رئيس الحكومة الإيطالية يصل إلى الجزائر: شراكة جديدة تتجاوز الطاقة

رئيس الحكومة الايطالية يصل الى الجزائر: شراكة سياسية جديدة تتجاوز ملف الطاقة

11 ابريل 2022
وزير الخارجية الإيطالي ماريو دراغي (Getty)
+ الخط -

وصل رئيس مجلس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، إلى الجزائر في زيارة رسمية بدعوة من الرئيس عبد المجيد تبون، لبحث عدد من الملفات السياسية تخض العلاقات الثنائية والقضايا المنطقة المتوسطية، بما فيها الأزمة في ليبيا، إضافة إلى ملفات الطاقة والغاز والتعاون الاقتصادي بين البلدين.

وأجرى دراغي، فور وصوله، محادثات مع رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن، قبل أن يلتقي الرئيس عبد المجيد تبون، لإجراء مباحثات سياسية حول الملفات المشتركة والقضايا الإقليمية، خاصة في ملف الطاقة، على ضوء التطورات المتسارعة إقليميا ودوليا، وخاصة في ظروف الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى بحث الأزمات الإقليمية التي تلعب فيها كل من الجزائر وإيطاليا دورا مهما؛ كالأزمة الليبية، على أن يلتقي دراغي، في وقت لاحق من مساء اليوم، الجالية الإيطالية ومديري الشركات الإيطالية العاملة في الجزائر.

 ومن شأن زيارة دراغي إلى الجزائر الإسهام في التحضير الجيد للزيارة التي سيقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى روما شهر مايو/أيار المقبل، إذ كان سفير الجزائر في روما عبد الكريم طواهرية قد كشف، قبل أسبوعين، خلال لقائه المستشار الدبلوماسي للوزير الأول الإيطالي لويجي ماتيولو، أن الرئيس تبون سيزور إيطاليا خلال شهر مايو المقبل.

ويجمع المراقبون في الجزائر على أن زيارة رئيس الحكومة الإيطالية اقتصادية بامتياز، وتأتي في ظرف دولي عصيب باتت فيه الطاقة محركا مهما للعلاقات الدولية.

ويؤكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية عمار سيغة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الزيارة ستكون اقتصادية بامتياز، وسيكون ملف رفع إمدادات الغاز الجزائري نحو إيطاليا حاضرا ضمن الأولويات، فأوروبا كلها تحبس أنفاسها بعد طول الأزمة الأوكرانية والتي ستلقي بظلالها على ضمان إمدادات الغاز إلى أوروبا، إذ يمكننا أن نلاحظ أن عديد الدول الأوروبية تسعى إلى ضمان بدائل عن روسيا لضمان شتاء دافئ وتجنب تأثير ذلك على اقتصادياتها، في ذات السياق ستستثمر إيطاليا في علاقاتها المتينة مع الجزائر، لا سيما في مجالات الطاقة والاستثمارات المهمة في حقوق البترول، وهذا من أجل الظفر بعقود آجلة جديدة ورفع حصتها من الغاز الجزائري الذي أضحى محل تنافس دولي وأوروبي غير مسبوق".

وتم الأسبوع الماضي التوقيع على اتفاق بين شركة المحروقات الجزائرية "سوناطراك" وشركة "إيني" الإيطالية، على خطة لزيادة إمدادات الغاز من الجزائر إلى إيطاليا، وتطوير سريع لعدد من المشاريع المشتركة في قطاع النفط والغاز بمنطقة بركين جنوبي البلاد. وتعد الجزائر الممول الرئيسي لإيطاليا بالغاز الطبيعي، إذ بلغت صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا ملياراً و500 مليون متر مكعب في غضون شهر يناير الماضي، وترتبط الجزائر بخط أنبوب للغاز مع إيطاليا، يزود الأخيرة بحاجاتها من الغاز ومنها إلى باقي الدول الأوروبية، إذ تساهم الجزائر بنسبة 11 في المائة من إجمالي واردات القارة من الغاز.

ويعتقد سيغة، في سياق آخر، أن الجزائر هي الأخرى معنية أيضا باستغلال الفرصة والظروف الراهنة، لرفع عائداتها وتنويع شركائها وإظهار مدى التزامها مع شركائها، دون أن تقع في محاذير دعم الخيارات الغربية ضد موسكو، خاصة أن أي رفع لإمدادات الغاز باتجاه أوروبا قد يسبب حرجا للجزائر في علاقاتها مع موسكو.

وقال سيغة: "الجزائر ملزمة هي الأخرى بالاستثمار في الظروف الدولية التي تمر بها أوروبا، خاصة لإنعاش مداخيلها من العملة الصعبة، وإعادة بعث عجلة الاقتصاد التي توقفت بسبب سياسة التقشف والقرارات بتجنيد العديد من المشاريع الكبرى، وتجميد التوظيف في عديد القطاعات مما تسبب في أزمة اجتماعية خانقة، وسيكون أثر الانتعاش الاقتصادي في ظل تحسن كبير في أسعار مواد الطاقة في الأسواق العالمية حاضرا في قانون المالية التكميلي 2022 وكذا في قانون المالية للسنة القادمة 2023".

وعلى الرغم من أن العلاقات الجزائرية الإيطالية كانت مثالية على صعيد التعاون والتنسيق في مختلف المجالات، بحيث كانت إيطاليا شريكا سياسيا واقتصاديا جيدا بالنسبة للجزائر، فإن الظرف الراهن بالنسبة للجزائر لا يجعل من الغاز والطاقة المحرك الرئيس نحو تعزيز علاقاتها مع إيطاليا، إذ يأتي ذلك في ظل توتر للعلاقات الجزائرية مع شريكين من الضفة الشمالية للمتوسط، فرنسا وإسبانيا، بالنظر إلى تباين مواقف كل من مواقف البلدين من القضايا الإقليمية المهمة التي تعني الجزائر؛ ذلك أن الجزائر تبني علاقاتها البينية مع الدول وفقا للمواقف التي تتخذها تجاه سياستها الخارجية، لا سيما ملف النزاع في الصحراء الذي تعتبره قضية مصيرية لمستقبل الأمن الإقليمي، كما أن الجزائر وإيطاليا تلتقيان في المواقف في عدة قضايا، بما فيها الأزمة في ليبيا، وهو ما يفسر انحياز الجزائر لعلاقات أكبر مع إيطاليا، واتخاذها نقطة ارتكاز سياسية مع الضفة الشمالية للمتوسط، بديلا عن إسبانيا، بعد تغير في المواقف وتوتر في العلاقات الجزائرية الإسبانية مؤخرا نتيجة تغيير مدريد موقفها من النزاع في الصحراء.

ويمكن أن تفسر سلسلة وكثافة الزيارات المتبادلة مؤخرا بين المسؤولين الجزائريين والإيطاليين هذا التحول، إذ تعد زيارة رئيس الحكومة الايطالية الثالثة لمسؤول إيطالي إلى الجزائر في غضون شهر، إذ كان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو قد زار الجزائر نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، كما زار الجزائر الأسبوع الماضي الرئيس التنفيذي لشركة "إيني"، كلاوديو ديسكالتسي، وزار الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية شكيب قايد روما في نفس الفترة. وقبله زارها وزير المؤسسات الناشئة ياسين وليد. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أبدى رغبة معلنة في الاستفادة من التجربة الإيطالية في المؤسسات الصغيرة المنتجة، وقال إن الاقتصاد الإيطالي يشبه الاقتصاد الجزائري.