ديالى تتذيل المدن العراقية الآمنة: المليشيات و"داعش" يتقاسمان العنف

ديالى تتذيل قائمة المدن الآمنة في العراق: المليشيات و"داعش" يتقاسمان مشهد العنف

13 أكتوبر 2020
فصائل مسلحة تتقاسم النفوذ في ديالى على طريقة المقاطعات (فرانس برس)
+ الخط -

يحذر نواب ومسؤولون عراقيون، من الأوضاع الأمنية في مناطق عدة من شمال شرق بعقوبة، العاصمة المحلية لمحافظة ديالى الحدودية مع إيران (60 كيلومتراً شرق بغداد)، إذ تتقاسم المليشيات المدعومة من طهران وبقايا تنظيم "داعش"، مشهد العنف المتكرر، والذي عادة ما يذهب ضحيته مدنيون أو يتسبب بعمليات نزوح لقرى كاملة، مؤكدين سعيهم لإدراج الملف على جدول أعمال البرلمان.

وبحسب مسؤولين عراقيين، فإنّ المحافظة تحتل المرتبة الأخيرة في الأمن على مستوى العراق، بعد أن كانت نينوى في ذيل القائمة خلال العامين الماضيين، عازين ذلك إلى الهجمات التي تنفذها جماعات إرهابية ومليشيات تتفاوت بين عمليات قصف بالهاون واغتيالات وسطو مسلح وتفجير عبوات ناسفة.

ويقر مسؤول بارز في وزارة الداخلية العراقية ببغداد، فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، بأنّ الأمن في ديالى يدار بطريقة "المصالح الخاصة"، مضيفاً أنّ المحافظة احتلت بالتصنيف الأمني المرتبة الأخيرة، وهناك حالياً معالجات سريعة تتضمن استبدال قادة الأمن من بعض المناطق وتحريك قوات ونشر أخرى ورفع يد بعض الجهات السياسية من الملف الأمني أيضاً.

وأكد المسؤول البارز أنذ "بعض المليشيات صارت تستخدم غطاء العشائر لمنع عودة النازحين أو تهديد أخرى، وهذا أخطر ما في التطورات الأخيرة بالمحافظة".

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "فصائل مسلحة تتقاسم النفوذ في ديالى، على طريقة المقاطعات، كل منطقة لفصيل معين، وهناك اتهامات باستمرار عدد من أعضاء مجلس محافظة ديالى المنحل بالعمل وفق صفات غير قانونية والتدخل بالملف الأمني بشكل سيئ".

ولفت إلى أنّ المشهد الأمني "يحتاج الى معالجات لأن اقتراب الانتخابات تعني أن هناك جهات ستنفذ أجندات لصالحها على حساب السكان"، مبيناً أن "مناطق الوقف ومنها زاغنية والعبارة والمخيسة وأبو كرمة، ومناطق العظيم، ومناطق المقدادية، تعد الأكثر تدهوراً بالملف الأمني، وأن النفوذ الأقوى فيها للفصائل المسلحة، ولا سلطة للأجهزة الأمنية الأخرى عليها".

النائب عن المحافظة، أحمد مظهر الجبوري، انتقد عدم جدية الحكومة بتدارك أمن ديالى، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "القطعات الأمنية فيها غير كافية لبسط الأمن في ديالى، والقوات الأمنية لم تستطع إثبات وجودها وبسط سيطرتها على الأمن طيلة الفترة السابقة".

وأكد الجبوري أنّ "هناك جيوباً لداعش مستمرة بتنفيذ عملياتها، خاصة في مناطق شيخ بابا والإصلاح وقرى قولاي في خانقين وغيرها، وأنه لا يمكن السيطرة على الأمن في ظل عدم الجدية باتخاذ إجراءات صارمة من قبل الجهات المسؤولة"، مبيناً أنه "سنذهب إلى البرلمان لبحث الملف الأمني للمحافظة، لمحاولة إيجاد علاجات وحلول لأمنه".

