رئاسيات فرنسا 2022.. خريطة المتنافسين تتضح ببطء

رئاسيات فرنسا 2022.. خريطة المتنافسين تتضح ببطء

15 أكتوبر 2021
نالت هيدالغو 72% من أصوات حزبها (توماس كوك/فرانس برس)
+ الخط -

ستة أشهر تقريباً تفصل فرنسا عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتتضح معها ببطء قوائم المتنافسين، وكأن الأحزاب لا ترغب في خوضها، خصوصاً أن اليمين الجمهوري لم يحسم أمره بعد بشأن مرشحه، فيما يظهر الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون بمظهر المترفع حتى الآن عن إعلان ترشحه لولاية جديدة.

ومع ساعات الفجر الأولى من اليوم الجمعة، أعلن الحزب الاشتراكي اختياره بشكل رسمي عمدة مدينة باريس آن هيدالغو لخوض الانتخابات، بعد اجتماع مطوّل، مساء أمس الخميس، تضمّن جولة تصويت انتهت بحصد هيدالغو أكثر من 72 في المائة من أصوات أعضاء الحزب، بعدما واجهت منافساً وحيداً: وزير الزراعة السابق ستيفان لو فول، حسبما أعلن سكرتير الحزب أولفييه فور.

وحتى الآن لا تعطي استطلاعات الرأي أرقاماً إيجابية لصالح هيدالغو، إذ راوحت نوايا التصويت بين 4 و7 في المائة قبل أن يعلن الحزب الاشتراكي دعمها رسمياً. وتبقي هذه النتيجة منافسها وحليفها من حزب "البيئة/الخضر" يانيك جادو متقدماً عليها في المنافسة، في وقت يتحدث فيه كثيرون عن إمكان حدوث تحالف بينهما على ما جرت العادة في مرات كثيرة. لكن هذه الفرضية لا تعلق عليها هيدالغو ولا يؤكدها جادو حتى الآن، بل إن سكرتير الاشتراكيين قال خلال إعلان فوز هيدالغو إن "رهاننا يحصل حين نسأل أنفسنا، كأطراف في اليسار، من مستعد للحكم؟ آن هيدالغو هي الوحيدة التي تمتلك هذه الصفات".

لا تعطي استطلاعات الرأي أرقاماً إيجابية لصالح هيدالغو

بالنسبة إلى أنصار البيئة الذين أنهوا انتخاباتهم التمهيدية مبكراً وأظهروا استعدادهم أكثر من غيرهم للانتخابات المقبلة، لا يبدو أن سيناريو التنازل لصالح الاشتراكيين كما حصل في انتخابات عام 2017 صالح لانتخابات 2022. وهذا ما يعبّر عنه مرشحهم يانيك جادو، الذي اعتبر أن ولاية الرئيس السابق فرانسوا هولاند لم تشهد أي إجراء اجتماعي كبير.

وفي آخر تصريحات له أطلقها يوم الإثنين الماضي، في مقابلة على "فرانس أنفو"، قال جادو، عندما سُئل عن موقفه من ترشح هيدالغو، وعما إذا كانت قادرة على تغيير ما فعله هولاند، ردّ قائلاً إن ترشحها "ليس موضوعي. الحزب الاشتراكي له تاريخ عظيم، وأنا لا أجادل في ذلك. أحسنت آن هيدالغو، لكن أنا من دعاة حماية البيئة. وأعتقد أن المشروع البيئي اليوم هو الذي يسمح لنا بتقديم مستقبل لأطفالنا، وهو ما يتيح لنا حل القضايا الاجتماعية، ما يسمح لنا بتنشيط الاقتصاد".

