رؤساء الأركان الأوروبيون يبحثون ملف أوكرانيا الثلاثاء في باريس

07 مارس 2025   |  آخر تحديث: 08:27 (توقيت القدس)
زيلينسكي وفون ديرلاين ورئيس المجلس الأوروبي في قمة بروكسل، 6 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اجتماع رؤساء الأركان في باريس يهدف إلى مناقشة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا لضمان احترام اتفاق السلام المستقبلي، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

- يعمل ماكرون مع قادة أوروبيين على خطة سلام لأوكرانيا تتضمن هدنة وضمانات أمنية، لمنع اتفاق سلام متسرع بين الولايات المتحدة وروسيا دون ضمانات لأوكرانيا.

- وافق قادة الاتحاد الأوروبي على زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، مع توفير قروض بقيمة 150 مليار يورو لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية ودعم أوكرانيا.

يجتمع رؤساء أركان جيوش الدول الأوروبية المستعدة لضمان أي اتفاق سلام مستقبلي في أوكرانيا، يوم الثلاثاء المقبل، في باريس، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما أعطى قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 المجتمعون في بروكسل، أمس الخميس، في قمة استثنائية بشأن أوكرانيا، الضوء الأخضر لخطة طرحتها المفوضية الأوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي.

وسيحضر اجتماع رؤساء الأركان، الذي أعلن عنه ماكرون مساء الأربعاء، خصوصا "رؤساء أركان جيوش الدول الراغبة في تحمل مسؤولياتها" في حال احتمال "نشر قوات أوروبية" في أوكرانيا "لضمان الاحترام الكامل" لاتفاق السلام المستقبلي. وقال ماكرون، الخميس، بعد قمة بروكسل: "ستتم دعوة كل الدول، الثلاثاء، بالتنسيق الوثيق مع القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي التي ستشارك أيضا في هذه العملية".

ويحاول ماكرون مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وبالتنسيق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين الآخرين، وضع خطة سلام منعا لاحتمال أن تؤدي المباحثات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى "وقف لإطلاق النار يتم التفاوض بشأنه على عجَل، دون تقديم أي ضمانات" لكييف. وأوضح الرئيس الفرنسي أن هذه الخطة تقوم أولا وقبل كل شيء على "هدنة" يمكن التحقق منها "في الجو والبحر" وتشمل "البنية التحتية المدنية"، ويتم خلالها التفاوض على اتفاق سلام يوفر "ضمانات أمنية" لكييف من أجل تجنب هجوم روسي آخَر.

وقال إن الهدف من الاجتماع سيكون إجراء "مناقشات استكشافية أولية" حول "مجموعة كاملة من الخيارات" يجري النظر فيها لتوفير هذه "الضمانات الأمنية"، كما رحّب "باستئناف المحادثات" بين الولايات المتحدة وأوكرانيا المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل، بعد المشادة التي وقعت الأسبوع الماضي بين دونالد ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي.

قمة في بروكسل بشأن أوكرانيا: زيادة الإنفاق الدفاعي

وأعطى قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 خلال قمة استثنائية بشأن أوكرانيا، أمس الخميس، في بروكسل، الضوء الأخضر لخطة طرحتها المفوضية الأوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي، بحسب ما أفادت متحدثة باسم التكتل.

وبعد أسبوع على مشادته مع نظيره الأميركي في واشنطن، شكر زيلينسكي الأوروبيين على دعمهم لكييف في وقت تقوّض فيه الولايات المتحدة التحالف بين جانبي الأطلسي وتجمّد مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.

وأكد المجلس الأوروبي، الذي يضم رؤساء دول وحكومات الدول السبع والعشرين، "الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير"، بحسب نص إعلان مشترك لدول الاتحاد الأوروبي. ويتناول هذا النص النقاط الرئيسية في الخطة التي تم الكشف عنها هذا الأسبوع، ويطلب من المفوضية الأوروبية ترجمتها بسرعة إلى مقترحات ملموسة. ويجري النظر في عدة خيارات، بينها إمكان قيام الدول الأعضاء بزيادة إنفاقها العسكري من دون أخذ ذلك في الاعتبار خلال احتساب عجزها والذي يجب أن يقتصر من حيث المبدأ على 3% من إجمالي الناتج المحلي.

وأكدت المفوضية الأوروبية أن هذه الإمكانية المقدمة للدول الأعضاء قد تتيح الإفراج عن نحو 650 مليار يورو على مدى أربع سنوات. وكان الاقتراح ليثير احتجاجات بعض الدول الأعضاء التي تشعر بالقلق إزاء الاستقرار المالي في أوروبا، قبل بضعة أشهر، لكن الأولويات تتبدّل في أوروبا. وفي خطوة غير متوقعة، تدرس ألمانيا حاليا خطة استثمارات ضخمة لتعزيز جيشها.

إلى ذلك، تريد المفوضية الأوروبية توفير حوالى 150 مليار يورو بشكل قروض للدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لشراء أسلحة أو للاستثمارات المشتركة. وأخذت الدول الـ27 "علما" بهذه المبادرة وأشارت إلى أنها ستدرسها باعتبارها "أولوية".

ويتعين استخدام هذه الأموال للاستثمار المشترك، بين دولتين عضوين على الأقل، في المجالات حيث الاحتياجات أكثر إلحاحا، مثل الدفاع الجوي، والصواريخ، والمسيرات وأنظمة مكافحة المسيرات، أو أنظمة المدفعية. وأكدت فون ديرلاين أنه بفضل هذه المعدات "ستكون الدول الأعضاء قادرة على زيادة مساعداتها لأوكرانيا بشكل كبير".

