دبلوماسية المغرب 2021.. الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع

دبلوماسية المغرب2021.. الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع

31 ديسمبر 2021
وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

واجهت الدبلوماسية المغربية على مدى عام 2021 تحديات غير مسبوقة على خلفية اندلاع أزمات شكلت امتحانا حقيقيا للرباط حول مدى قدرتها على تحمل أعباء الاصطدام بقوى دولية كبرى من قبيل ألمانيا وإسبانيا.

وحمل عام 2021 في طياته العديد من التغيرات في نهج الدبلوماسية المغربية وتعاملها مع الأزمات التي اصطدمت بها، إذ انتقلت من اعتماد سياسة مسالمة مهادنة مرنة تتبنى الحوار كأفضل سبيل لتسوية النزاعات، إلى اتباع نهج الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع عن مواقفها والمصالح العليا للبلاد.

وعلى امتداد الأشهر الماضية تعرضت الرباط لمواجهات سياسية ودبلوماسية من العيار الثقيل، كان من أبرزها قرار المغرب في الأول من مارس/آذار الماضي، تعليق جميع الاتصالات مع السفارة الألمانية في الرباط، ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها، في خطوة مفاجئة أثارت أكثر من علامة استفهام عن توقيتها ودواعيها.

وبحسب وثيقة صدرت عن وزارة الخارجية المغربية حينها، فإن قرار تعليق جميع الاتصالات وعلاقات التعاون مرده إلى "خلافات عميقة" بين المغرب وجمهورية ألمانيا الاتحادية حول عدد من القضايا المصيرية بالنسبة إلى المملكة. ويتعلق الأمر بثلاثة ملفات رئيسة هي قضية الصحراء والأزمة الليبية وملف الإرهاب.

وفي 6 مايو/أيار الماضي، استدعى المغرب سفيرته في برلين زهور العلوي، من أجل التشاور، بعدما كان قد قرر في وقت سابق وقف جميع الاتصالات مع السفارة الألمانية في الرباط، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام تصعيد جديد في التوتر بين البلدين. ولم تُخفِ الخارجية الألمانية دهشتها الشديدة من قرار الاستدعاء، لقيامها "بجهود بنّاءة مع الجانب المغربي لحل الأزمة".

والأسبوع الماضي، أعلن المغرب استئناف التعاون الثنائي مع ألمانيا وعودة عمل التمثيليات الدبلوماسية للبلدين في الرباط وبرلين إلى شكلها الطبيعي، في مؤشر على بداية دفن الأزمة الدبلوماسية التي استمرت 9 أشهر.

المغرب وأسبانيا

وعلى صعيد العلاقة مع إسبانيا، فجر استقبال السلطات الإسبانية لزعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، في 21 إبريل/ نيسان الماضي، للعلاج من فيروس كورونا بـ"هوية مزيفة"، أزمة بين مدريد والرباط، وصلت إلى حد استدعاء السفيرة المغربية كريمة بنيعيش، بعد أن اعتبرت الدبلوماسية المغربية ما وقع "طعنة في الظهر من شريك استراتيجي".

وبينما كان مفاجئا للكثيرين اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين،"، لم يكن متوقعا حجم التصعيد المغربي ضد الجار الشمالي، بحكم العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية التي تجمع البلدين، حيث تعد مدريد أكبر شريك تجاري للرباط.

وبدا لافتا أن هناك تحولا في نهج الدبلوماسية المغربية التي حرصت خلال تلك الأزمة على بعث إشارات إلى من يهمه الأمر في مدريد ومن خلفها بروكسل، بتأكيد أن "مغرب اليوم ليس مغرب الأمس"، وبالدعوة إلى "دعم الدينامية الإيجابية الجارية في الصحراء".

