دبلوماسية الصفقات الترامبية في طريق نوبل 2026: حضور مشروط لقمة آسيان
استمع إلى الملخص
- التوترات بين كمبوديا وتايلاند مستمرة رغم وقف النار، حيث وضعت تايلاند شروطًا لترسيخ الهدنة، وتواصل ماليزيا الضغط لتحقيق اتفاق شامل قبل القمة.
- قمة آسيان ستشهد حضور قادة دوليين مثل لولا دا سيلفا وناريندرا مودي، بينما لن يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتعمل ماليزيا والولايات المتحدة لتحقيق وقف نار شامل.
أكد وزير الخارجية الماليزي، محمد حسن، أمس الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيحضر قمّة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بدورتها الـ47، والتي تستضيفها كوالالمبور، بين 26 و28 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وهو ما كانت ماليزيا أعلنته منذ أشهر، على أن يكون حضور ترامب، الذي لم يؤكده بعد البيت الأبيض، مرتبطاً خصوصاً بتوصل كلّ من كمبوديا وتايلاند إلى اتفاق لتثبيت وقف النار بينهما، الذي يقول الرئيس الأميركي إنه تمكّن من فرضه الصيف الماضي. وبينما تتركز الأنظار فعلياً على قمّة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، الذي من المقرّر أن تستضيفه كوريا الجنوبية أواخر الشهر الحالي، حيث من المرجح أن يلتقي ترامب نظيره الصيني شي جين بينغ، الذي لن يحضر قمة آسيان في كوالالمبور، إلا أن هذه القمّة ستكون فرصة لترامب لاستعراض مهاراته التفاوضية، وفنّ الصفقات الذي يردّد أنه تمكن من خلاله هذا العام من وقف ثماني حروب، من بينها القتال الذي اندلع هذا العام بين كمبوديا وتايلاند.
لن يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ قمّة كوالالمبور
ولن تكون جائزة نوبل للسلام لعام 2026 غائبة في خلفية تحركات ترامب، وهو أقله ما كان يمكن استشفافه من تبريره قبل أيام عدم فوزه بالجائزة بالقول: "ربما الجائزة كانت للإنجازات المتعلقة بعام 2024"، فيما كان موقع بوليتيكو الأميركي، ذكر الأسبوع الماضي، أن ترامب اشترط لحضور قمة آسيان أن يشهد على توقيع الاتفاقية، كما اشترط عدم حضور أي مسؤول صيني، وهو ما نفته ماليزيا.
ترامب يضغط قبل قمة آسيان
ومن المرجح أن يحضر ترامب قمة آسيان في يومها الأول، علماً أنه كان خلال ولايته الأولى أظهر قلّة اهتمام بمنطقة جنوب شرق آسيا، ولم يحضر قمة آسيان سوى مرة واحدة، وذلك في عام 2017. لكن ترامب يريد هذه المرة، بعد حضوره قمّة السلام في شرم الشيخ، لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، أن يستكمل استعراض "إنجازاته" التي يدعي من خلالها أنه أوقف ثماني حروب هذا العام، وكان يأمل أن يحصل من خلالها على جائزة نوبل للسلام، وذلك بحضوره توقيعاً على اتفاق لوقف النار بين كمبوديا وتايلاند، وذلك بالضغط لتذليل العقبات التي لا تزال تحويل دون تنفيذ هذا الاتفاق.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، اندلعت موجة قتال حدودية بين تايلاند وكمبوديا، في المناطق المتنازع عليها بين البلدين، وكانت الأسوأ بين الطرفين منذ 13 عاماً، وأدّت إلى مقتل عشرات الأشخاص، ونزوح أكثر من 260 ألفاً. وهدّد ترامب كلاً من كمبوديا وتايلاند، بالتعرفات الجمركية، لوقف القتال، وأكد لاحقاً تمكنه من وقف الحرب، على أن ينخرط الطرفان في مفاوضات لتثبيته. ويضع ترامب وقف النار هذا، والذي لا يزال يعدّ هشّاً، ضمن خانة الحروب التي أوقفها هذا العام، وكان يأمل أن تؤدي إلى منحه "نوبل". ومن شأن أي توقيع في قمّة "آسيان" أن يزيد حظوظ ترامب في نيل الجائزة العام المقبل، بعدما حضر توقيع "اتفاق سلام" يتعلّق بغزة، في شرم الشيخ، أول من أمس الاثنين، ويرتبط أيضاً بوقف للنار في القطاع، ومحاولة إنهاء إبادة جماعية استمرت عامين، لكنه لا يزال أيضاً هشّاً.