وقال الرئيس الأوكراني مع انطلاق قمة استثنائية جمعت زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي: "نحن ممتنون جدا لأننا لسنا وحدنا. هذه ليست مجرد كلمات. نحن نشعر بذلك".

وتتكثّف المناقشات والمبادرات في ظلّ انقلاب الوضع الجيوسياسي منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وفي موسكو، رفضت وزارة الخارجية الروسية بشدّة فكرة وقف إطلاق نار موقت في أوكرانيا التي أثارتها فرنسا خصوصا، مطالبة باتفاقات حازمة بهدف الوصول لـ"تسوية نهائية". وأكد مسؤول بريطاني أن لندن تتباحث مع حوالى 20 دولة "مهتمة" بالمساهمة في إحلال السلام بأوكرانيا.

وفي تناقض واضح مع صورته إلى جانب الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، ظهر زيلينسكي في بروكسل محاطا برئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين، اللذين أكّدا تصميمهما على دعم كييف. وقالت فون ديرلاين خلال افتتاح القمة: "تواجه أوروبا خطرا واضحا وقائما، وبالتالي يتعين عليها أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، كما علينا منح أوكرانيا الوسائل اللازمة لحماية نفسها والعمل من أجل سلام عادل ودائم". وحذّر المستشار الألماني أولاف شولتز من "سلام مفروض" على أوكرانيا، فيما يثير تقارب واشنطن مع موسكو مخاوف من فرض تسوية غير مواتية لكييف.

إعادة تسليح

وفي تحول لم يكن ممكنا تصوره في عقود، قررت ألمانيا استثمار مبالغ طائلة في قدراتها العسكرية، ودعت من أجل ذلك إلى إصلاح قواعد الميزانية الأوروبية المتشددة، وهو ما فاجأ العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين بعدما كانت برلين تتمسك حتى الآن بنهج مالي صارم بشأن العجز.

وقال ماكرون في خطاب متلفز إلى الفرنسيين، الأربعاء: "أريد أن أصدق أن الولايات المتحدة ستبقى بجانبنا، لكن علينا أن نكون مستعدين إذا لم يكن الأمر كذلك".

وتعهد التكتل بتقديم حوالى 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام 2025، ولا ترى دول عدة ضرورة لزيادة هذا المبلغ في الوقت الحاضر. وفي هذا الإطار، تنوي النرويج زيادة مساعدتها لأوكرانيا في 2025 بمعدّل 50 مليار كرونة نروجية (4.2 مليارات يورو)، لترفعها إلى 85 مليار كرونة (7.2 مليارات يورو)، وفق ما أعلن رئيس الوزراء النروجي يوناس غار ستوره الخميس.

لكن ليس هناك إجماع أوروبي على سبل التحرك. وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان المؤيد لترامب من أي مقررات خطية بشأن أوكرانيا في نهاية القمة، في موقف يهدد بكشف الانقسامات بين الأوروبيين في العلن. وقال دبلوماسي أوروبي ملخصا الوضع: "الهدف بشأن أوكرانيا هو التوصل إلى اتفاق بين الأعضاء الـ27 جميعهم أو ما يقارب ذلك"، مؤكدا أنه "سنتقدم في مطلق الأحوال. المهم أن تحصل أوكرانيا على دعم".

ماكرون يهاجم بوتين

ويطالب زيلينسكي حلفاءه الغربيين بضمانات أمنية متينة في إطار مفاوضات محتملة، لضمان عدم تعرض بلاده لهجوم روسي جديد في المستقبل. وأعربت تركيا، التي لديها ثاني أكبر جيش من حيث عدد الجنود في حلف شمال الأطلسي، عن استعدادها لإرسال قوات إلى أوكرانيا ضمن مهمات حفظ السلام إذا لزم الأمر، بحسب ما أفاد مصدر في وزارة الدفاع التركية الخميس.

غير أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن موسكو لا ترى "أي مجال للتسوية" حول مسألة نشر قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا.

وأكد ماكرون أن موسكو "حولت النزاع الأوكراني إلى نزاع عالمي"، مشددا على أن "الوقوف متفرجين سيكون جنونا". واتّهم ماكرون، ليل الخميس، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنّه "إمبريالي يحرّف التاريخ" ارتكب "مغالطة تاريخية" عبر مقارنته سيد الإليزيه بنابليون بونابرت.

وقال ماكرون إنّ "نابليون قاد فتوحات. القوة الإمبريالية الوحيدة التي أراها اليوم في أوروبا هي روسيا، وهو (بوتين) إمبرياليّ يحرّف التاريخ وهوية الشعوب". وأعلن ماكرون، الخميس، أنّ الفرنسيين "حلفاء أوفياء ومخلصون"، وذلك ردا على تصريحات لترامب شكك فيها بالتزام فرنسا بالدفاع عن الولايات المتحدة في إطار حلف شمال الأطلسي، وقال "كنّا دائما إلى جانب بعضنا بعضاً. نحن حلفاء أوفياء ومخلصون"، مشددا على أنّ فرنسا تكنّ مشاعر "احترام وصداقة" للولايات المتحدة وقادتها و"يحق لها أن تُطالب بالمثل".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون