دوافع تحركات المجلس الرئاسي والحكومة الليبية نحو دول الجوار

دوافع تحركات المجلس الرئاسي والحكومة الليبية نحو دول الجوار

17 سبتمبر 2021
خلال لقاء جمع الدبيبة بالسيسي في القاهرة الخميس ( تويتر)
+ الخط -

تتجه السلطة التنفيذية الليبية بطرفيها المجلس الرئاسي والحكومة، لمحاولات ترتيب الأوضاع والعلاقات مع دول الجوار الليبي، رغم الخلافات المتزايدة في العلاقات بين مختلف الأطراف السياسية في ليبيا، وسط تساؤلات عن دوافع وأهداف هذه الخطوة.

وتختلف تقديرات المراقبين للمستجدات في ليبيا حول دوافع فتح ملف العلاقات مع دول الجوار جملة واحدة، إذ ومع انتهاء المشاورات الليبية التونسية أمس الخميس، بالاتفاق على إعادة فتح الحدود بين البلدين، أنهى نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني زيارة رسمية للجزائر في اليوم ذاته، ليبدأ رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة زيارة القاهرة الخميس، برفقة وفد حكومي كبير.

وبدأت الحركة المرورية عبر منفذ رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس، صباح الجمعة، تنفيذا للاتفاق بين البلدين إثر اجتماعات عقدها مسؤولون من الحكومتين في جربة التونسية أمس الخميس، لمناقشة بروتوكول صحي مشترك، وذلك بعد أسبوع من زيارة أجراها الدبيبة للعاصمة التونسية، التقى خلالها الرئيس التونسي قيس سعيد، لينهي بذلك توترا وتبادلا للتصريحات استمر عدة أسابيع.

من جانبه، أكد الكوني "التوافق الكامل" حول الملفات التي ناقشها مع الرئيس عبد المجيد تبون ومسؤولين آخرين، مشيرًا إلى أن الملفات شملت "إعادة فتح سفارة الجزائر في طرابلس والقنصلية في سبها والخط الجوي الجزائر-طرابلس، وكذا فتح معبري غات وغدامس الحدوديين مع الجزائر".

وواكبت منصة "حكومتنا" التابعة للحكومة الليبية، بشكل كثيف، فعاليات الزيارة الرسمية التي بدأها الدبيبة رفقة وفد وزاري كبير للقاهرة أمس الخميس، حيث التقى خلالها نظيره المصري مصطفى مدبولي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن تنتهي الزيارة صباح اليوم الجمعة.

ونقلت المنصة الحكومية تفاصيل توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات، منها اتفاق في مجال التعاون الصناعي، ومذكرة تفاهم في مجال النفط والغاز، وإنشاء لجنة تجارية مشتركة. 

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية عيسى الغزوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مضمون الخطوات الأخيرة للسلطة التنفيذية يختلف وإن اتجهت جميعها لهدف  ليبيا في ترتيب علاقاتها بدول الجوار وتنشيط دورها للمساعدة في حل أزمة البلاد".

ويوضح الغزوي أن "لقاءات الكوني الأخيرة في الجزائر طغت عليها معالجة الجانب الأمني كفتح المعابر الحدودية والسفارة الجزائرية"، مشيرا إلى أن الحديث عن تطبيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بما فيها وعود المشاريع التي حملتها زيارة للدبيبة للجزائر، في مايو/ أيار الماضي قد تراجعت بشكل واضح.

وقال إن "المقاربة الأمنية يبدو أنها الأكثر وضوحا في أساس المشاورات الليبية الجزائرية، فقد كانت أيضا تسيطر على المشاورات التي أجراها المنفي"، في إشارة إلى زيارة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي للجزائر نهاية يوليو/ تموز الماضي.

لكن في المقابل، "يبدو الحديث عن تمتين العلاقات الاقتصادية مسيطرا على رؤية السلطة الليبية في التمهيد لبناء علاقات مع تونس والقاهرة، خصوصا مع الأخيرة التي كانت تميل مواقفها نحو حلول عسكرية في ليبيا، قبل أن تتبنى رؤى سياسية فرضها واقع التغير الإقليمي بعد هزيمة العسكرية التي مني بها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر"، بحسب ما يقول الغزوي.

ويرى الغزوي أن زيارة الدبيبة للقاهرة حملت أكثر من رسالة، قائلًا إن "الوفد الوزاري الكبير الذي رافق الدبيبة للقاهرة، والزخم الإعلامي وكثافة الاتفاقات، في مقابل زيارة اتسمت بالبرود إلى تونس لم يناقش خلالها أكثر من مسألة فتح الحدود، من دون أي حديث عن الرغبة السابقة في تنشيط العلاقات الاقتصادية"، متسائلا: "أين ذهبت نتائج الزيارة التي أجراها قيس سعيد قبل أشهر برفقة 200 رجل أعمال تونسي، وتلاها تشكيل لجنة مشتركة من رجال الأعمال؟".

وتابع: "القاهرة يبدو أنها سبقت الجميع، وبحكم ثقلها وأهمية موقفها، سواء في ليبيا أو في المجال الإقليمي ككل، أقنعت السلطة الليبية بقدرتها على لعب دور في المرحلة السياسية الحالية"، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد أن تكون  استضافة القاهرة لحفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالتزامن مع زيارة الدبيبة، لها علاقة بدور مصري في تقريب وجهات نظر المختلفين الليبيين.

كما يرى الغزوي أن "مصر يمكنها أن تلعب دورا متقدما لن تتمكن تونس والجزائر من القيام به على الرغم من جوارهما وأهمية الملف الليبي بالنسبة لهما، ويرجع ذلك إلى أسباب تتعلق بالأوضاع الداخلية للبلدين، خصوصا في الجانب التونسي الذي لا يزال غير واضح بالنسبة للدبيبة وشركائه في السلطة".

أما الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، فيرى أن "حراك السلطة يلامس الواقع والرؤية التي ينتجها المجلس الرئاسي والحكومة:، إلا أنه لا يرى نجاعة لها دون نجاح المجلس والحكومة في ترتيب الوضع الداخلي للبلاد، خاصة في مسألة الانتخابات والتهديدات التي تواجهها.

ويوضح البرق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مصر أو غيرها من دول الجوار لن تثق في خطوات الحكومة والمجلس الرئاسي وهما يواجهان إمكانية الزوال، إما بسبب أي فوضى قد تنتجها الخلافات حول الانتخابات وقوانينها، أو رحيلها بسبب الانتخابات ومجيء سلطة جديدة يحتم على دول الجوار انتظار وضوح سياساتها".

ويعتبر البرق اتجاه السلطة التنفيذية في ربط علاقات مع دول الجوار بمثابة محاولة لتشجيعها على تغيير مواقفها السابقة من السلطة، مشيرًا إلى أنه "اتجاه لن يثمر ولن يتجاوز لحظة الاهتمام الإعلامي والتقاط الصور".

وقال إن "تلك الدول سترى بشكل جيد خلافات المجلس الرئاسي والحكومة، وخلافات الاثنين مع مجلس النواب حول الانتخابات التي تعتبر مسألة أساسية لدى تلك الدول، كما ترى حفتر الذي لا يزال يستقل بالقرار العسكري ويتجاهل الجميع"، مشيرا إلى أن "كل ذلك سيشعر أي دولة بعدم الثقة".