وبناء على ذلك، تعتبر ماليزيا، ورئيس وزرائها أنور إبراهيم، أنها تمكنت من إقناع ترامب بحضور "آسيان"، وإعادة لفت نظر الولايات المتحدة إلى منطقة جنوب شرق آسيا، وهي تواصل الضغط على كمبوديا وتايلاند، للتوصل إلى اتفاق تهدئة شامل قبل موعد انعقاد القمة.
وبقيت التوترات عالية بين كمبوديا وتايلاند بعد وقف النار الذي كان رضخا له بضغط من واشنطن. وفي أغسطس/آب الماضي، أصيب جنود تايلانديون بألغام أرضية عند الحدود، خلال دورية في المنطقة العازلة. واتهمت تايلاند كمبوديا بأنها زرعت ألغاماً جديدة في انتهاك لوقف النار، وهو ما نفته بشدة بنوم بنه. وطالب رئيس الوزراء التايلاندي، أنوتين شارنفيراكول، بنوم بنه، بأربعة شروط لإتمام الاتفاق، بما في ذلك إزالة الأسلحة الثقيلة عند الحدود، وتطهير المنطقة من الألغام، والمساهمة في القضاء على الجريمة العابرة للحدود، وإدارة المناطق الحدودية الحسّاسة لتجنب دورة عنف جديدة. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الماليزي، أمس، أن المفاوضات تتواصل في هذا الشأن، وتدور حالياً لتضمين الاتفاق مسألتين: تطهير الألغام وسحب الأسلحة الثقيلة، مبدياً تفاؤلاً بإمكانية إنجاز ذلك حتى موعد القمّة.
وضعت تايلاند 4 شروط أمام كمبوديا لترسيخ وقف النار
وتضم مجموعة "آسيان" بروناي وكمبوديا وإندونيسيا وماليزيا وميانمار والفيليبين وتايلاند وفيتنام وسنغافورة. وسيحضر القمة هذا العام، الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، فيما لم يحسم الكرملين بعد حضور الرئيس فلاديمير بوتين أو عدمه. ومن الجانب الصيني، سيرسل شي رئيس الحكومة لي تشيانغ.
وبحسب وزير الخارجية الماليزي، محمد حسن، فإن ترامب سيحضر القمة ليوم واحد، في 26 أكتوبر، لكي يشهد توقيع الاتفاق بين كمبوديا وتايلاند، لافتاً إلى أن بلاده والولايات المتحدة ستعملان بوصفهما طرفين مُسهّلين لـ"رؤية وقف للنار أكثر شمولية وصموداً"، ما يتطلب تلبية شرطي إزالة الألغام والأسلحة الثقيلة. وأوضح عن الاتفاق المرتقب: "من الممكن تسميته إعلان كوالالمبور، أو اتفاق كوالالمبور، نريد التأكد من أنه بإمكانهما صناعة السلام".
من جهته، أوضح المتحدث باسم الحكومة التايلاندية، سيريبونغ أنغكاساكوليات، أن بانكوك مُدركة أن الرئيس الأميركي مهتم بإنهاء هذا النزاع، ويعطيه أولوية، ولكن "ما يجب على كمبوديا أن تفعله أولاً قبل قبول العرض الأميركي، هو أن تحلّ مسألة النقاط الأربع". وأكد رئيس الحكومة التايلاندية أمس، أنه تلّقى رسالة من ترامب، قال له فيها إنه يريد أن يرى الدولتين الجارتين وقد تصالحتا. ووضع أنوتين شارنفيراكول شرطاً جديداً للحوار، وهو أن تنقل كمبوديا مواطنيها من المناطق المتنازع عليها التي تعتبرها تايلاند ضمن أراضيها، ووقف عمليات القرصنة الإلكترونية. من جهتها، تقول كمبوديا إن مواطنيها يعيشون في هذه المناطق منذ عقود. وكان رئيس الوزراء التايلاندي قد استبعد، خلال الأيام الماضية، أن يؤدي ترامب دوراً إضافياً في مفاوضات وقف النار، لكن رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه، رشّح ترامب لـ"نوبل" للسلام، في رسالة وجّهها إلى لجنة نوبل في 7 أغسطس/آب الماضي، معتبراً أن الرئيس الأميركي اعتمد على "دبلوماسية خلّاقة" لوقف القتال.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)