دمشق مطمئنة لتعديل وضع بعثتها بنيويورك.. والأمم المتحدة تعلن موقفها

07 ابريل 2025
خلال اجتماع لمجلس الأمن حول سورية في نيويورك، 17 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكدت وزارة الخارجية السورية أن تعديل الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك هو إجراء تقني وإداري بحت، ولا يعكس تغييراً في السياسة الأميركية تجاه الحكومة السورية، مع استمرار التواصل لتوضيح السياق.
- أصدرت الولايات المتحدة مذكرة لتغيير وضع البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، مما يتطلب تغيير نوعية التأشيرات للدبلوماسيين السوريين، وأثار هذا الإجراء جدلاً في الأوساط السورية.
- أوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة أن وضع سورية كدولة عضو لم يتغير، وأن التعديل لا يؤثر على تمثيلها داخل المنظمة، مع استمرار عمل البعثة السورية.

قالت وزارة الخارجية السورية في تعليقها، اليوم الاثنين، على تعديل الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك، إن هذا الإجراء هو إجراء تقني وإداري، ولا يعكس تغييراً في السياسة الأميركية. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أن الإجراء المتعلق بتعديل الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك هو إجراء تقني وإداري بحت، يرتبط بالبعثة السابقة، ولا يعكس أي تغيير في الموقف من الحكومة السورية الجديدة.

ولفت المصدر إلى أن وزارة الخارجية على "تواصل مستمر مع الجهات المعنية لمعالجة هذه المسألة وتوضيح السياق الكامل لها، بما يضمن عدم حدوث أي التباس في المواقف السياسية أو القانونية ذات الصلة". وأكد الالتزام بمواصلة "العمل الدبلوماسي، والتنسيق ضمن الأطر الدولية، لتحقيق تطلعات الشعب السوري في بناء وطنه".

وصرح مصدر في الخارجية السورية قبل ذلك لوسائل إعلام عربية بأنه "يجري العمل حالياً على مراجعة شاملة لوضع بعثاتنا في الخارج، وسيجري الإعلان قريباً عن قرارات جادة تتعلق بإعادة ترتيبها وتنظيمها، بما يعكس تطلعات السوريين، ويعزز حضور مؤسساتنا وبعثاتنا على الساحة الدولية، وبما يضمن كفاءة الأداء ووضوح التمثيل السياسي".

وكانت واشنطن قد سلّمت البعثة السورية لدى الأمم المتحدة مذكرة تنص على تغيير وضعها القانوني من بعثة دائمة لدولة عضو لدى الأمم المتحدة إلى "بعثة لحكومة غير معترف بها من قبل الولايات المتحدة".  ونصّت المذكرة الأميركية على سحب تأشيرات G1 التي تُمنح للدبلوماسيين الممثلين لحكومات معترف بها، واستبدالها بتأشيرات G3 الخاصة بممثلي حكومات لا تعترف بها الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرت صحيفة النهار اللبنانية استناداً إلى وثيقة داخلية.

ووفق المصدر ذاته، تلقّت وزارة الخارجية السورية في دمشق نسخة من المذكرة عبر وفدها في نيويورك، مرفقة بترجمة غير رسمية، وجاء في الإشعار أن الهيئة الأميركية لخدمات الهجرة والمواطنة سوف تتولى البتّ في منح التأشيرات الجديدة، بعد استكمال الإجراءات اللازمة. وقد أثارت الخطوة الأميركية جدلاً بين المتابعين والمختصين في سورية، خشية أن يدفع ذلك دولاً وجهات أخرى إلى اتخاذ إجراءات مماثلة، تتجاوز الجانب التقني.

وفي توضيحه لطبيعة هذه الخطوة، قال السياسي والناشط السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور على صفحته في "فيسبوك" إن "القضية لم تنشأ من الأمم المتحدة ولم تبلغ لجنة أوراق الاعتماد الموجودة في الأمم المتحدة البعثة السورية الدائمة بأي تغيير على وضعها". ولفت إلى أن "القصة بدأت من وزارة الأمن الداخلي الأميركية لمراجعة وضع بعض الدول ولجميع أنواع الفيز (التأشيرات) التي تمنح لمواطني تلك الدول، ومنها سورية التي جرى اقتراح وضعها على القائمة الحمراء، بالتوازي مع قيام لجنة بدراسة أنواع الاستثناءات التي ستمنح لمواطني تلك الدول".

وأضاف عبد النور أنه في حالة سورية، فإن "الاستثناء يشمل البعثة السورية الدائمة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، كون الولايات المتحدة هي البلد المضيف لتجد اللجنة خلال اجتماعها الذي عقد قبل تاريخ تشكيل الحكومة الجديدة، أن الحكومة السورية الانتقالية السابقة هي امتداد لهيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، لذلك لا يمكن الاعتراف بها رسمياً، وبالتالي اقترحت اللجنة تغيير بند "التأشيرة" الذي تقدمه الولايات المتحدة لأعضاء البعثة السورية بنيويورك من البند G1 الذي يحمله الدبلوماسيون السوريون حالياً والمخصص لأعضاء البعثة السورية لدى الأمم المتحدة إلى بند G3 والذي يشمل المواطنين الأجانب المؤهلين أساساً للحصول على الفيزا G1، ولكن الولايات المتحدة لا تعترف بحكوماتهم".

