استمع إلى الملخص
- دعا النائب ينال فريحات لاتخاذ إجراءات حازمة مثل إلغاء اتفاقية وادي عربة وتوحيد الجبهة الداخلية، مشدداً على أهمية التنسيق العربي والإسلامي لدعم الأردن والمقاومة الفلسطينية.
- أكد الدكتور خالد شنيكات على ضرورة مقاومة الضغوط الأميركية ورفض تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، مشدداً على تجهيز الجبهة الداخلية والتنسيق الدولي لحماية مصالح الأردن.
أعادت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتوالية في الأيام الأخيرة بشأن نقل جزء من سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، التخوفات في الأردن من مخططات تهجير الفلسطينيين، وسط مطالب باتخاذ مواقف رسمية أكثر حزماً تجاه سياسة الإدارة الاميركية الجديدة، ومنها تمتين الصف الداخلي وتوجيه رسائل مباشرة إلى الإدارة الاميركية، خصوصاً أن تصريحات سابقة لمسؤولين أردنيين منهم وزير الخارجية الحالي أيمن الصفدي، ورئيس الوزراء السابق بشر الخصاونة، شددت على أن محاولات تهجير الفلسطينيين إلى الأردن تُعتبر بمثابة إعلان حرب.
وأرسل الأردن ردوداً غير مباشرة للإدارة الأميركية عبر تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي، الأحد الماضي، الذي قال إن تثبيت الفلسطينيين على أرضهم موقف أردني ثابت لم ولن يتغير، وإن حل القضية الفلسطينية هو في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين. فيما قال وزير الاتصال الحكومي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في تصريحات صحافية أمس الثلاثاء على هامش قيام الأردن بتسيير سرب من الطائرات المحملة بالمساعدات إلى غزة، إن الأمن الوطني الأردني يملي حتمية بقاء الفلسطينيين على أرضهم دون تهجيرهم، مضيفاً أن الموقف الأردني يرفض أي شكل من أشكال التهجير لأبناء الشعب الفلسطيني.
كما قال رئيس مجلس الأعيان الأردني، فيصل الفايز، إن الأردن لن يتخلى عن ثوابته الوطنية وسيتصدى لأي محاولات تهجير قسري للفلسطينيين تجاه الأردن. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن الفايز تحذيره أمس من مخاطر مخططات الاحتلال الإسرائيلي التوسعية والعدوانية، الرامية إلى تهجير الفلسطينيين قسراً وضم الضفة الغربية ومناطق غور الأردن، وانعكاس ذلك على الوضع الأمني والاجتماعي في الأردن. وقال إنه ليس قلقاً على مستقبل الأردن بسبب العلاقات القوية للملك عبد الله على المستوى الدولي وفي دوائر صنع القرار في أميركا، إضافة إلى العلاقات القوية التي تربط الأردن بمحيطه العربي.
ينال فريحات: على الجهات الأردنية المعنية تغليظ لغتها واجراءاتها، ومنها التلويح بإلغاء اتفاقية وادي عربة
خيارات مواجهة مخطط ترامب تهجير الغزيين
وحول ردود الفعل الأردنية والمطلوب لمواجهة مخطط ترامب تهجير الغزيين، قال النائب عن الحركة الإسلامية ينال فريحات، لـ"العربي الجديد"، إن ترامب يدير شؤون المنطقة بعقليته التجارية وكأنها صفقات بإمكانه أن يحلها باتصال هاتفي، مشيراً إلى أن الدعم الأميركي لدولة الاحتلال خطر كبير على الأردن، ومجرد التصريح أنه يمكن حل القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن فهذا يستوجب أن يتم تغيير الأدوات التقليدية بالتعاطي مع هذا الملف، مضيفاً: على الجهات المعنية تغليظ لغتها واجراءاتها بهذا الخصوص، ومنها التلويح بإلغاء اتفاقية وادي عربة (معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية)، خصوصاً في ظل عدم جدوى التطبيع مع الكيان المحتل.
