خلة الفرن.. أرض فلسطينية مهددة بعد استيلاء الاحتلال على 800 دونم فيها
استمع إلى الملخص
- استولى المستوطنون على 800 دونم من الأراضي الفلسطينية، مدعين أنها "أملاك دولة إسرائيلية" وفق اتفاقية أوسلو، رغم امتلاك الفلسطينيين أوراق ملكية تعود للعهد العثماني، مما يبرز التحديات القانونية.
- يعيش أصحاب الأراضي في ظروف صعبة ويواجهون تهديدات مستمرة، ويسعون لمتابعة القضية قانونيًا لحماية أراضيهم، بينما تعمل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان على جمع الوثائق اللازمة لمواجهة الاستيلاء قانونيًا.
فوجئ أصحاب الأراضي الفلسطينية في منطقة خلة الفرن، جنوب شرقي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، قبل نحو شهر، باقتحام مئات المستوطنين أراضيهم، يرافقهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير. ومنذ ذلك الوقت أصبح اقتحام المنطقة أمرًا متكررًا بشكل يومي، إلى أن نصب المستوطنون في الثاني عشر من الشهر الجاري دعائم بؤرة استيطانية في المكان، وسط غياب التغطية الإعلامية والرسمية للحدث.
وتعتبر خلّة الفرن المعروفة بـ"خلة منير" من المناطق التي يسعى الاحتلال للسيطرة والاستيلاء على مساحة أراضيها الواسعة لصالح التوسع الاستعماري وبناء بؤرة استعمارية وإنشاء شبكة من الطرق لربط مستوطنات "سوسيا، وبني حيفر، وكريات أربع" بعضها ببعض، وفق ما أعلنت سابقًا هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واستولى المستوطنون على مساحة تقدّر بـ800 دونم تعود لأصحابها من العائلات الفلسطينية في الخليل "برقان، أبو سنينة، والرجبي، وناصر الدين"، بحسب حسن أبو سنينة، وهو أحد أصحاب الأرض، مشيراً إلى أن المستوطنين بعد اقتحامهم رفقة بن غفير للمنطقة باتوا يترددون يوميًا للأراضي ويزرعونها، ويطلقون النار باتجاه السكّان، ويؤدون في المكّان صلوات وطقوسًا تلمودية.
ويقول أبو سنينة، في حديث مع "العربي الجديد": "اعتقدنا في البداية أنه اقتحام عابر، لكن بن غفير بدأ يلقي خطابًا أمام قرابة 700 مستوطن، ومنذ تلك اللحظة بدأ العمل على منع أصحاب الأراضي من الوصول إليها، وخاصة أنهم أقاموا بؤرة على الطريق الوحيد الواصل للشارع الالتفافي".
وبعد اقتحام بن غفير للمنطقة بعدّة أيام، أقام مستوطنان اثنان كرفانًا وخيمة وغرفة عسكرية للجيش الإسرائيلي تضمّ جنديين اثنين لحماية المستوطنين، وبحسب أبو سنينة، فإن سبع مركبات للمستوطنين تتردد يوميًا للموقع، يغلقون من خلالها الطريق ويرشقون المارة بالحجارة ويحملون السلاح، ويستوطنون على مساحة تقدّر بخمسة دونمات، لكنهم يمنعون الناس من الوصول إلى أراضيهم التي تبلغ مساحتها 800 دونم.
ويشير أبو سنينة إلى أن منطقة "خلة الفرن" تقع بين بلدة يطا وقرية بيرين ووادي السمن في الخليل، وتبعد مسافة ليست قصيرة عن مستوطنة "بني حيفر" المقامة على أراضي الخليل، أي أنها بعيدة عن التوسع الاستيطاني، ومع ذلك، فإن المستوطنين يتذرّعون بأن الأراضي التي يستولون عليها في الخلّة تعتبر "أملاك دولة إسرائيلية" وذلك لأنها مصنّفة "ج" وفق اتفاقية أوسلو، أي خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
غير أن أبو سنينة يوضّح ملكيّة أصحاب الأراضي لها وفق أوراق رسمية فلسطينية صادرة عن هيئة تسوية الأراضي، إلا أن هذه الأوراق لا تعترف بها سلطات الاحتلال، ويشير إلى أن عائلته تمتلك أوراقًا تعود للعهد العثماني في فلسطين، وخاصّة أن ملكيتهم للأراضي في المنطقة تعود لنحو 80 عامًا، أي قبل قيام دولة الاحتلال، وفق تعبيره.
ويرى أبو سنينة أن الهدف الحقيقي للمستوطنين هو فرض السيطرة على المنطقة، ومنع السكان من المرور إلى أراضيهم وطرقهم، وبثّ الخوف والرعب بينهم تمهيدًا للاستيلاء على الأرض. وما بدأ قبل أسبوعين بؤرةً استيطانية صغيرة قد يتحول غدًا إلى مستوطنة كبيرة.
ويلفت إلى أن أصحاب الأراضي المستولى عليها وسكّانها وعددهم نحو 100 فلسطيني، سيتابعون القضية قانونيًا، لأن هذه الاعتداءات تؤدي إلى خسائر فادحة لمصادر رزقهم وممتلكاتهم.
ويقول أبو سنينة: "لم تحظَ القضية باهتمام وسائل الإعلام، كما لم تتدخل الجهات الرسمية لدعمنا. نحن أناس مهمشون، ونعيش في منطقة نائية مهددة بالاستيلاء، واضطررت لترك عملي من أجل البقاء في أرضي التي أفقد روحي ولا أتنازل عنها".
ويعيش أصحاب الأراضي في الخلّة داخل الخيام أو الكهوف، كما حال أبو سنينة، أو في غرف من الطوب، ويمنع الاحتلال البناء فيها بحجّة أنها "أملاك دولة". ويوضح مسؤول التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالخليل زيد حميدات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القانون الإسرائيلي يتعامل على أساس أن ما يبطل هذا الادعاء هو ملكية أصحاب الأراضي ورقة "طابو" تركية تعود للعهد العثماني، وهذا ما تعمل عليه الهيئة عبر طاقم محاميها من خلال جمع الأوراق اللازمة ومواجهة خطوات الاستيلاء قانونيًا.
ويلفت حميدات إلى أن ما يُعرف بالإدارة المدنية الإسرائيلية لم تنشر أيّ مخططات استيطانية حول هذه المنطقة رغم خطوة الاستيلاء، لأن الهدف المرحلي يكون إما بناء بؤرة استيطانية سكنية مؤقتًا تمهيدًا لتوسيعها، أو جعلها منطقة استيطانية رعوية، أو الاستيلاء عليها مرحليًا قبل بدء أعمال تجريف وحفريات لتوسيع طرق أو ربط مستوطنات بعضها ببعض.