رئيس أركان الاحتلال يتجول في عمق "المنطقة الأمنية" المحتلة داخل سورية

09 مارس 2025
آليات الاحتلال تتحرك بالقرب من القنيطرة، 19 ديسمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بجولة في "المنطقة الأمنية" داخل سوريا، وسط توغلات متكررة في مناطق مثل مجدوليا وريف درعا والقنيطرة، مع استهداف رعاة في كودنة، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية.
- تشير تقارير إلى أن التوغلات الإسرائيلية جزء من حرب استخباراتية تحت غطاء المساعدات الإنسانية، لزرع عناصر استخباراتية أو تجنيد عملاء، مما يزيد من معاناة المدنيين في ظل انهيار اقتصادي وأمني.
- يعبر سكان محليون عن استيائهم من الصمت الدولي تجاه الانتهاكات، مؤكدين أن التحركات تمثل اختراقاً للسيادة السورية وتفاقم معاناة المدنيين.

أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، اليوم الأحد، جولة ميدانية في عمق ما تسميها تل أبيب "المنطقة الأمنية" المحتلة داخل الأراضي السورية. وجاء في بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي: "قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، اليوم الأحد، بجولة ميدانية وتقييم للوضع في عمق المنطقة الآمنة داخل الأراضي السورية". وأضاف البيان: "وقد رافق رئيس الأركان؛ قائد المنطقة الشمالية في الجيش، أوري غوردين، وقائد الفرقة 210، العميد يائير فلاي، إضافة إلى عدد من القادة العسكريين".

جاء ذلك بينما توغلت قوات إسرائيلية، ظهر اليوم الأحد، في بلدة مجدوليا التابعة لمحافظة القنيطرة جنوبي سورية، بذريعة إجراء "استبيان ميداني" لتقديم مساعدات إغاثية، وفق ما أفادت مصادر من البلدة لـ"العربي الجديد". التوغل تزامن مع استهداف رعاة غنم بقذيفة دبابة إسرائيلية في منطقة "تل أحمر" شرق بلدة كودنة، ما أسفر عن إصابات لم تحدد أعدادها بعد، وسط تحليق مكثف لطائرات استطلاع إسرائيلية فوق محافظة القنيطرة.

ليلى الحسن، (اسم مستعار) وهي ناشطة مدنية من القنيطرة قالت لـ"لعربي الجديد"؛ إن التوغل الإسرائيلي لم يكن "دفاعياً بل جزء من حرب استخباراتية على الأرض السورية". وتساءلت الناشطة: "لماذا تدخل قواتهم إلى قرى مثل جملة وصيصون بالذات.. لأنها مناطق حدودية استراتيجية، والمساعدات الإنسانية مجرد غطاء لزرع عناصر أو تجنيد عملاء".

التوغل الإسرائيلي لم يكن "دفاعياً بل جزء من حرب استخباراتية على الأرض السورية

وأردفت: "نعم، الرعاة في كودنة ضحايا، لكن دعوات التعبئة في طفس ليست حلاً. التجارب السابقة علمتنا أن أي مواجهة مسلحة مع إسرائيل ستُسقط مزيداً من الضحايا. وخاصة في ظل تواطؤ المجتمع الدولي، لكن الحكومة أيضاً تتحمل كامل المسؤولية، أشك أنها باعتنا وتكتفي بالخطابات. لا نريد خطابات نارية، نريد الأمن والأمان".

وتشير مصادر إعلامية إلى حدوث سلسلة توغلات إسرائيلية خلال الساعات الماضية في ريفي درعا والقنيطرة. كالتوغل في قرية "جملة" بمنطقة حوض اليرموك غربي درعا، حيث اقتحمت قوة إسرائيلية مزودة بآليات عسكرية القرية للمرة الثانية خلال 24 ساعة، حيث يُرجح أنها نفذت عمليات تفتيش عن أسلحة. كما توغلت قوات أخرى في قرية "صيصون"، ودخلت مبنى "السرية العسكرية السابقة" فيها.  يأتي ذلك فيما تجاوزت قوة إسرائيلية حدود قرية "رسم الحلبي"، واستهدفت موقعاً عسكرياً مهجوراً بعمليات تجريف قبل انسحابها. وتأتي هذه الخطوات بعد اقتحامٍ مماثل أمس السبت لقرية جملة، شمل مداهمة منازل وتمشيطاً مكثفاً.

ويقول أحمد العلي من محافظة درعا لـ"العربي الجديد"؛ إن ما يحدث اليوم "ليس مجرد توغل عسكري، بل هو اختراق صارخ للسيادة السورية. كيف تُقصف مناطق وتحتل مناطقنا والإدارة السورية لا ترد على هذا الخرق؟ هذه مهزلة. وأيضاً القانون الدولي يتحدث عن حماية المدنيين، لكن الضحايا هنا يُقتلون مرتين: مرة بالحرب ومرة بصمت العالم".

ويردف العلي: "الناس هنا يعيشون على هامش الحياة منذ سنوات، لماذا تدخل القوات الإسرائيلية بآليات عسكرية ليلاً وتدمر ما تبقى من بنية تحتية؟ والأسوأ هو صمت الحكومة السورية وكأنها لا تسمع ولا ترى. نحن لسنا دمى. ولسنا أرقاما ساقطة".

وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان مقتضب أنه "يواصل نشاطه الدفاعي لحماية حدود إسرائيل وإزالة التهديدات المحتملة"، دون الإفصاح عن طبيعة الأهداف التي استهدفتها عملياته أو حجم الخسائر.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن ذريعة "المساعدات الإنسانية" التي رفعتها القوات الإسرائيلية في مجدوليا قد تكون محاولة لاختبار ردود الفعل المحلية أو الدولية، أو لزرع عناصر استخباراتية تحت غطاء إغاثي، في منطقة تعاني أصلاً من انهيار اقتصادي وأمني.

ورغم الادعاءات الإسرائيلية، فإن التوغلات العسكرية تزيد معاناة المدنيين في مناطق لا تزال تعاني من آثار الحرب السورية. فاستهداف الرعاة في كودنة، على سبيل المثال، يُظهر انتهاكاً واضحاً للحماية المكفولة للمدنيين بموجب القانون الدولي. كما أن التصعيد الأخير يهدد بتجدد المواجهات في منطقة هشة تعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية.

في الوقت نفسه، يُلاحظ صمت دولي إزاء هذه التطورات، ما يفتح الباب أمام مزيد من التدهور الأمني، ويدفع بالسكان المحليين إلى البحث عن خيارات دفاعية قد تعيد إشعال جذور الصراع.