دعوات لتوسيع العفو في مصر بعد الإفراج عن علاء عبد الفتاح ليشمل معتقلي التيار الإسلامي

23 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 17:18 (توقيت القدس)
علاء عبد الفتاح مع والدته بالقاهرة بعد الإفراج عنه، 22 سبتمبر 2025 (سيد حسن/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار العفو عن علاء عبد الفتاح دعوات لتوسيع العفو ليشمل جميع المعتقلين السياسيين، مع التركيز على معتقلي التيار الإسلامي، في ظل ضغوط إقليمية مرتبطة بحرب غزة.
- عبّر كتاب وصحفيون عن أملهم في تحسين المناخ السياسي، مؤكدين على ضرورة الإفراج عن جميع السجناء السياسيين وتبني آلية شفافة ودائمة لإنهاء الحبس بسبب الرأي.
- تدعو منظمات حقوقية إلى الإفراج غير المشروط عن سجناء الرأي ومراجعة الملفات الجماعية، مع مبادرات لمصالحة تشمل إطلاق سراح معتقلي التيار الإسلامي.

أثار العفو الرئاسي عن الناشط علاء عبد الفتاح، أحد أبرز رموز ثورة 25 يناير، موجة من المطالبات الحقوقية والسياسية في مصر لتوسيع نطاقه، بحيث يشمل "جميع المعتقلين السياسيين دون استثناء"، مع تركيز خاص على معتقلي التيار الإسلامي. وتذهب هذه المطالبات إلى أن "المصالحة المجتمعية" و"توحيد الجبهة الداخلية" باتتا ضروريتين في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، تتعرض فيها مصر لضغوط وتحديات متصلة بحرب غزة وترتيبات "اليوم التالي".

وعبّر الكاتب الصحافي عبد العظيم حماد عن سعادته بالعفو عن علاء عبد الفتاح وزملائه المشمولين بقرارات الإفراج الأخيرة، موجهًا التهاني لهم ولأسرهم، وللدكتورة ليلى سويف التي وصفها بـ"أم الصابرين"، ولعائلة علاء كاملة. وقال حماد في منشور على صفحته في "فيسبوك" إن هذه الخطوة يمكن أن تكون "أول الغيث" في مسار تحسين المناخ السياسي والحقوقي في مصر. وأضاف أن إغلاق ملف السجناء السياسيين كان أحد أبرز دوافع الحركة المدنية الديمقراطية للمشاركة في الحوار الوطني، بل كان هو الهدف الأهم بالنسبة له شخصيًّا باعتباره الأقرب للتحقق من بين مطالب الإصلاح السياسي والاقتصادي، والأكثر إلحاحًا من الناحية الإنسانية. لكنه أقر بأن هذا الهدف لم يتحقق بعد، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الأمل والضغط سيستمران، قائلًا: "سنظل نأمل ونطالب، ولن نتوقف".

وفي السياق نفسه، علّق الكاتب الصحافي أنور الهواري على الجدل الدائر بشأن العفو عن علاء عبد الفتاح، والدعوات لتوسيع الإفراجات، قائلًا على صفحته على "فيسبوك": "اعتدنا أن ننتظر أي خطوة صغيرة لنصفها بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح، بينما يظل الاتجاه نفسه ثابتًا كما هو، لم يتغير ولن يتغير".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

ورحّبت منظمات دولية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، بالخطوة، ودعت إلى أن تكون مقدمة لإطلاق سراح آخرين كثيرين. وتؤكد تقارير سنوية لمنظمة العفو دولية أن الإفراجات المتقطعة غالبًا ما رافقتها موجات توقيف جديدة، ما يجعل "المعيار الحقيقي" هو تبنّي آلية شفافة ودائمة لإنهاء الحبس بسبب الرأي أو الانتماء السياسي السلمي. وتدعو الأصوات المطالِبة بالإفراج الشامل عن معتقلي التيار الإسلامي إلى مقاربة "قضائية - سياسية" مزدوجة، وهي مراجعة قضائية لملفات القضايا الجماعية التي افتقرت لأدلة كافية، أو طاولها "التدوير"، والإفراج عمّن لم تثبت بحقهم تهم عنف، وكذا إيجاد حلول قانونية وإنسانية للحالات الأقدم سنًا والمرضى، على غرار الإفراجات الطبية أو العفو الخاص.

ويرى أنصار هذا الطرح أن شمول الإسلاميين بعملية الإفراج، وفق ضوابط قانونية وأمنية، هو ما يمنح "اللحمة الوطنية" صدقيتها، ويبدد سرديات الاستقطاب، ويعيد دمج شرائح اجتماعية واسعة تحت سقف المشهد السياسي السلمي. وتستشهد هذه الأطراف بسوابق تاريخية لإفراجات واسعة ساعدت على إعادة إدماج تيارات إسلامية في المجال العام، مع اختلاف الظروف. عمليًّا، تندرج المطالبات في ثلاثة مسارات مترابطة، وهي:

  • مسار حقوقي دولي يضغط لوقف ملاحقة المتضامنين مع غزة وإطلاقهم فورًا.
  • مسار سياسي داخلي تقوده أحزاب وشخصيات عامة للتوسّع في العفو والإخلاءات، مع إصلاحات في قوانين الحبس الاحتياطي ووقف "التدوير".
  • مسار "مصالحة مجتمعية" يطرح إدماج الإسلاميين ضمن حلول قانونية وإنسانية، لتثبيت جبهة داخلية موحّدة، في ظل ضغوط غزة وترتيباتها الإقليمية.

