دمشق ترفض أي شروط ملزمة لإلغاء قانون قيصر

23 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 04:12 (توقيت القدس)
المصرف المركزي السوري في دمشق،17 يونيو 2025 (إيد رام/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التعديلات على قانون قيصر تربط إلغاء العقوبات بتقدم المفاوضات الأمنية بين سوريا وإسرائيل، مع تقييم دوري كل ستة أشهر، مما يضع الحكومة السورية تحت ضغط مستمر.
- الشروط تتطلب من سوريا القضاء على تهديدات داعش، التعاون مع الولايات المتحدة، حماية الأقليات، وعدم القيام بأعمال عسكرية ضد الجيران، مع استبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا.
- الرئيس السوري أحمد الشرع يسعى لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وسط مخاوف من أن التعديلات قد تعرقل رفع العقوبات بشكل غير مشروط.

تشير التعديلات التي أدخلها مشرّعون أميركيون على مشروع القانون المتعلق بإلغاء قانون قيصر الخاص بالعقوبات على سورية، إلى محاولة الربط بين إلغاء القانون وتحقيق تقدم في مسار المفاوضات الأمنية بين الجانبين السوري والإسرائيلي، فيما رفضت الخارجية السورية في حديث لـ"العربي الجديد" هذا الربط، وطالبت بإلغاء غير مشروط للقانون الذي فرض أصلاً على النظام السابق. ويضع التعديل الجديد جملة من الشروط الأخرى على الحكومة السورية الالتزام بها، ويخضع هذا الالتزام لتقييم دوري كل ستة أشهر، ما يفتح الباب بنظر بعض المراقبين إلى جعل الحكومة السورية خلال السنوات الأربع المقبلة تحت الضغط الأميركي. وتحدث ناشطون سوريون في الولايات المتحدة عن التعديلات الجديدة، التي توافق عليها المشرّعون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بشأن شروط إلغاء قانون قيصر المفروض على سورية منذ عام 2019 في عهد النظام السابق.

إلغاء قانون قيصر

في السياق، قال الباحث الاقتصادي السوري عابد عابد، المقيم في الولايات المتحدة في حسابه على منصة إكس، ان السيناتور ليندسي غراهام، وهو جمهوري من كارولينا الجنوبية، والسيناتور كريس فان هولين، وهو ديمقراطي من ماريلاند، قدما تعديلاً على قانون إلغاء قانون قيصر (قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026)، يفرض شروطاً جديدة للتصديق ويدرج آلية "إعادة فرض العقوبات" في الصياغة القانونية. وأضاف أن أعضاء مجلس الشيوخ عدلوا النص المقترح ليكون "إلغاء قانون قيصر" بدلًا من استبداله. كما عدّلوا المدة الزمنية وأدخلوا بنداً ينص على انتهاء صلاحية قانون قيصر بعد أربع سنوات. ولاحظ عابد أن التعديل يتضمن بنداً "مثيراً للقلق كونه يربط فعلياً العلاقات السورية الإسرائيلية بعقوبات قيصر".


قتيبة إدلبي: نرفض استخدامه في محاولة لابتزاز الشعب السوري

وفي شرح مفصل عبر تسجيل مصور، قال المسؤول في المجلس السوري الأميركي، محمد علاء غانم، إنه بعد أحداث السويداء في يوليو/تموز الماضي، طرح بعض النواب مشروع قانون يمدد قانون قيصر إلى العام 2028 على الأقل، وقد صوتت عليه لجنة الخدمات المالية في الكونغرس وتمت إجازته. وأضاف غانم: استطعنا تجميد هذه المشروع لأنه يتناقض مع رؤية الرئيس دونالد ترامب

بإلغاء العقوبات، من دون أن يُلغى نهائياً، وقد طرح مشرعون قانوناً قاسياً لرفع العقوبات يقضي بالمراجعة الدورية لها كل أربعة أشهر وأن تبقى العقوبات مفروضة للأبد، فتبقى سيفاً مسلطاً على عنق الحكومة السورية. لكن التعديلات الأخيرة قضت أن تتم مراجعة القانون كل ستة أشهر بدلاً من أربعة، وأن يلغى كلياً بعد أربع سنوات في حال كان التقييم من جانب وزير الخارجية الأميركي، في حينه، إيجابياً، لمدى استجابة الحكومة السورية للطلبات الواردة في مشروع القانون الجديد، الذي سيتم التصويت عليه في نهاية العام الحالي الى جانب ميزانية وزارة الحرب (بنتاغون).

وأوضح غانم أنه إذا فشلت الحكومة السورية خلال 12 شهراً متواصلة في إحراز تقدّم، فإن الكونغرس يطرح خيار إعادة فرض عقوبات قيصر. وأضاف أنه بموجب الاتفاق، يقدِّم الرئيس الأميركي أو من ينوب عنه للكونغرس خلال مدّة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ إجازة هذا القانون، وكل 180 يوماً بعد ذلك، ولمدة أربع سنوات متتالية، تقريراً غير سري، مع ملحق سري إذا ما لزم الأمر، يشهد فيه أن الحكومة السورية التزمت بالهدف المتمثل في القضاء على التهديد الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى، وأنها عملت بالشراكة مع الولايات المتحدة لتصبح عضواً في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وأنها حققت تقدماً في توفير الأمن للأقليات الدينية والعرقية في سورية وأن يكون لهذه الأقليات تمثيل في الحكومة.

