درعا و"اللاموقف" الأميركي

درعا و"اللاموقف" الأميركي

08 اغسطس 2021
رفضت إدارة بايدن مقترحاً للسيناتور بوب مينينديز حول درعا (Getty)
+ الخط -

على الرغم من انقلاب النظام السوري على الاتفاق الخاص بجنوبي سورية عام 2018، وعلى الرغم من الدعم الروسي غير المباشر حتى الآن لهذا الاتفاق الذي تم بضمانة موسكو، لم يصدر عن الولايات المتحدة أي موقف جدّي تجاه ما يجري في الجنوب السوري، إذ لم يتعد موقف واشنطن تعبير مسؤول في الخارجية الأميركية عن قلق بلاده من الأذى الذي قد يلحق بالمدنيين، ودعوة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد، والسماح للمدنيين والمساعدات بحرّية الحركة، وتحميل النظام مسؤولية الوضع الإنساني في سورية.
وعلى الرغم من تحرّك الجالية السورية في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، حيال تصعيد النظام في محافظة درعا، ولقائها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب مينينديز، الذي تضامن مع مطالب الجالية وقدّم مقترحاً للبيت الأبيض بتفعيل إحالة ما يجري في درعا إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أن مقترحه لم يلق أي تجاوب من إدارة الرئيس جو بايدن. ويؤكد هذا الأمر مجدداً، عدم إيلاء هذه الإدارة القضية السورية أي اهتمام، وتركها الملف السوري لصالح روسيا، التي لا تزال تعمل على تمكين النظام واستعادته بالتدريج جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة. ويأتي ذلك ضمن ما تبدو موافقة ضمنية من قبل الولايات المتحدة، التي تكتفي بالتنديد، وإبداء القلق من المجازر التي ترتكب بحق المدنيين.
وكان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد حاول تحريك الملف السوري، وإصدار حزمة قوانين للضغط على النظام، إلا أن تحركه أيضاً لم يصل حدّ اتخاذ موقف حاسم من هذا النظام السوري، كان يمكن أن يؤدي على الأقل إلى فرض حلّ سياسي في سورية بموجب قرارات الشرعية الدولية. وكانت معالم السياسة الأميركية تجاه سورية قد بدأت تتكشف منذ لقاء فيينا عام 2015 الذي جمع كلا من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي شهد أول تقارب روسي أميركي في الملف السوري. وبدا في ما بعد وكأن واشنطن عهدت إلى موسكو إدارة هذا الملف، الذي شهد تقدماً كبيراً في الدور الروسي على حساب تراجع دور الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل من التعويل على تحرك أميركي، أو حتى غربي، تجاه ما يحصل في درعا، أمراً مستبعداً، إذ من غير المتوقع أن تتعدى تلك المواقف الإدانة.
إلا أنه ربما يتم التوافق مع الروس، في حال صح ما يشاع حول ما يجري التخطيط له في كل الجنوب السوري، من تكرار تجربة الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية، أي تشكيل إدارة ذاتية وقوات حماية ذاتية في المنطقة الجنوبية، ربما يكون نواتها حزب "اللواء" والمليشيا التي تتبع له، وهو الحزب الذي أنشئ في محافظة السويداء كنواة لإدارة ذاتية، تضم السويداء ودرعا والقنيطرة.