وكانت منظمات حقوقية دولية قد طالبت، قبل أسابيع من العفو عن عبد الفتاح، بإطلاق سراح كل من اعتُقلوا لمجرد التعبير عن التضامن مع غزة، معتبرة ذلك "اختبارًا جِدّيًّا لاحترام حرية التعبير في ظرف استثنائي". ففي 8 يوليو/تموز 2025 دعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج "الفوري وغير المشروط" عن المحتجزين بسبب دعمهم "المسيرة إلى غزة"، وطالبت بالتحقيق في الانتهاكات المرتبطة بتلك الاعتقالات. كما وثّقت مفوضية الأمم المتحدة السامية ومراكز رصد مصرية انتهاكات بحق ناشطين مؤيدين لغزة، ما غذّى خطابًا داخليًّا يعتبر أن تصحيح هذا الملف عبر إفراجات واسعة سيعزّز مكانة مصر وهي تفاوض حول وقف النار والتهدئة.

سياسيًّا، تتكئ الدعوات الحالية على تاريخ ممتد من مطالب إطلاق سراح السجناء السياسيين، التي تصاعدت مع "الحوار الوطني" وملف الإفراجات المتقطعة خلال الأعوام الماضية. وسبق لأحزاب معارضة أن طالبت بالإفراج عن موقوفي تظاهرات دعم فلسطين في 2024، وتكرر اليوم خطابها بصيغة أشمل، يطالب بإنهاء "التدوير" ووقف الحبس الاحتياطي المطوّل، وإغلاق ملفات القضايا الجماعية المبنية على التحريات وحدها.

وفي أغسطس/آب 2025، نشرت تقارير تلخص أبرز البنود التي يرفعها حقوقيون وسياسيون محليون، وهي:

  • الإفراج غير المشروط عن سجناء الرأي كافة
  • مراجعة شاملة للملفات الجماعية
  • ضمانات تشريعية تحول دون العودة إلى الاعتقال لأسباب سياسية.

وتُطرح هذه البنود باعتبارها "خريطة طريق" لما بعد عفو علاء عبد الفتاح.

أما في ما يخص معتقلي التيار الإسلامي تحديدًا، فقد أطلق حقوقيون وسياسيون مبادرات ونداءات تُلوِّح بإمكانية فتح مسار "تهدئة" أو "مصالحة" يفضي إلى إطلاق سراح واسع، أو على الأقل إلى مراجعات قانونية تشمل ملفات إسلاميين قضوا سنوات طويلة خلف القضبان. ورغم الجدل حول مصداقية بعض هذه المبادرات، فإنها تعكس مزاجًا عامًّا يرى أن شمول الإسلاميين بأي مسار إفراجات هو شرط لبناء لحمة شعبية حقيقية، لا سيما في ظل الحرب على غزة، ومحاولات تدوير خرائط النفوذ الإقليمي.

وتشتبك هذه الدعوات مع سياق إقليمي ضاغط، حيث تقع القاهرة في قلب وساطات معقّدة بين إسرائيل وحماس حول وقف النار وتبادل الأسرى، وسط مبادرات أميركية وإقليمية مطروحة لإعادة ترتيب الحكم في غزة. وفي كل مرة يتعقّد فيها المسار السياسي، يتجدد في الداخل المصري سؤال "الجبهة الوطنية" وما إذا كانت السلطة راغبة في اتخاذ خطوات تُصالح الشرائح المعارضة والإسلامية معًا، على قاعدة الحفاظ على الأمن القومي، ورفض مشاريع التهجير، أو فرض وقائع سياسية على حدود مصر.

وفي هذا السياق، يرى حقوقيون أن الإفراجات الواسعة ستمنح القاهرة "دفعة مصداقية" وهي تطالب بوقف إطلاق النار في غزة وحماية المدنيين وتدفق الإغاثة، بعد أن وجّهت منظمات دولية انتقادات لاعتقالات طاولت متضامنين مع غزة داخل مصر خلال العام الماضي. ويؤكد هؤلاء أن "إغلاق جرح السجون" داخليًّا سيقوي موقف مصر خارجيًّا في ملفات غزة والحدود والوساطة. وتباينت قراءات العفو عن علاء عبد الفتاح بين من يراه "بادرة حسنة" قابلة للبناء عليها، ومن يحذّر من أن تبقى "حالة استثنائية" لا تعكس تحولًا مؤسسيًّا في ملف السجناء السياسيين.

المساهمون