دعوات في الجزائر لإطلاق حوار لتحصين الجبهة الداخلية بعد إسقاط الأسد في سورية

12 ديسمبر 2024
لقاء تبون وقادة الأحزاب الجزائرية، 21 مايو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الجزائر دعوات متزايدة لحوار وطني شامل لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسط تطورات دولية وإقليمية متسارعة.
- تعبر القوى السياسية عن قلقها من الوضع الحالي، مشيرة إلى الحاجة لحسم التردد السياسي ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مع التأكيد على أهمية الحوار لتعزيز الوحدة الداخلية.
- أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن نيته فتح حوار وطني، لكن تأجيله إلى نهاية 2025 أثار قلق القوى السياسية بشأن ملاءمة الجدول الزمني للتحديات الحالية.

تلحّ القوى السياسية في الجزائر بشكل لافت في الفترة الأخيرة على السلطة لبدء حوار سياسي جامع يستشرف التداعيات السياسية والاقتصادية المستقبلية المتعلقة بإعادة تشكل العلاقات الدولية، ولحل الأزمات المقلقة على الصعيد الاجتماعي، وتحصينا للجبهة الداخلية من أي تأثيرات خارجية محتملة، خاصة على خلفية التطورات المتسارعة في سورية، التي أفضت إلى إسقاط نظام بشار الأسد.

وانعكست هذه التطورات بشكل مباشر على الساحة السياسية الجزائرية، حيث برزت دعوات سياسية لإطلاق حوار وطني، آخرها تلك التي أطلقها رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة، عبد العالي حساني، الذي قال خلال مؤتمر حول مصداقية حقوق الإنسان في الأزمات الدولية عقد مساء أمس، إنه "ينبغي أن يكون هناك حوار وطني جامع يستوعب المتغيرات الحاصلة في العالم، لا يجب أن نمارس سياسة الهروب إلى الأمام وكأنه لا توجد أي تهديدات تواجهنا، بينما هي تحديات واقعية يقوم بها محور الشر".

وشدد حساني على أنه يتوجب "أن يكون هناك في الجزائر حوار يستشرف هذه المتغيرات وآثارها على بلدنا ووطننا ونستشرف تأثيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، وأوضح أن السنوات المقبلة "ستكون سنوات عجاف ولا بد أن نتجهز لها، وهناك صعوبات اقتصادية تحتاج إلى مواجهتها بالحقيقة والعمل المشترك ولتوفير السكينة للمجتمع الجزائري، وهذا يستدعي وجود حوار حقيقي وتوافق جماعي ونقاش مفتوح في إطار الحريات بين كل الجزائريين لتجاوز كل الصعوبات، وتحقيق الاستقرار بمساهمة من قبل الجميع".

حساني: يتوجب أن يكون هناك في الجزائر حوار يستشرف هذه المتغيرات وآثارها على بلدنا

من جهتها، قالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، في تعليق مسجل لها على التطورات في سورية، بث الليلة الماضية، إن خلاص الدول والشعوب متعلق بالحوار الداخلي "الذي يؤدي إلى تحصينها سياسيا وثقافيا واجتماعيا". ووجهت حنون وفقا لذلك رسالة سياسية الى السلطة السياسية في الجزائر بأن البلاد معنية أيضا بضرورة إقامة الحوار لتحقيق الانسجام الداخلي، كما كانت قد حذرت السلطة قبل أيام "من سياسة الهروب إلى الأمام"، ودعت إلى "تجنيب الجزائر تعقيدات غير متوقعة".

وفي آخر بيان له صدر الثلاثاء الماضي، أكد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (تقدمي)، أن هناك حاجة سياسية ماسة في الجزائر "لإقامة النقاش الحر، وهو السبيل الوحيد لتعزيز وحدة الشعب والدفاع عن الوطن، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي"، وأشار إلى أنه "في ظل المخاطر الدولية والإقليمية، يرى الحزب أن أي حكومة تتمتع بشرعية شعبية كانت ستدعو إلى مؤتمر وطني يحدد معالم السياسة الخارجية بشكل يضمن مصالح البلاد ويحقق إجماعًا بين مختلف القوى الوطنية".

وتؤشر مثل هذه الدعوات من قوى سياسية جزائرية جادة وفاعلة في المشهد الداخلي بشأن ضرورة إجراء حوار وطني إلى وجود شعور بالقلق لدى هذه القوى الوطنية. وقال المحلل السياسي والأكاديمي جمال خديري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذا يؤكد أن هذه القوى تعتبر أن هناك حاجة ماسة إلى حسم التردد السياسي القائم من قبل السلطة بشأن حزمة مسائل سياسية، كالمجال السياسي والنقابي والحريات وحرية التعبير، والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها السياسات الحكومية".

وأضاف أن "هذه القوى تنطلق من العزوف الانتخابي الذي شاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في السابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، والقلق الاجتماعي والاقتصادي"، إضافة إلى التحرشات الأجنبية والحملات الإعلامية الفرنسية خاصة الموجهة ضد الجزائر، كلها عوامل تدفع هذه القوى السياسية إلى القلق والدعوة إلى حوار لتحصين الجبهة الداخلية".

وترافقت هذه الدعوات السياسية التي تلت التطورات في سورية تحديدا مع سلسلة تدوينات لكتاب ومثقفين وسياسيين في الجزائر، تلفت النظر إلى ضرورة إطلاق خطوات سياسية في الجزائر، تحصينا للجبهة الداخلية، وبما يعيد ترتيب النقاش السياسي بشأن الخيارات التي تتجه إليها البلاد، ووضع أزماتها الداخلية على طاولة نقاش وطني، والانفتاح السياسي والإعلامي ورفع كل الإكراهات القائمة على النقاش السياسي ووسائل الإعلام والمجال العام.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن في خطاب عقب أدائه اليمين الدستورية بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات السابع من سبتمبر الماضي، عن قراره" فتح حوار وطني مع كافة القوى الوطنية لإشراكها في صياغة الخطط المرتبطة بالنهج السياسي والاقتصادي للبلاد خلال العهدة الثانية، وفي ظروف تسمح لنا بذلك، سنقوم باتصالات كثيفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للبلد، وندخل في حوار وطني مفتوح لنخطط معا للمسيرة التي سننتهجها معا، لتجسيد الديمقراطية الحقة وليس ديمقراطية الشعارات، والتي تعطي السيادة لمن يستحق"، لكنه قال في وقت لاحق إن موعد هذا الحوار قد يكون نهاية العام المقبل 2025، وهي الأجندة الزمنية التي لم تطمئن القوى السياسية، كونها فترة بعيدة عن استحقاقات الظرف الحالي.

المساهمون