وهذه الإجابة تشير بوضوح إلى حجم التبابين بين رؤيتي الحزبين، فمسؤولو حزب "الخضر" كانوا قد أعلنوا أكثر من مرة أنهم سيخوضون هذه الانتخابات حتى النهاية، وأنهم لن يقدموا تنازلات للاشتراكيين كما فعلوا في الانتخابات الماضية، معتبرين أن برنامجهم والأجواء السياسية في البلاد تؤهلهم للمنافسة في الجولة الثانية في ربيع العام المقبل، رغم أن نوايا التصويت حتى الآن لا تزال متواضعة، إذ تشير إلى حصول جادو على أرقام تراوح بين 6 و11 في المائة فقط.

تقارير دولية
التحديثات الحية

في صفوف حزب اليمين، لا تبدو الصورة واضحة، رغم وضوح أسماء المرشحين لهذه الانتخابات: رئيسة منطقة إيل دو فرانس فاليري بيكريس، ورئيس منطقة أو دو فرانس كزافييه برتران، والمستشار السابق للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي ميشال بارنييه، والنائب في الجمعية الوطنية إريك سيوتي، ورئيس بلدية لاغارين كولومب فيليب جوفان.

وشهدت الأسابيع الماضية حالة من القلق في صفوف الجمهوريين، خصوصاً مع معارضة برتران لخوض انتخابات تمهيدية من أجل تحديد مرشح الحزب. والمفارقة أن برتران كان قد غادر الحزب عام 2017، إلا أنه بالنسبة إلى غالبية الجمهوريين الشخص الوحيد القادر على المنافسة في الانتخابات المقبلة، وهي رغبة لا تخفيها قيادة الحزب التي ما زالت تعتبره فرداً من العائلة وستضع اسمه في قائمة المرشحين للانتخابات التمهيدية.

الرؤى متباينة بين الاشتراكيين وأنصار البيئة

أمام هذا الضغط، عدل برتران عن رأيه الرافض لخوض انتخابات تمهيدية داخل الحزب الجمهوري، فهو أيضاً بحاجة إلى مظلة وإلى القواعد الانتخابية لحزبه السابق، وقرر خوض هذه المنافسة، لكنه في الوقت نفسه يؤكد باستمرار عدم رغبته بإعادة انضمامه إلى الحزب حتى وإن خاض الانتخابات التمهيدية معه في 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وبينما كان المفترض أن تتقدم حملة زعيمة "التجمع الوطني" المتطرف مارين لوبان، جاء الكاتب المثير للجدل إريك زمور ليبعثر أوراق اليمين المتطرف مع تصاعد احتمالات ترشحه للانتخابات، الأمر الذي دفع العديد من الشخصيات البارزة في "التجمع الوطني"، خلال اليومين الماضيين، إلى دعوة زمور لعدم تشتيت وتقسيم معسكر اليمين المتطرف.

وكان المتحدث باسم حزب "التجمع الوطني"، النائب سيباستيان شينو، قد اعتبر خلال مقابلة على قناة "فرانس إنفو"، نهاية الأسبوع الماضي، أن ترشح زمور "يقسم معسكر التجمع الوطني. القتال بيننا لا معنى له"، فالخصم الوحيد لليمين المتطرف هو إيمانويل ماكرون.

ويتصرف زمور كمرشح فعلي من دون أن يعلن ترشحه حتى الآن، فهو يقوم بجولات في الضواحي الباريسية الغنية، ويخوض مناظرات على شاشات التلفزيون، آخرها مع زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة"، المرشح للانتخابات الرئاسية جان لوك ميلانشون، ما جعل نوايا التصويت تقفز لصالحه متقدماً على لوبان، بعد حصوله على 15 في المائة.

وعلى الرغم من تقليل مسؤولي "التجمع الوطني" من أهمية نتائج استطلاعات الرأي قبل 6 أشهر من الانتخابات، إلا أن القلق واضح جداً في صفوف الحزب، وهذا يمكن استخلاصه من تغيير طريقة لوبان في التعاطي مع ترشح زمور، إذ بدأت بمهاجمته وتبيان الفوارق بين برنامجها وما يطرحه، وحالياً تركز على ما تسميه "الخلافات حول الخطة الاقتصادية والاجتماعية".

المساهمون