ودعا فريحات إلى توحيد الجبهة الداخلية بإجراءات عملية تريح الشارع وترص صفوف الداخل الأردني، ودراسة الاستعدادات لمواجهة هذا القرار، خصوصاً أن الأردن الرسمي وصف سابقاً محاولات التهجير بأنها بمثابة إعلان حرب على الأردن. وأضاف: "علينا أن نستغني عن المساعدات الأميركية إلى الأبد، ودراسة استثمار الموارد الاقتصادية للأردن، وتأهيل الشباب من خلال إعادة خدمة العلم (التجنيد الاجباري) وضمهم للجيش الشعبي".
وأشار إلى أن "موقف السياسة الخارجية الأردنية جيد، ولكن نطمح إلى ما هو أكبر من خلال التنسيق لمساندة عربية وإسلامية للأردن، وعقد اجتماعات عاجلة للجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية، والأهم أيضاً اتخاذ موقف مساند للمقاومة في غزة والشعب الفلسطيني هناك، وعدم استمرار المقاطعة مع حركة حماس والتي لها دور كبير في تثبيت الفلسطينيين في غزة"، معتبراً أن مشهد عودة الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله يبيّن إصرارهم وتشبثهم بأرضهم. ولفت إلى أن الأردن لم يقصّر بتقديم المساعدات الإنسانية، لكن المطلوب موقف سياسي واتصالات مباشرة مع المقاومة.
من جهته، قال النائب السابق في البرلمان الأردني، نبيل غيشان، لـ"العربي الجديد"، إن رسالة الأردن واضحة تجاه مخطط ترامب لتهجير الغزيين وما أعلنه وزير الخارجية أيمن الصفدي واضح ومهم بقوله "إننا نرفض التهجير، ولا نقبله"، لافتاً إلى أن "التصدي هو المهم، وعلينا أن نكون أكثر فعالية، باستصدار قرار من مجلس الأمة بغرفتيه (النواب والأعيان) يرفض أي حلول على هذه الشاكلة والتأكيد أن أي حل يجب أن يرضي الشعب الفلسطيني بحصوله على حقوقه المشروعة التي ضمنها القانون الدولي، من خلال حل الدولتين".
نبيل غيشان: علينا الحصول على قرار يمنع استقبال اللاجئين، ويكون ملزماً للحكومة
ورأى غيشان أن تسريب ترامب لما يفكر به تجاه غزة من خلال مكالمته مع الملك عبدالله الثاني، جعل الرد أكثر سهولة منها لو جاءت في إطار خطة أميركية محددة تفرض بنوداً معينة على دول المنطقة، وهو تلقى رداً مباشراً من الجميع، وما عزز الرد الأردني والمصري الطوفان البشري بعودة الغزيين إلى أماكن سكنهم، من الجنوب إلى الشمال. وذكّر بالرفض التركي لاستخدام قاعدة انجرليك في التحالف ضد العراق بعد استصدار قرار من مجلس الشعب بذلك، مشيراً إلى أن "موقف الأردن حكومة وبرلمانا واضح، لكن علينا الحصول على قرار يمنع استقبال اللاجئين، ويكون ملزماً للحكومة ويمنع التراجع عنه". وأضاف أن "على الأردن ومصر عدم المجاملة، ونحن لا نجامل في أي موقف لا يتوافق من الاستراتيجية الأردنية التي تؤكد على حل الدولتين، ومنح الشعب الفلسطيني كافة حقوقه"، مشدداً على أهمية ألا يؤثر التهديد بقطع المساعدات على موقف الأردن.
وقال غيشان إن مخطط ترامب تهجير الغزيين خبيث ويتماهى مع مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولا يمكن القبول به لأنه يعد تحرشاً غير مبرر بمصر والأردن ويمكن أن يغيّر شكل الشرق الأوسط ويعبث بأمنه واستقراره، مضيفاً أن هذا الطرح فاشل ولا يمكن فرضه على أحد، لأن أهل غزة لن يتركوها وقد تعلموا الكثير من الدروس والعبر من الاحتلال، فكل مؤقت في عرف إسرائيل هو دائم. ورأى أن "ترامب وأوامره وتعليماته وأمنياته ليست قدراً مفروضاً على شعوبنا العربية، لكن التصدي لذلك ليس مطلوباً من دولة لوحدها، بل هذا عمل قومي وإسلامي من أجل المحافظة على مصالح العرب والمسلمين"، متمنياً تنسيقاً عاجلاً بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والسعودية والإمارات وقطر لإطلاق مشروع عربي للحل العقلاني والمقبول في المنطقة بما يجنّبها تكرار الحروب والدمار والدماء.