كما تتضمن البنود ألا تبادر الحكومة السورية إلى القيام بعمل عسكري ضد جيرانها، بما في ذلك إسرائيل، وأنها تواصل إحراز تقدم نحو اتفاقيات أمنية دولية، حسب ما يقتضيه الأمر، كما لا تقوم بتمويل مساعدات أو تقديمها لأفراد أو جماعات ممّن يشكلون تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة أو لحلفائها وشركائها في المنطقة. وعليها اتخاذ خطوات لاستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الحكومة السورية، بما في ذلك الموجودون في مؤسسات الدولة والأمن السورية، فضلاً عن التحقيق بشأن الانتهاكات، مع الالتزام بمحاكمة من ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

من جانبه، قال قتيبة إدلبي، مدير إدارة الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية لـ"العربي الجديد"، إن هناك اتفاقاً بين بعض المشرعين على رفع بشروط غير ملزمة، ولكنه ليس اتفاقاً بين كل المشرعين. وأضاف: "بالنسبة لنا أي شروط ملزمة مرفوضة تماماً"، مشيراً الى أن قانون قيصر فُرض على نظام الأسد و"يجب رفعه بشكل كامل، ونرفض استخدامه في محاولة لابتزاز الشعب السوري". وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أعلن أن الإدارة الأميركية بصدد دراسة إمكانية التعليق الكامل لقانون قيصر "ضمن مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه سورية"، في مؤشر على تغير محتمل في الموقف الرسمي من الملف السوري. وفُرض قانون قيصر في عام 2019 لمحاسبة نظام بشار الأسد على جرائم الحرب، وبعد سقوط النظام، تتزايد الدعوات لإعادة تقييم العقوبات التي تعيق التعافي الاقتصادي، وتمنع تدفق الاستثمارات، وتديم معاناة المدنيين السوريين.


أحمد المسالمة: مؤيدو إسرائيل في الكونغرس يسعون لتكبيل الحكومة السورية

مسار رفع العقوبات

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع أعرب قبيل وصوله أول من أمس الأحد إلى الولايات المتحدة، عن رغبته بلقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مجدداً، بهدف تعزيز العلاقات السورية الأميركية وإعادتها إلى مسارها الصحيح. وأشاد الشرع في حديث لشبكة "سي بي إس نيوز" الأميركية، بقرار ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سورية في مايو/أيار الماضي، ووصفه بأنه "تاريخي وشجاع". ودعا دول العالم إلى رفع العقوبات عن سورية. وقال: "على المجتمع الدولي ألا يتواطأ مجدداً في قتل الشعب السوري بتعطيل رفع العقوبات. العالم خذل سورية واليوم بإمكانهم المساعدة"، مشيراً إلى أن إسقاط نظام الأسد أعاد الأمل للاجئين والنازحين ليتمكنوا من العودة إلى وطنهم. واعتبر أنه "وقفنا إلى جانب شعبنا الذي قُصِف بالأسلحة الكيميائية، وواجهنا تنظيم داعش وطردنا المليشيات الإيرانية وحزب الله من المنطقة". وتتضمن زيارة الشرع الى الولايات المتحدة التي تستمر خمسة أيام إلقاء كلمة رسمية أمام الجمعية العامة، إضافة إلى لقاءات ثنائية مع عدد من قادة الدول ومسؤولين أمميين لبحث قضايا إقليمية ودولية بارزة، وتعد أول زيارة لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة منذ نور الدين الأتاسي في عام 1967.

من جانبه، قال مندوب سورية لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، في تصريحات صحافية، أول من أمس الأحد، إن ترامب رفع العقوبات من دون قيد أو شرط عبر الأوامر التنفيذية، إلا أن هناك مخاوف لدى بعض المشرعين، لكنها على المستوى الفردي وليس الكونغرس ككل. ورأى المحلل السياسي أحمد المسالمة، أن مشروع القانون إذا تمت إجازته بهذه التعديلات، فهو يتضمن "نكسة" للجهود المعلنة برفع غير مشروط، أو بشروط مخففة للعقوبات الأميركية. وأضاف المسالمة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن هذه الشروط لا يمكن فهمها بمعزل عن الرغبات الإسرائيلية، ولا رغبات مؤيدي إسرائيل في الكونغرس والإدارة الأميركية، الذين يسعون إلى تكبيل الحكومة السورية بقائمة طويلة من الشروط، التي لا يمكن ضبط مدى التقيد بها من جانب الحكومة السورية، أي سيكون تقييم التزام الحكومة بهذه الشروط كل ستة أشهر، أمرا استنسابيا، يخضع للتطورات السياسية المقبلة، ومدى رضى إسرائيل ومؤيديها في واشنطن عن هذه الحكومة، وهذا يجعل الأخيرة في حالة ضغط وتخبط ويكون هاجسها الرئيسي كيفية إرضائهم. واعتبر المسالمة أن على الحكومة أن تضع مصالح شعبها في المقام الأول، وتتصرف بناء على ذلك، لافتاً إلى أن بعض الشروط المطروحة تتفق على أية حال مع الأهداف المعلنة للحكومة مثل توسيع المشاركة السياسية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، ومحاربة تنظيم داعش، وغير ذلك.

المساهمون