رئيس البرلمان اللبناني يدعو إلى مناقشة البيان الوزاري

18 فبراير 2025
من اجتماع الحكومة اللبنانية الجديدة، 11 فبراير 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى جلسة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، الذي يركز على تحرير الأراضي اللبنانية، احتكار الدولة للسلاح، الالتزام بالقرار الأممي 1701، وضبط الحدود وعودة النازحين السوريين.

- شهد البيان تغييرات ملحوظة بإسقاط عبارة "مقاومة"، مما يعكس الخلافات السياسية الحادة، ويركز على تحييد لبنان عن صراعات المحاور وتعزيز الحوار مع سوريا.

- يوضح الأستاذ وسام اللحام أن البيان مهم سياسياً كركيزة للنظام البرلماني، ويؤكد على استقلالية السلطة القضائية واستئناف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى جلسة يومي الثلاثاء والأربعاء في 25 و26 فبراير/ شباط الحالي من أجل مناقشة البيان الوزاري للحكومة، والاقتراع على الثقة، وذلك بعد إقراره أمس الاثنين من مجلس الوزراء.

وأكد البيان الوزاري في أبرز مضامينه، التزامَ الحكومة بتحرير جميع الأراضي اللبنانية، وواجب احتكار الدولة لحمل السلاح، وبسط سيادتها على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، إلى جانب الالتزام بالقرار الأممي رقم 1701 كاملاً، ومن دون اجتزاء ولا انتقاء، والتزام الترتيبات التي وافقت عليها الحكومة السابقة في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أي مع دخول وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ.

وأسقطت الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاماً عبارة "مقاومة" في البيان الوزاري، في ظلّ الخلاف السياسي الحادّ في البلاد حول إدراجها، لا سيّما مع التغيرات اللبنانية والإقليمية، وبعد الخسائر التي مني بها حزب الله عسكرياً وسياسياً، ورفع المعارضة الصوت عالياً باتجاه مواجهة جناحه العسكري ونزع سلاحه كاملاً.

ودأبت الحكومات المتعاقبة بعد اتفاق الطائف عام 1989، على إدراج عبارة المقاومة في بياناتها الوزارية، منها على سبيل المثال حكومة سليم الحص، بذكرها بند "تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي بكل الوسائل المتاحة، لا سيّما دعم المقاومة الباسلة والإصرار على المطالبة بتنفيذ القرار رقم 425 الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بالانسحاب الإسرائيلي الفوري وغير المشروط من الأراضي اللبنانية". كذلك، حكومة عمر كرامي في عام 1991، مع إشارتها إلى "حق الشعب اللبناني في المقاومة الوطنية المشروعة استناداً إلى شرعة الأمم المتحدة، واتّخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتحرير وبسط سيادة الدولة"، وأيضاً حكومة رفيق الحريري عام 1995، التي نص أحد بنود بيانها الوزاري على أنّ "حقّنا في مقاومة الاحتلال من الثوابت الوطنية والسياسية"، مشيراً إلى أن "مواجهة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة حقٌ وواجب".

ومضت الحكومات اللاحقة في الاتجاه نفسه، خصوصاً بعد عام 2000، مع تشكيل الحكومة الأولى بعد انسحاب جيش الاحتلال من الجنوب، وبقيت على المسار ذاته رغم الانقسامات والخلافات السياسية حوله، منها في العامين الماضيين، إذ كانت تُدرج العبارة لكن بصيغ مختلفة ومبهمة.

وورد في البيان الوزاري لحكومة سلام، ضرورة "تحييد لبنان عن صراعات المحاور، وإطلاق حوار جديّ مع سورية، وضبط الحدود، وعدم التدخل في شؤون كل دولة، وعودة النازحين السوريين، إلى جانب عدم استعمال لبنان منصّة للتهجّم على الدول الشقيقة والصديقة"، كما نصّ في مسودته التي أُدخلت عليها بعض التعديلات في الجلسة، على العمل من أجل إعادة الإعمار بكل شفافية عبر صندوق لدعم الإعمار، إلى جانب تعزيز مقوّمات العيش الكريم، والتعاون لتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي مع مناقشات لاحقة ستجري بهذا الإطار، واستكمال عودة المهجّرين، وتعزيز التعليم، ودور المرأة والمحافظة على البيئة، وتعزيز المجلس الاقتصادي والاجتماعي عبر الرجوع إليه، والتزام التدقيق الجنائي والمحاسبي على الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، مع التركيز على موضوع الإعلام والحريات العامة".

