دخول أول معاهدة من نوعها لحظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ

دخول أول معاهدة من نوعها لحظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ

22 يناير 2021
اعتصام في ألمانيا احتجاجاً على عدم توقيعها المعاهدة (عبد الحميد حوسباص/الأناضول)
+ الخط -

دخلت أول معاهدة على الإطلاق لحظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ يوم الجمعة، في خطوة وُصفت بالتاريخية لتخليص العالم من أشدّ أسلحته فتكاً، ولكن عارضتها بشدة دول العالم المسلّحة نووياً.

وأصبحت معاهدة حظر الأسلحة النووية الآن جزءاً من القانون الدولي، لتتوج حملة استمرّت عقوداً، بهدف منع تكرار القصفين الذريين الأميركيين لهيروشيما وناغازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن حمل جميع الدول على التصديق على المعاهدة التي تتطلب منها عدم امتلاك مثل هذه الأسلحة يبدو أمراً شاقاً، إن لم يكن مستحيلاً، في المناخ العالمي الحالي.

فعندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على المعاهدة في يوليو/ تموز 2017، وافقت عليها أكثر من 120 دولة. لكن أياً من الدول التسع المعروفة بامتلاكها، أو التي يعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية - الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، والصين، وفرنسا، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية، وإسرائيل - لم تدعمها، ولا حلف "شمال الأطلسي" المكوّن من 30 دولة.

كما أنّ اليابان، الدولة الوحيدة في العالم التي عانت من هجمات نووية، لا تدعم المعاهدة أيضاً، على الرغم من أن كبار السن من الناجين من تفجيرات عام 1945 يدفعون بشدة لدعمها. وترفض اليابان من تلقاء نفسها استخدام وحيازة الأسلحة النووية، لكن الحكومة قالت إن السعي إلى معاهدة لحظرها ليس أمراً واقعياً مع الدول النووية وغير النووية المنقسمة بشدة بشأنها.

مع ذلك، وصفت المديرة التنفيذية للحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية التحالف الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2017، والذي ساعد عمله في الوصول إلى المعاهدة، بياتريس فين، الحدث بأنه "يوم عظيم حقاً للقانون الدولي والأمم المتحدة والناجين من هيروشيما وناغازاكي". وحصلت المعاهدة على التصديق الخمسين يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول، ما أدّى إلى فترة 90 يوماً قبل دخولها حيز التنفيذ اليوم (22 يناير/ كانون الثاني).

وتتطلب المعاهدة من جميع الدول التي صادقت عليها "عدم تطوير أو اختبار أو إنتاج أو تصنيع أو اقتناء أو امتلاك أو تخزين أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى، تحت أي ظرف من الظروف". كما تحظر المعاهدة أي نقل أو استخدام للأسلحة النووية أو الأجهزة المتفجرة النووية - والتهديد باستخدام مثل هذه الأسلحة - وتطالب الأطراف بالترويج للمعاهدة لدى دول أخرى.

وأكدت اليابان، اليوم الجمعة، رفضها الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، مثيرة تساؤلات حول فعاليتها. ونقلت وكالة أنباء "كيودو" عن رئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا، قوله في جلسة البرلمان، "بصفتها الدولة الوحيدة التي عانت من القصف الذري خلال الحرب، تتحمل اليابان مسؤولية تولي قيادة جهود المجتمع الدولي لتحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية".

كما حث رئيس الحكومة اليابانية على توخي الحذر عند مراقبة المعاهدة التي دخلت حيز التنفيذ اليوم. وقال سوغا، إن "معاهدة حظر الأسلحة النووية لا تحظى بدعم الدول الحائزة للأسلحة النووية، ولا العديد من الدول الأخرى غير الحائزة على الأسلحة النووية". وأكد أنه "تماشياً مع موقفنا لضرورة اتباع مسارٍ ثابت وواقعي نحو نزع السلاح النووي، ليس لدى اليابان أي نية لتوقيع المعاهدة".

واختتم سوغا حديثه بالقول إن "بلاده ستواصل جهودها لبناء جسر بين الدول الحائزة على الأسلحة النووية والدول غير الحائزة عليها، بما في ذلك إخبار العالم عن العواقب الجسيمة لاستخدامها". وعلى الرغم من مطالبة اليابان بالانضمام إلى المعاهدة، فإن الحماية النووية الأميركية الشاملة لليابان ضد أي تهديدات خارجية تمنع طوكيو من الانضمام إليها.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في بيان، اليوم الجمعة، إنّ "المعاهدة تمثل خطوة مهمة نحو التهيئة لعالم خالٍ من الأسلحة النووية، ودليلاً قوياً على تأييد النُهج المتعددة الأطراف لنزع السلاح النووي". ولفت إلى أنّها "أول معاهدة متعددة الأطراف" بالخصوص "تبرم منذ أكثر من 20 عاماً"، داعياً "جميع الدول إلى العمل معاً (...) لتعزيز الأمن المشترك والسلامة الجماعية".

ويحظر نص المعاهدة استخدام وتطوير وإنتاج واختبار وحيازة وتخزين أسلحة نووية.

وكان البابا فرنسيس عبّر عن ارتياحه خلال الأسبوع الحالي، مشيراً إلى أن هذه المعاهدة هي "أول أداة دولية ملزمة بشكل قانوني تحظر بوضوح هذه الأسلحة التي يكون لاستخدامها تأثير عشوائي، إذ إنّها تضرب في وقت قصير عدداً كبيراً من الأشخاص وتسبب ضرراً طويل الأمد للبيئة".

وتابع "أشجع بقوة جميع الدول والأشخاص على العمل بتصميم من أجل تعزيز الظروف الضرورية لعالم خالٍ من الأسلحة النووية، والمساهمة في تعزيز السلام، والتعاون المتعدد الأطراف الذي تحتاجه البشرية اليوم بشدة".

بدوره، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، في بيان، إنّ الحدث يشكّل "انتصاراً لإنسانيتنا"، مضيفاً "دعونا نغتنم الفرصة وندفع المعاهدة نحو هدفها: عالم خالٍ من الأسلحة النووية".

ويأمل الناشطون المؤيدون لإنهاء الأسلحة النووية ألا يقتصر أثر المعاهدة على بعدٍ رمزي رغم عدم توقيعها من الأطراف الرئيسة المالكة لتلك الأسلحة. وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا نسبة 90% من الأسلحة النووية في العالم في ظل وجود تسع قوى نووية.

وتقول غالبية هذه القوى إنّ ترساناتها تهدف إلى الردع، مشيرة إلى الالتزام بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الرامية إلى منع زيادة انتشار هذه الأسلحة بين الدول وتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

(أسوشييتد برس، فرانس برس، الأناضول)