خيبة أمل من الحكومة الأردنية: هل حان وقت الرحيل؟

خيبة أمل من الحكومة الأردنية: هل حان وقت الرحيل؟

30 مايو 2021
لم يتوقع الأردنيون تغييراً مع تشكيل حكومة الخصاونة (Getty)
+ الخط -

تتعالى الأصوات المطالبة برحيل الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة أخيراً، في ظل انتقادات طاولت الأخير وفريقه الوزاري في الفترة الماضية، مع اتهام الخصاونة بالاختفاء وعدم الظهور في الأزمات الهامة التي مرت بها البلاد. ويتعلق الأمر بالأحداث المتعلقة بقضية الأمير حمزة، والعدوان الإسرائيلي على غزة، إضافة إلى فشل الحكومة في التعامل مع القضايا الاقتصادية، والغضب من قانون الدفاع وتداعياته. وبشكل عام لم يكن الأداء الحكومي في الأزمات التي مرت بها البلاد بحجم توقعات المواطنين، حتى أصبح من النادر أن يمر تصريح أو موقف لرئيس الوزراء من دون أن يخضع لتفسيرات وتأويلات عديدة تطاول الخصاونة نفسه بشكل قاس، فالحكومة الأردنية تعاني أيضاً من تخبط بعض الوزراء في عملهم، سواء بعدم تحقيقهم نتائج جيدة، أو حتى الفشل الكبير في إدارة وزاراتهم.

وذكر استطلاع للرأي أجراه "مركز راصد" مطلع شهر مايو/أيار الحالي، أن أكثر من ثلثي الأردنيين يرون حكومة الخصاونة غير قادرة على تحمّل مسؤولياتها، أو أن أداءها كان ضعيفاً خلال الأشهر الستة الأولى منذ تشكيلها. وأسهمت الإقالات والاستقالات والتعديلات الوزارية المتلاحقة، في عدم استقرارها.


أكثر من ثلثي الأردنيين يرون حكومة الخصاونة غير قادرة على تحمّل مسؤولياتها

في السياق، تعتبر الأمينة العامة لحزب "أردن أقوى"، النائبة السابقة في مجلس النواب رلى الفرا، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن الأردن اليوم بلا حكومة، وأن مواصفات الخصاونة لا تصلح لأكثر من سفير، فكيف يصبح رئيس وزراء يدير شؤون دولة. وتضيف: قبل رئيس الوزراء الحالي كان عمر الرزاز رئيساً للوزراء، وقد خلق حالة تفاؤل عامة عند تشكيل الحكومة، لكن للأسف لم يقدّم أي شي ولم يصنع أي تغيير حقيقي. وبالنسبة للخصاونة فإنه لم يكن هناك تفاؤل عند تعيينه، ولا توقعات بالتغيير، وهذا ما أثبتته الظروف منذ تشكيل الحكومة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وترى أن الحكومة تتخبط، فعلى سبيل المثال لم تستطع معرفة سبب انقطاع الكهرباء عن الأردن لمدة أربع ساعات في 21 مايو الحالي، ولم تكشف عن سبب منطقي، فإما أن الحكومة تخفي الحقيقة أو لا تعرفها. بالتالي فإن لا معنى لاستمرارية الحكومة. وتشدّد الفرا على أن المطلوب حالياً هو تغيير النهج، لأن تغيير الأسماء لا يصنع تغييراً حقيقياً، فكل التغييرات في الفترة الأخيرة لم تنعكس على الحياة السياسية والاقتصادية للمواطنين. وشرح أن هناك أزمة حقيقية في نهج إدارة الدولة، والطريقة التي تأتي بها الحكومات، وفي اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي، وما هو متعلق بالقوانين، بسبب احتكار القرار بشكل سلطوي، وإبعاد الشعب عن صنع القرار.

ومن وجهة نظر الفرا، فإن الأردن يحتاج إلى تغيير حقيقي يبدأ بقانون الانتخاب، عبر تشكيل الأحزاب حكومة، علماً أن هذا الأمر يتطلب تغيير قانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون البلديات واللامركزية. وتوضح أن ما يجب تطبيقه وتغييره في قانون الانتخاب، يجب ان يسري على قانون البلديات، لتكون الأحزاب هي من يديرها، وكل حديث عدا ذلك هو للاستهلاك ولا يخلق تغييراً حقيقياً. وتضع الفرا الملف الحكومي في سياق تكرار أخطاء الحكومات السابقة، فكل حكومة تأتي تجعل المواطنين يترحمون على السابقة بسبب سوء الأداء. وتشير إلى أن طريقة اختيار الحكومات، تنتج عنها حكومات فاشلة، وكل حكومة في الفترة الأخيرة تتجه من فشل إلى فشل. وتشدّد على أنه آن الأوان لتشكيل حكومات برلمانية من دون تدخلات وتأثيرات على نتائج الانتخابات البرلمانية، لتكون البرلمانات ممثلة بشكل حقيقي للمواطنين، عبر انتخابات نزيهة ليحكم الشعب نفسه بنفسه، فمع تطور الحياة البرلمانية يستطيع المواطن اختيار الحزب والنواب الذين يمثلونه، ويلبون احتياجاته.

