"ذا هيل": واشنطن قدّمت قائمة شروط لدمشق متجاهلة إزالة الوجود الروسي

07 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 14:27 (توقيت القدس)
قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري، 29 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشكل الوجود العسكري الروسي في سوريا تحديًا للولايات المتحدة، حيث تتباين الآراء حول كيفية التعامل معه، مع عدم إدراج إزالة هذا الوجود كشرط لرفع العقوبات.
- تراقب الولايات المتحدة الإجراءات السورية المؤقتة، واضعة شروطًا لتخفيف العقوبات تشمل استبعاد المقاتلين الأجانب وتدمير الأسلحة الكيميائية وضمان حقوق الأقليات.
- فرضت الولايات المتحدة عقوبات مثل "قيصر" و"كبتاغون" على سوريا، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد السوري وتسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

يشكّل الوجود العسكري الروسي في سورية، معضلةً بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت تسود حالة انقسام في الولايات المتحدة بشأن كيفيّة الرد على الوجود الروسي وما إذا كان ينبغي لواشنطن أن تطلب من الحكومة الانتقالية الجديدة إخراج القوات الروسية من القاعدة الجوية في حميميم بريف اللاذقية والقاعدة البحرية في طرطوس.

وتوفر العقوبات الأميركية على سورية لواشنطن نفوذاً هائلاً للتأثير على الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وحسب ما نقلت صحيفة هيل الأميركية عن مصدرَين مطّلعَين على الوضع، فإنه في الشهر الماضي، قدّم مسؤولو ترامب لممثلي الشرع قائمة شروط لرفع العقوبات في نهاية المطاف، "لكنّ إزالة الوجود العسكري الروسي في البلاد لم تكن من ضمنها".

وقال مصدر مطلع للصحيفة إن "هناك جدلاً داخلياً واسع النطاق داخل الإدارة حول الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه القاعدة الروسية. وقد نوقش هذا الأمر داخل وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وكان هناك ضغط من بعض أعضاء الإدارة لإزالة القاعدة الروسية"، وأضاف أنّ إخراج القوات الروسية "ليس مطلوباً حالياً من السوريين مقابل رفع العقوبات".

وترى "ذا هيل" أنّ التدخل الروسي في سورية يشكل نقطة اشتعال محتملة أخرى في الوقت الذي يحاول فيه ترامب جلب موسكو إلى طاولة المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

وأفاد النائب جو ويلسون (جمهوري من ساوث كارولينا) لصحيفة ذا هيل: "إنني آمل أن يجري بذل كل جهد ممكن لإزالة القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وبالمثل إزالة القاعدة الجوية التي تمتلكها روسيا في سورية".

من جانبه، اتخذ السيناتور جيم ريش (جمهوري من ولاية أيداهو)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، موقفا أكثر حذراً، قائلاّ إنّ ابتعاد دمشق عن روسيا وشركائها، الصين وإيران وكوريا الشمالية، من شأنه أن يفيد الولايات المتحدة.

وقال "إذا أردنا ذلك وأرادوا ذلك، يتعين علينا أن نحاول تحقيق ذلك". ولفت ريش إلى أنّه لا يزال في وضع "الانتظار والترقب" بشأن ما إذا كانت السلطات الجديدة في دمشق جديرة بالثقة، لكنّه قال إنّ تخفيف بعض العقوبات أمر ممكن.

وأوضح في هذا السياق: "أعتقد أن ما يجب علينا فعله هو تعليق بعض العقوبات، حتّى يتمكنوا من البدء في إعادة بناء بلدهم. أعتقد أنه يجب أن نمنحهم هذه الفرصة، لكنني ما زلت في حالة ترقب لمعرفة إلى أين يتجه هذا البلد".

في المقابل، دعا النائب بات فالون (جمهوري من تكساس)، عضو لجنة الاستخبارات والخدمات المسلحة في مجلس النواب، الشهر الماضي إلى طرد روسيا من سورية، وكتب عبر منصة إكس: "إذا أردنا سلاماً دائماً في أوكرانيا، فلا يمكننا السماح لروسيا باستغلال الفوضى في سورية والحفاظ على السيطرة على قواعدها الجوية".

وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية لصحيفة "ذا هيل" بأنّ الإدارة تراقب إجراءات السلطات السورية المؤقتة في عدد من القضايا، "لأننا نحدد السياسة الأميركية المستقبلية تجاه سورية"، وذلك رداً على سؤال حول ما إذا كان إغلاق القواعد الروسية شرطاً لتخفيف العقوبات.