متخصص في القانون الدستوري: البيان الوزاري لا يتمتّع بأي قوة أو قيمة قانونية

في الإطار، يقول الأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري وسام اللحام لـ"العربي الجديد"، إن "البيان الوزاري لا يتمتع بأيّ قوة أو قيمة قانونية، وبالتالي فهو غير ملزم لمؤسسات الدولة والمحاكم، إذ هو بيان سياسي، لكنه في المقابل مهم جداً باعتباره ركيزة من ركائز النظام البرلماني، فالحكومة لا تستطيع أن تمارس صلاحياتها وأن تستمر في الحكم إلّا إذا نالت ثقة مجلس النواب وهذه الثقة تُمنح على أساس بيان وزاري تعرضُ الحكومة فيه خطتها ومشاريعها"، معتبراً أن "البيان له قيمة سياسية كبرى، لكن عادة في نظام سياسي يعمل بشكل طبيعي وبحكومة لديها خطة فعلية تريد أن تطبقها"، ويستطرد، "أما في لبنان، فإنّ الطابع الإنشائي يغلب على البيان الوزاري، بحيث نجد تكراراً للمبادئ نفسها، فالمهم ليس الخطة بل توازن القوى بين الأحزاب السياسية عندما شُكّلت الحكومة".

ويوضح اللحام أنّ "نصاب جلسة منح الثقة هو عادي، إذ يتطلب حضور النصف زائداً واحداً أي 65 نائباً من أصل 128، والتصويت يحتاج إلى غالبية النواب الحاضرين"، مشيراً إلى أنه "لا يحقّ لمجلس النواب تعديل البيان الوزاري ولا يحتاج إلى تعديله، إذ إنّ الحكومة تُحيل بيانها، فإما يمنحها الثقة أو يرفض، ويمكن أن يطلب منها تغيير المشاريع ولها أن تقبل، لكن التصويت على الثقة يكون للحكومة وليس للبيان الوزاري، بمعنى أن المجلس النيابي لا يناقشه أو يصوت على كل فقرة من فقراته".

ويتوقف اللحام عند أبرز تطور ورد في البيان، من الناحية السياسية، وهو غياب كلمة مقاومة، لكن يردف "هذه العبارة كانت تستخدم مُبهمةً، فالمقاومة صفة وليست اسم علم، كانت تورد بمعنى مقاومة وليس المقاومة بمعنى حزب الله، أي مقاومة اللبنانيين والشعب اللبناني، لذا كانت بمثابة حمّالة أوجه، يستغلّها حزب الله لتشريع وجوده، باعتبار أن القرار 1701 ينص على منع وجود أي سلاح لا توافق عليه الحكومة، فهذه كانت حجته، مع الإشارة إلى أنه حتى لو ذُكر حزب الله بالاسم في البيان فلا قيمة قانونية لذلك".

من ناحية ثانية، يعتبر اللحام أن "البيان فضفاض وعام وغير ثوري، لكن اللبنانيين متفائلون، على أمل أن يتحقق التغيير المنشود"، لافتاً إلى أنّ موضوع المصارف بقيَ مبهماً وهذا مثير للقلق، في المقابل، من الإيجابي ذكر استقلالية السلطة القضائية بكل فروعها، القضاء العدلي والإداري والمالي، وفق أعلى المعايير العالمية، ومن الضروري التصويت على قوانين جديدة، وهناك أصلاً قوانين تجري مناقشتها، إلى جانب الحديث عن ضرورة احترام التحقيق، واستئنافه في قضية انفجار مرفأ بيروت وتحقيق العدالة للضحايا".

المساهمون