مسّ بالأمن الأردني
وفي السياق، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التهجير إلى الأردن يمس بشكل مباشر الأمن الوطني الأردني، مضيفاً أنه للحفاظ على أمن الأردن وحماية لمصالحه يجب ألا تكون تصفية القضية على حسابه، وبالتالي فإن الطريق الأقرب للأردن أن يقاوم الضغوط الأميركية. واعتبر أن من الممكن تقديم مقترحات بديلة، وعرض وجهة نظره الرافضة للتهجير بشكل مباشر وواضح للإدارة الأميركية، وما يترتب عن خطوة الإدارة الأميركية من مخاطر جمّة على الأمن الإقليمي والاستقرار، وأن حل القضية بهذه الطريقة هو وصفة انفجار في المستقبل القريب، وله آثار على استقرار المنطقة، على الرغم من أن كلفة مواجهة ذلك مرتفعة جداً. وتابع أن على الأردن أيضاً تجهيز جبهة الداخلية لذلك إذا أراد مواجهة خطط الإدارة الأميركية على مستوى مراجعة السياسات الاقتصادية والداخلية ككل وترتيب أولوياته، بالإضافة إلى قيامه بحملة دبلوماسية كبيرة تبدأ بالتنسيق مع مصر والدول المعنية وكذلك الدول الغربية التي تشاركه وجهة نظره، بالإضافة للمنظمات الدولية.
خالد شنيكات: الإدارة الأميركية قد تمارس كافة الضغوط على الأردن وقد تكون متدرجة ومتسارعة
وأشار شنيكات إلى أن رفض تهجير الفلسطينيين هو موقف مبدئي خلال العقود الماضية وهو موقف ممتد للدولة الأردنية، فالأردن يرفض أي محاولات تهجير لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه، موضحاً أن الملك عبدالله الثاني صرح علانية وبوضوح وبشكل مستمر برفضه لأي عمليات تهجير، وأن القضية الفلسطينية تحل في فلسطين وليس على حساب الأردن. ورأى أن إدارة ترامب عازمة على تنفيذ هذا الموضوع، وتضغط بقوة بهذا الاتجاه، ولن يوقف ذلك سوى ثبات الفلسطينيين في أرضهم، مبيناً أن التصريحات التي تدعو لتهجير الغزيين ليست من قبل ترامب فقط، بل كل أركان إدارته، وأبرزها تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، الذي تحدث عن إلغاء مصطلح الضفة الغربية واستبداله بـ"يهودا والسامرة"، والذي يعني أن هذه الأراضي يهودية والمستوطنات هي مدن وتجمعات ويجب أن تبقى كذلك.
وبحسب شنيكات، فإن ترامب لا يأبه بردود فعل الآخرين أو بأخذ أي اعتبارات جانبية بالحسبان، مذكّراً بقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فهو لا يقيم أي وزن لأي ردة فعل ويعتقد أن العرب لن يستطيعوا رفض قراراته. وأشار إلى أن أغلبية قيادات الحزب الجمهوري ترى أن حل القضية الفلسطينية سيكون على حساب الأردن وبدرجة أقل مصر وبعض الدول العربية. وتابع: في حال رفض الأردن، فستمارس الإدارة الأميركية كافة الضغوط وقد تكون متدرجة ومتسارعة، وقد تبدأ بمراجعة المساعدات، والتضييق بالنسبة لوصول الأردنيين إلى الولايات المتحدة، خصوصاً على المستوى الرسمي، وربما قطع العلاقات، ليس فقط مع الأردن بل مصر أيضاً. وبيّن أن جميع الخيارات صعبة، ففي حال قَبِل الأردن بنقل الغزيين فإن السيناريو نفسه سيتكرر في الضفة الغربية، ونقل سكانها إلى الأردن وهنا ربما تصفية القضية الفلسطينية، وحتى القيام بذلك سيتضمن مخاطر حقيقية على الأمن الداخلي وحتى المنطقة.