الإدارة الأميركية تراقب إجراءات السلطات السورية المؤقتة في عدد من القضايا، "لأننا نحدد السياسة الأميركية المستقبلية تجاه سورية"

وأضاف قائلاً: "في نهاية المطاف، تريد الولايات المتحدة لسورية أن تعيش بسلام مع جيرانها، وتحترم حقوق الإنسان، وتمنع الإرهابيين من استخدام أراضيها ملاذاً آمناً".

وحدّدت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي الخطوات المطلوبة من السلطات السورية المؤقتة قبل تعديل وإجراء أي رفع للعقوبات الأميركية على سورية، وتتضمن هذه الخطوات استبعاد المقاتلين الأجانب من أي مناصب رسمية واتخاذ خطوات لتدمير ما تبقى من الأسلحة الكيميائية على نحوٍ يمكن التحقق منه، والمساعدة في الوصول إلى المواطنين الأميركيين وغيرهم من المختفين، مع ضمان حرية الأقليات.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، في مؤتمر صحافي، اليوم الاثنين، إنّه ينبغي على السلطات الداخلية السورية "قمع الإرهاب بالكامل ونبذه، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي مناصب رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، مع اتخاذ خطوات جادة لتدمير أسلحة الأسد الكيميائية على نحوٍ يمكن التحقّق منه"، وأضافت أنه ينبغي على السلطات أيضاً، المساعدة في استعادة المواطنين الأميركيين وغيرهم من المختفين في سورية، وضمان أمن وحريات الأقليات الدينية والعرقية".

وأكدت أن "أي تعديل في سياسات الولايات المتحدة وفي العقوبات الموقعة على سورية، تجاه السلطات الحالية المؤقتة سيكون مشروطاً بتحقيق هذه الخطوات"، وقالت: "ندرك معاناة الشعب السوري الذي عانى لسنوات الحكمَ الاستبدادي وقمع نظام الأسد، ونأمل أن يمثل تشكيل الحكومة الانتقالية في سورية خطوة إيجابية لضمان تمثيل الجميع والأقليات".

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت على مدى السنوات التي أعقبت الثورة السورية مجموعة من العقوبات، بعضها على النظام وأفراد أسرة الأسد وبعضها على قوى معارضة، وتسببت الكثير من العقوبات الأميركية، التي جاءت ضمن قوانين "قيصر" و"كبتاغون 1 و2" في حظر التجارة والمعاملات الأخرى مع الحكومة السورية، ما كان له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد السوري، وتضمنت عقوبات على نظام الشحن والطيران وحظر التعامل مع الخطوط الجوية السورية، وتجميد أصول الشركات التي تدعم عمليات الشحن البحري للنظام السوري، وعلى قطاع التكنولوجيا في سورية تشمل منع الشركات الأميركية من تقديم خدمات الإنترنت أو الاتصالات للحكومة السورية، وحظر التعامل مع البنوك السورية، بما في ذلك تجميد جميع الأصول المالية للبنك المركزي السوري في الولايات المتحدة، ومنع أي تحويلات مالية إلى سورية، كما تضمنت العقوبات قيوداً على إعادة الإعمار، واستهداف شركات تنقيب الطاقة التي تعمل لمصلحة الحكومة السورية.

وتضمنت عقوبات الكونغرس الأميركي، إلى جانب قوانين "قيصر" و"كبتاغون 1 و2"، قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان (2003)، الذي يفرض قيوداً على تصدير السلع والتكنولوجيا إلى سورية، وقانون حظر المساعدات الاقتصادية الأميركية لسورية (جرى رفع جزء منه مؤخراً). وتسببت هذه العقوبات في تعطيل الوصول إلى المساعدات الإنسانية الدولية، ونقص الموارد وتدهور قطاعي الصحة والتعليم، وتعميق الأزمتَين الاقتصادية والاجتماعية، وانهيار العملة السورية والتضخم وصعوبة في توفير المواد الأساسية للسكان، كما أصدر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أوامر تنفيذية عدّة، هي الأمر التنفيذي 13572 (2011)، وفُرضت فيه عقوبات على مسؤولين سوريين بارزين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك قمع التظاهرات السلمية، والأمر التنفيذي 13573 (2011)، الذي جُمّدت فيه أصول بشار الأسد وكبار المسؤولين الحكوميين، والأمر التنفيذي 13608 (2012) وفُرضت فيه عقوبات على الأفراد والشركات التي تهرّب الأموال أو تتجاوز العقوبات الأميركية.

المساهمون