وإذا كانت الأزمة مع إسبانيا لا تزال مستمرة رغم الإشارات المقدمة من الطرفين للملمة الموضوع رغم بعض الطوارئ، خاصة حادث احتجاج إسبانيا على مزارع أسماك قرب الجزر الجعفرية، يرى الباحث في العلاقات الدولية ونائب رئيس لجنة الخارجية في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) سابقا، نبيل الأندلوسي، أنه "رغم الوضع المتوتر بين البلدين، إلا أنه يتوقع أن تتحسن العلاقات بينهما قريبا، اعتبارا للمصالح الاستراتيجية بين الدولتين، ونظرا لوجود رغبة بين الطرفين لحل الإشكالات العالقة".

ويقول الباحث الأندلوسي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "على إسبانيا توضيح موقفها من مغربية الصحراء بشكل جلي وواضح، بعدما جعل المغرب من وضوح هذا الموقف أساسا لكل تعامل دبلوماسي واقتصادي"، لافتا إلى أنه "في سياق التوجه الجديد الذي تبناه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أصبحت تقوية المغرب علاقاته مع باقي الدول مشروطة بمدى وضوح الموقف من قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية".

من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية بوبكر أونغير خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن الدبلوماسية المغربية استطاعت خلال سنة 2021 الخروج من الأزمات الدبلوماسية مع دول كبرى ومؤثرة (ألمانيا وإسبانيا) بـ"قوة أكبر وإصرار واضح على الدفاع عن المصالح المغربية"، مشيرًا إلى أن الرباط استطاعت تدبير الأزمة مع مدريد بنجاح كبير، حيث حققت مرادها من السلطات الإسبانية.

وأوضح أونغير أن موقف المغرب من استقبال زعيم "البوليساريو" أدى إلى أزمة سياسية داخلية إسبانية توجت بتغيير وزيرة الخارجية وتعويضها بوزير تربطه علاقات إيجابية مع الأوساط السياسية المغربية، كما دفع الرد المغربي على أخطاء الدبلوماسية الإسبانية القضاء في البلد الجار إلى التحرك وفتح تحقيق في استقبال غالي خارج الضوابط والأعراف الدولية ومن دون مراعاة مصلحة البلدين.

وإذا كانت الإشارات الصادرة عن الرباط ومدريد في الأسابيع الماضية تؤشر إلى أن الجانبين يتجهان لطي الخلاف على أسس جديدة، شكلت الأزمة الدبلوماسية الحادة بين الجزائر والمغرب، امتحانا آخر للدبلوماسية المغربية، إذ بدا المغرب متمسكًا بسياسة "تجاهل" الخطوات التصعيدية الجزائرية المتتابعة، وسط إعلان عن التمسك بحسن الجوار.

تقارير عربية
التحديثات الحية

الأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر

وطيلة الأشهر الماضية ألقت الأزمة الدبلوماسية الحادة بين الجزائر والمغرب، التي اتخذت واجهات متعددة، منها ما هو دبلوماسي تمثل في إعلان الجزائر قطع علاقاتها الرسمية مع المغرب من جهة واحدة وسحب السفراء في 24 أغسطس/ آب الماضي، ثم منع المغرب من استخدام المجال الجوي الجزائري للطائرات المدنية والعسكرية على السواء، حيث ألقت الأزمة بظلالها على المنطقة وعلى مستقبل العلاقات بين الجارين الشقيقين.

وفي ظل توالي مؤشرات التصعيد خلال الأيام الماضية، يتوقع الباحث المغربي ، أن" تزداد الأزمة بين المغرب والجزائر تعقيدا"، لافتا إلى أنه "في غياب حل لقضية الصحراء، فإن الجزائر والمغرب سيبقيان على طرفي نقيض".

ويتوقع أونغير أن تأخذ العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائية أبعادا أكثر خطورة، خصوصا بعد أن عبّر المغرب في عدد من المناسبات عن رغبته في بدء صفحة جديدة لهذه العلاقات من دون أن تلقى صدى لدى الجزائر.