وأشار إلى أن "الحدود مع إيران والمحافظات هي من الأسباب الرئيسة بارتباك الأمن في المحافظة، ولا سيما أنه لا يوجد في ديالى حالياً سوى فرقة عسكرية واحدة فقط، وكانت قبلاً فرقتين إلى ثلاث فرق، الأمر الذي أربك الملف الأمني، فضلاً عن نقص الطائرات، إذ لا توجد سوى طائرتين فقط، ما تسبب بتأخير تنفيذ الواجبات الأمنية بشكل عام".

وحذّر النائب من "خطورة وجود مافيات تحاول فرض سيطرتها ونفوذها على المحافظة بالقوة، وأن الحكومة غير جادة بإبعادها عن المحافظة (في إشارة إلى الفصائل المسلحة)"، مشدداً على أنه "لا يمكن ضبط الأمن بديالى إلا بالذهاب نحو خيار فرض سلطة الدولة على هذه المافيات".

تهريب ومكاسب خاصة

أما عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حاكم الزاملي، فقد أكد أنّ "انشغال قيادات الأمن والحشد الشعبي بعمليات التهريب وتحقيق المكاسب الخاصة تسبب بتراجع الأمن في ديالى".

وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "وضع محافظة ديالى غير مطمئن أمنياً. المحافظة ما زالت تضم خلايا نائمة للتنظيم، وأن عملية مسك الأمن فيها لم تجر بشكل منظم من قبل الجهات المسؤولة عن ذلك".

وأضاف الزاملي أن "التضاريس الجغرافية لمحافظة ديالى صعبة للغاية، وأن بعض مناطقها مرتبطة حدودياً مع كردستان وكركوك وبغداد وصلاح الدين، وأن التداخل بين تلك المحافظات يتسبب بفراغات أمنية لا يمكن السيطرة عليها"، مشيراً إلى أن "القادة الأمنيين من الجيش والشرطة والحشد الشعبي منشغلون بصفقات جباية الأموال وعمليات التهريب التي تجري مع إيران وبعضها مع كردستان، والتي يحققون من خلالها مكاسب مالية كبيرة، فضلاً عن ضعف الجهد الاستخباري والصراعات السياسية بالمحافظة".

وشدد على أن "كل ذلك أثر على إدارة الملف الأمني في المحافظة، لذلك فإن أغلب القادة المسؤولين على أمن ديالى لم يركزوا على توفير الأمن وحماية المواطنين بقدر انشغالهم بتحقيق المكاسب وتحقيق الأجندات الخاصة".

الزاملي: المطالبات بإخراج المليشيات من ديالى تحتاج إلى قوة وقرار حكومي حازم

وأشار إلى أنّ "المطالبات بإخراج المليشيات من ديالى تحتاج إلى قوة وقرار حكومي حازم، والقرار يعتمد على قوة الأجهزة الأمنية على مسك أمن المحافظة"، معتبراً أنه "في حال كان هناك جهد أمني موحد لجهة واحدة (الحكومة) فسيكون الملف الأمني أفضل مما لو كان الملف مرتبطاً بأحزاب وفصائل مسلحة مختلفة".

من جهته، انتقد مسؤول محلي في محافظة ديالى، إهمال الملف الأمني فيها، مطالباً بوضع خطط لسد الثغرات الأمنية في المحافظة، والتي تمنح عناصر "داعش" فرصة تنفيذ هجماته.

وقال مدير بلدة العظيم، عبد الجبار العبيدي، إنّ "الحدود الفاصلة بين ديالى وصلاح الدين، تضم 15 منطقة نزح أهلها، ولم يعودوا لحد الآن، ما جعلها ملاذاً لعناصر التنظيم الهاربة من كركوك وصلاح الدين".

ودعا في تصريح صحافي، إلى "ضبط تلك المناطق، إما بإعادة أهلها النازحين، أو ضبطها من قبل قوات أمنية، وإنهاء خطرها الأمني".