استمع إلى الملخص
- نجل أبو سنينة أكد أن والده ليس طرفًا في الخلاف العائلي المتعلق بالإرث، وأن المعتدين معروفون للشرطة منذ سنوات دون اتخاذ إجراءات، محذرًا من تصعيد الأمور.
- الاعتداء يأتي في ظل أزمة مع حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، وبلدية الخليل أدانت الحادثة وعلقت الدوام الرسمي استنكارًا.
تعرّض رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة لاعتداء جسدي، فجر اليوم الخميس، على يد ملثّمين أثناء خروجه من أحد المساجد القريبة من منزله في المنطقة الجنوبية من المدينة، جنوب الضفة الغربية. وجاء الاعتداء في وقت شهدت فيه الخليل انقطاعاً واسعاً للتيار الكهربائي خلال الليلة الماضية؛ ما أدى إلى تعطّل معظم كاميرات المراقبة، سواء التابعة للبلدية أو الخاصة بالمحال التجارية المنتشرة في الشوارع. وشهدت الخليل سلسلة حالات إطلاق نار، نفذها مجهولون حيث سُمعت أصوات إطلاق نار في عدة مناطق خلال ساعات الليل المتأخرة.
ورغم ذلك أظهرت مقاطع مصورة مسجّلة من إحدى كاميرات مراقبة، ملثمين يترجّلون من مركبة مجهولة توقفت قرب أبو سنينة لحظة خروجه من المسجد، ليضربوه بشكل مفاجئ قبل فرارهم من المكان بسرعة، مستغلّين حالة الظلام وعدم وجود أي نشاط للأجهزة الأمنية الفلسطينية في مناطق تصنف "إتش 2"، أي خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية. ووفق الناطق الإعلامي باسم الشرطة الفلسطينية، العميد لؤي ارزيقات، فإن الاعتداء الذي وقع على أبو سنينة "مرتبط بخلافات عائلية قديمة"، مشيرًا إلى أن الشرطة باشرت التحقيق في الحادثة وتتابع مجرياتها لحظة بلحظة، بعد أن تقدم رئيس البلدية بشكوى رسمية بحق المعتدين.
وأكد ارزيقات أن الجهات المختصة "تعمل على إحضارهم تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم". غير أن نجل رئيس البلدية، حمزة أوضح أن "الاعتداء وإن كان على أثر خلاف عائلي؛ لكن والده ليس طرفًا فيه". وقال حمزة أبو سنينة لـ"العربي الجديد" إن "المشكلة عائلية قديمة لا علاقة لوالده بها، بل كان قد تدخّل في وقت سابق كوسيط لحلّها"، لافتًا إلى أن القضية تتعلق بخلاف على الإرث بين طرفين من العائلة.
وأوضح "والدي لم يكن طرفًا بأي شكل، وإنما حاول رأب الصدع عام 2022، لكن أحد الأطراف رفض الحل، وهاجم الطرف الآخر بإطلاق نار أصاب أربعة أفراد، أحدهم أُصيب بجروح خطيرة في ذلك الوقت"، مضيفاً "المعتدون معروفون لدى الشرطة منذ تلك الفترة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم خلال السنوات الثلاث الماضية". واعتبر أبو سنينة أن "غياب ملاحقتهم شجّعهم على التمادي وتوسيع نطاق الأذى بحقّ أي طرف"، موضحًا أن الاعتداء لم يقتصر على والده فحسب، بل "نفّذوا في الوقت نفسه فجر اليوم اعتداءً آخر بإطلاق النار على مركبة أحد أفراد العائلة".
وأشار إلى أن المعتدين استغلوا انقطاع التيار الكهربائي في المدينة منتصف الليل، "بسبب أعمال صيانة"، وهو ما تسبب حسبه، "بتعطّل معظم كاميرات المراقبة في الشوارع والإشارات، مما مكّنهم من تنفيذ الاعتداء دون توثيق دقيق". وأكد نجل رئيس البلدية أن العائلة أعطت "القانون الوقت الكافي ليأخذ مجراه، لكن لم تُتخذ أي إجراءات حتى اليوم"، محذرًا من أنه "إذا لم يتم اعتقالهم أو قيامهم بتسليم أنفسهم والاعتذار بالشكل القانوني والعشائري، فإننا كعائلة لن نصمت، خاصة وأن هذا الاعتداء لم يكن الأول، بل سبقه سلسلة اعتداءات على مدى الأشهر والأسابيع الماضية".
يأتي هذا الاعتداء في ظلّ أزمة داخلية يمرّ بها تيسير أبو سنينة منذ سنوات مع قيادة حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، على خلفية مواقفه السياسية وانتقاداته المتكررة للمنظومة السياسية الرسمية، ومواقفه من القضايا الوطنية. وكان قد عرض عليه تولّي مناصب قيادية أو دبلوماسية مقابل التراجع عن مواقفه، لكنه رفض ذلك، حسب تصريحات سابقة له. وترشح أبو سنينة في انتخابات بلدية الخليل عام 2017 على رأس قائمة حركة "فتح"، وفاز برئاسة البلدية، قبل أن تتفاقم الخلافات الداخلية في صفوف الحركة، ويُستبعد لاحقًا.
وخاض أبو سنينة انتخابات عام 2021 على رأس قائمة مستقلة ضمّت شخصيات يسارية وإسلامية، وفاز مجددًا بمنصب رئيس البلدية، ما دفع "فتح" إلى فصله رسميًا من عضويتها، رغم كونه أحد رموزها التاريخيين في المدينة، لا سيما بعد تنفيذه عملية "الدبويا" عام 1980، وسجنه المؤبد، ثم الإفراج عنه في صفقة تبادل عام 1983، ومغادرته إلى الأردن للعمل ضمن لجنة تنظيم 77 التابعة للحركة، قبل عودته للضفة وتوليه منصبًا في وزارة الأوقاف.
بدورها، أدانت بلدية الخليل "الاعتداء الجبان"، واعتبرته "عملاً إجراميًا لا يمتّ إلى الدين أو الأخلاق أو الأعراف بصلة". جاء ذلك في بيان عن المجلس البلدي اعتبر "هذا الفعل الإجرامي لا يُعدّ مجرد اعتداء على شخص رئيس البلدية، بل هو استهداف مباشر لمؤسسة بلدية الخليل، ورمز من رموزها الشرعية المنتخبة، وهو ما يعكس انحداراً خطيراً في السلوك المجتمعي، ومحاولة مرفوضة لفرض الفوضى". كما أعلن مجلس بلدي الخليل مع نقابة العاملين عن تعليق الدوام الرسمي اليوم الخميس من الساعة 12:00 ظهرًا وحتى نهاية الدوام، استنكارًا لحادثة الاعتداء.