وأوضح عبد النور أنه جرت الموافقة على الاقتراح من قبل وزارة الخارجية الأميركية التي أرسلت توجيهاً إلى البعثة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك والتي أبلغت البعثة السورية، وقامت بدورها بإرسال برقية عاجلة للوزارة بدمشق تتضمن المذكرة التي استلمتها من بعثة الولايات المتحدة، مع شرح لما حدث، يشير إلى عدم اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة الانتقالية السورية (السابقة)، مع إشارة إلى أنه قد يتبع ذلك خطوات مماثلة لجهة عدم الاعتراف من قبل دول أخرى تشاطر الولايات المتحدة الرأي.

وأوضح عبد النور أنه سيجري تعبئة استمارات طلب تأشيرات جديدة من قبل جميع الدبلوماسيين السوريين المعتمدين وإرسالها مع جواز السفر لإدارة الجنسية والهجرة، حيث ستجري طباعة كلمة (ملغى) على التأشيرة الحالية وطباعة تأشيرة جديدة على صفحة أخرى، مشيراً إلى أن التأشيرة الجديدة تعني أنه سيجري التعامل معهم باعتبارهم مواطنين أجانب، وليسوا دبلوماسيين، وبالتالي ستلغى مزايا التأشيرة السابقة وهي (حصانة دبلوماسية - حضور اجتماعات معينة - دخول مبان للأمم المتحدة أو طوابق معينة بواسطة بطاقة خاصة... إلخ).

ولفت عبد النور إلى أن الأمر يتطلب من الخارجية السورية القيام بحراك دبلوماسي "مدروس بدقة وناجح بالتعاون مع الدول الحليفة لسورية"، وبعد أن تقرر وزارة الخارجية الأميركية الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، تبادر الخارجية السورية إلى مراسلة إدارة الجنسية والهجرة لتغيير نوعية التأشيرات لتعود كما كانت في السابق.

من جانبه، قال الدبلوماسي السوري السابق، جهاد مقدسي، إن هناك لجنة في الأمم المتحدة اسمها لجنة أوراق الاعتماد يجري انتخابها سنوياً من قبل الجمعية العامة عند بداية دورتها، ورغم أنها جزء من الجمعية العامة لكن بإمكانها اتخاذ قرارات ذات أثر كبير لها علاقة بشرعية ممثلي الدول الأعضاء في حال سقوط نظام ما.

وأوضح مقدسي على صفحته في "فيسبوك" أن "اللجنة الأممية المعنية بالمراجعة، وجدت أن أعضاء وفد سورية الحالي مشكوك بشرعية تمثيلهم للدولة السورية الجديدة بحكم سقوط النظام السابق، وبالتالي ريثما يجري البت بتمثيل سورية القادم، لا بد من تغيير وضع ونوعية الإقامة للدبلوماسيين الحاليين، وفقاً لقوانين سلطات الهجرة الأميركية، وسيجري تقديم طلبات إقامة جديدة لهم واستمارات جديدة، ومنحهم إقامات دون حصانة ريثما يجري استبدالهم أو تثبيتهم أصولاً من الدولة السورية الجديدة". ورأى مقدسي أن هذا الإجراء موجه لأفراد الوفد السابق الذين جرى اعتمادهم سابقاً لتمثيل حكومة المخلوع بشار الأسد، ونظامه الذي سقط قانونياً، وليس موجهاً ضد السلطة الجديدة.

دوجاريك: لا تأثير على تمثيل سورية داخل الأمم المتحدة

من جهته، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن "وضع سورية في الأمم المتحدة دولة عضوة لم يتغير ولن يؤثر في تمثيلها داخل الأمم المتحدة، حيث إن مسألة عضوية أي دولة تخضع لميثاق الأمم المتحدة ولا علاقة لها بقضية اعتراف دولة ما بحكومة هذا أو ذاك البلد، لأن تلك القضايا تخضع للعلاقات الثنائية ولا علاقة لها بعضوية دولة ما في الأمم المتحدة".

وجاءت تصريحات المسؤول الأممي رداً على سؤال خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حول تعديل الولايات المتحدة للوضع القانوني للبعثة السورية للأمم المتحدة في نيويورك. ويشار إلى أن الولايات المتحدة باعتبارها المضيفة للأمم المتحدة، وبموجب الاتفاقية المتعلقة بتلك الاستضافة، يجب أن تسهل وتسمح بإقامة ودخول دبلوماسيي البعثات المختلفة إلى نيويورك، حتى بعثات تلك الدول التي لا تعترف الولايات المتحدة بحكوماتها. وقد تقوم الولايات المتحدة بتقييد حركات دبلوماسيين من دول مختلفة لدى بعثة الأمم المتحدة كما تفعل مع الدبلوماسيين الإيرانيين وغيرهم، حيث تحدد حركتهم داخل الولايات المتحدة ونيويورك، لكن اعترافها بدولة ما أو عدمه لا يخضع لعضوية تلك الدولة في الأمم المتحدة.

أما فيما يخص حضور جلسات الأمم المتحدة ودخول مبانيها فالسماح به يجري عن طريق الأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة، حيث تحظى مباني الأمم المتحدة بحصانة دبلوماسية ودخولها يخضع لشروط الأمم المتحدة. وهو ما أكده دوجاريك كذلك، مضيفا أن "قرار الدولة المضيفة بتغيير تأشيرات أعضاء البعثة الدائمة للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة لا يؤثر بمكانة سورية داخل الأمم المتحدة. كما أنه لا يؤثر في مشاركة الأعضاء الدائمين في أعمال الأمم المتحدة. ويجب السماح لهم باستمرار بالقيام بعملهم ووظائفهم المرتبطة بعملهم مع الأمم المتحدة".