بوينديا وسلالته، وأنا واحد منهم، وربما الأخير".

وبوينديا شخصية رئيسية في رواية "مائة عام من العزلة" للكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز. وتمثل النضال الثوري من أجل العدالة في أميركا اللاتينية. ومستذكراً الرئيس الأميركي السابق أبراهام لينكولن (1809-1865)، مضى بيترو يقول لترامب: "قد تقتلني، لكنني سأعيش في شعبي، الذي سبق شعبك في الأميركتين. نحن شعوب الرياح، والجبال، والبحر الكاريبي، والحرية. لا تحب حريتنا؟ حسناً. لن أمد يدي لمصافحة تجار العبيد البيض. بل أصافح البيض الأحرار، ورثة لينكولن، والشبان السود والبيض من الولايات المتحدة، الذين بكيت وصليت على قبورهم في ساحة معركة وصلت إليها بعدما عبرت جبال توسكانا الإيطالية ونجوت من كوفيد". وأردف: "هؤلاء هم أميركا، وأمامهم أنحني، وليس أمام أي أحد آخر. أسقطني، أيها الرئيس، وسترد عليك الأميركتان والإنسانية".

بيترو: كولومبيا توقفت عن النظر إلى الشمال

وفي إشارة إلى تاريخ بلاده، أكد بيترو أن "كولومبيا الآن تتوقف عن النظر إلى الشمال، وتنظر إلى العالم. دماؤنا تأتي من خلافة قرطبة، التي كانت في وقتها رمزاً للحضارة، ومن الحضارة الرومانية المتوسطية، التي أسست الجمهورية والديمقراطية في أثينا؛ دماؤنا تحمل في طياتها صمود السود الذين حُولوا إلى عبيد على أيديكم. في كولومبيا يوجد أول أرض حرة في الأميركتين، قبل واشنطن، في كل أميركا. هناك أجد ملاذي في الأغاني الأفريقية". وأضاف معتزاً ببلده: "أرضي بلدٌ صاغ الذهب والفضّة في عهد الفراعنة المصريين، وأرض أول فناني العالم الذين رسموا على أحجار شيريبكيت. لن تسيطر علينا أبداً. يقف في وجهك المحارب الذي جاب أراضينا صائحاً بالحرية، واسمه (القائد الفنزويلي) سيمون بوليفار".

وأكد أن "شعوبنا خجولة بعض الشيء، ودودة ومحبّة، لكنها ستعرف كيف تستعيد قناة بنما التي أخذتموها بالعنف. هناك يرقد مائتا بطل من جميع أنحاء أميركا اللاتينية، في بوكاس ديل تورو، التي كانت جزءاً من كولومبيا قبل أن تصبح جزءاً من بنما، والذين قتلتموهم". وقال أيضاً: "إنني أرفع علماً، وكما قال (الزعيم الكولومبي خورخي إليسير) غايتان، حتى لو بقي وحده، سيظل العلم مرفوعاً بكرامة أميركا اللاتينية، التي هي كرامة أميركا التي لم يعرفها جدك، بينما عرفها جدي، أيها الرئيس المهاجر إلى الولايات المتحدة".

ومتحدياً ترامب، مضى يقول: "حصاركم لا يخيفني، لأن كولومبيا، إلى جانب كونها بلد الجمال، هي قلب العالم. أعلم أنك تحب الجمال كما أحبه، فلا تسئ إليه وستمنحك كولومبيا حلاوتها. كولومبيا من الآن تفتح ذراعيها للعالم كله. نحن بناة الحرية، الحياة، والإنسانية". وختم رسالته قائلاً: "علمت أنكم تفرضون 50% رسوماً جمركية على ثمار عملنا البشري لدخول الولايات المتحدة، وسأفعل الشيء نفسه. دع شعبنا يزرع الذرة التي اكتُشفت في كولومبيا لتغذية العالم".

وتأتي رسالة بيترو في وقت تم إلغاء مواعيد التأشيرات في سفارة الولايات المتحدة في كولومبيا أمس الاثنين، بعد نزاع بين رئيسي البلدين حول رحلات الترحيل من الولايات المتحدة التي كادت أن تتحول إلى حرب تجارية مكلفة بين البلدين. ووصل عشرات من الكولومبيين إلى السفارة الأميركية في بوغوتا، حيث تم تسليمهم رسائل من قبل الموظفين المحليين تفيد بإلغاء مواعيدهم، "بسبب رفض الحكومة الكولومبية قبول رحلات الترحيل لمواطني كولومبيا" في عطلة نهاية الأسبوع.

وفي وقت لاحق من يوم الاثنين، قالت وزارة الخارجية الكولومبية إن الحكومة أرسلت طائرة تابعة للقوات الجوية الكولومبية إلى سان دييغو، لاستقبال مجموعة من الكولومبيين الذين كانوا على متن رحلة ترحيل جوية تم منعها من الهبوط صباح الأحد. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، الاثنين، إن إدارة ترامب ستتخذ إجراءات إذا لم تلتزم الدول باتفاقياتها، مثل قبول المرحلين. وأضافت في مقابلة مع برنامج "ذا ستوري" على قناة فوكس نيوز: "كان الهدف من هذا هو تذكير كولومبيا بأن هناك ثمناً يجب دفعه إذا خالفتم اتفاقياتكم، والأشياء التي وعدتم بها".

ويحتاج المواطنون الكولومبيون، مثل معظم المواطنين غير الأميركيين، إلى تأشيرة للسفر إلى الولايات المتحدة بغرض السياحة أو الأعمال أو لأغراض أخرى.

(الأناضول، أسوشييتد برس)

المساهمون