من جهته، يعتبر الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أداء رئيس الوزراء رتيب، فخلفية الخصاونة تعود إلى كونه موظفاً تدرّج في العمل الدبلوماسي، لا السياسي، حتى وصل إلى رتبة سفير، ومن ثم أصبح وزيراً. والأصل أن ذلك يُبنى عليه في فهم الملفات الداخلية والخارجية، لكن ذلك لا يظهر على الأداء بالشكل المطلوب. ويضيف أن رئيس الوزراء لا يظهر في الأزمات، وهو أمر غير مفهوم، ففي الأزمات تتجسّد الخصائص القيادية، سواء بالأزمة الاقتصادية، وهي المعضلة الأهم على الساحة المحلية مع وصول مديونية الأردن إلى 47 مليار دولار، أو في الأزمات السياسية وآخرها العدوان على غزة. وعادة ما تتجلى كاريزما الشخصيات السياسية في الأزمات، لافتاً إلى أن الأداء العام ظلّ ضعيفاً ومماثلاً لأداء حكومات سبقته بالرحيل، مما يجعل السؤال الملحّ هل ستستقيل الحكومة قريباً؟


الأساس المعتمد بتشكيل الحكومات الأردنية هو البعد الشخصي

ويكشف شنيكات أن العاهل الأردني عبدالله الثاني، وخلال لقائه أعضاء من مجلس الأعيان في 23 مايو الحالي، تحدث عن إصلاح القوانين الناظمة للحياة السياسية، بسبب حاجة الأردن الماسة للإصلاح السياسي. ويعتبر أن الإصلاح السياسي هو المدخل للإصلاح الاقتصادي، الذي فشلت به الحكومات خلال السنوات السابقة، فعندما تكون هناك انتخابات حقيقية بالشكل المطلوب، ستأتي نخب قادرة على إدارة الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، غير النخب الحالية التي تعمل في القطاع البيروقراطي الحكومي. ويوضح أن هناك فقراً في برامج الحكومة وسياساتها على كل المستويات، سواء بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن هناك غياباً للفكر الإداري. ويعزو الأداء الضعيف للوزراء إلى عدم ممارستهم العمل السياسي المنظم، فهم لم يخرجوا من أحزاب تعلمهم العمل السياسي، لأن الأحزاب هي الدينامو الذي يحرك عربة العمل العام، ويصقل خبراتهم، ويساهم في تحسين الأداء.

ويقول شنيكات إن هؤلاء الوزراء ليسوا وزراء تكنوقراطيين، فعلى سبيل المثال وزير الإعلام مهندس وليس إعلامياً، ولو كانت الحكومة حكومة تكنوقراط ربما كان ليتسلّم وزارة الأشغال أو المياه، بحسب تخصصه المهني ولكن ليس الإعلام. ويضيف أن هناك تخبطاً في الأداء، لأن الوزراء ليس لديهم إلمام حقيقي بوزاراتهم والخلفيات السياسية والاقتصادية، وأغلبهم لا يظهر الحنكة اللازمة، لذلك تكثر الأخطاء ويظهر ضعف الأداء.

ووفق شنيكات فإن الأساس المعتمد بتشكيل الحكومات الأردنية هو البعد الشخصي، أي الصداقات والمعرفة، إضافة للجغرافيا (التوزيع حسب المحافظات والخلفيات العشائرية والمناطقية). وهذه المحددات لا تنتج حكومة بمستوى جيد من الكفاءة. ويقول: بالتقييم العام إن أداء الحكومة سيئ بحسب استطلاعات الرأي، والأفضل أن ترحل لأنها لم تنجز شيئاً يذكر. أما بالنسبة لتسيير الأعمال العامة فيستطيع الأمناء العامون للوزارات (وكلاء الوزارات) القيام بها، لكن قرار رحيل الحكومة في الأردن مرتبط بالعديد من التطورات المحلية وأحياناً الإقليمية، وهو قرار بيد الملك. يذكر أن الخصاونة الذي كلفه العاهل الأردني بتشكيل الحكومة في 7 أكتوبر الماضي، هو رئيس الوزراء الـ13 في عهد الملك عبدالله الثاني، منذ توليه سلطاته الدستورية في 7 فبراير/شباط 1999.

المساهمون