خلاف إسرائيلي قد يُفضي إلى دفن فلسطينيين وإسرائيليين في قبر جماعي

26 ابريل 2025
موظفو الإسعاف الإسرائيلي ينقلون جثة، 8 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مركز "تسيفي" في معسكر "شورا" يختص بتشخيص هويات قتلى معارك إسرائيل باستخدام تقنيات متقدمة مثل اختبارات "دي أن إيه"، ويستجيب لحالات الطوارئ كالحروب.
- بعد مرور سنة ونصف، لا تزال هناك حاويات تحتوي على أعضاء بشرية لم تُشخص بعد، مع خلافات بين الحاخامية الرئيسية ووزارة الشؤون الدينية حول إعادة الفحوصات أو دفن الأشلاء في قبر جماعي.
- القلق يزداد من احتمال اختلاط أشلاء جثث إسرائيليين وفلسطينيين، مع توسيع الفحوصات لتشمل أكياس الجثث في "معسكر شورا".

في قلب معسكر "شورا"، وهو القاعدة الأساسية للحاخامية العسكرية الواقعة قرب الرملة، يقع "مركز تسيفي" المعرّف باعتباره "المركز الوطني للاهتمام بقتلى معارك إسرائيل"، الذي أُقيمت بداخله منشأة تضم حاويات تبريد لحفظ الجثث، فضلاً عن مختبرات لتشخيص وتوثيق هوياتها باستخدام أدوات تكنولوجية مختلفة، بينها اختبارات "دي أن إيه"، والتصوير المقطعي المحوسب، وغيرها، وإلى هذا المركز، تصل جثث الجنود الذين قتلوا خلال خدمتهم العسكرية لتشخيصها والتعرّف عليها. 
"شورا" عملياً، هو معسكر جديد أقيم قبل نحو أربع سنوات، وكان الهدف من "مركز تسيفي" المقام داخله أن يلبي الاستجابة لحدث طارئ، إذ تُوثَّق وتشخَّص فيه هويات القتلى في السيناريوهات المتطرفة كحرب أو حدث عسكري متعدّد القتلى والمصابين. وبحسب ما كشفه موقع "واينت"، في تحقيق استقصائي مطوّل، أمس الجمعة، فإنه "لم يتخيّل أحد من الذين أنشأوا المركز أنه في أحد الأيام، سيصبح مركز تسيفي أضيق من أن يتّسع لهذه الكمية الكبيرة من الجثث".
ولكنّ ما سبق هو ما حدث بالضبط في صبيحة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وفي الأيام والأسابيع الذي تلته. فإلى جانب الجنود، وعناصر الشرطة وقوات الأمن وعناصر الإنقاذ والدفاع المدني، وصلت إلى القاعدة في ذلك اليوم مئات من جثث الإسرائيليين، إذ امتلات الرفوف في حاويات التبريد بسرعة قياسية بأكياس الجثث. وعلى إثر ذلك، تقرَّر جلب المزيد من حاويات التبريد التي وضعت على مقربة من مدخل المعسكر.
معظم الجثث، وفقاً للتحقيق كانت بحالة سيئة جداً، وكان على الحاخامية العسكرية أن تميّز أيها جثة جندي أو مواطن، وأيها ليست كذلك، أي جثامين لمقاتلين أو مدنيين فلسطينيين استشهدوا في ذلك اليوم. وكان واضحاً، بحسب الموقع، أن الحاخامية العسكرية لن تتمكن من التعامل مع الكمية الهائلة من الجثث، وقد نقلت بعد ذلك الجثث التي شُخِّصت على أنها لفلسطنيين إلى حاويات تبريد في معتقل "سديه تيمان" سيّئ الصيت. 

غالبية جثث القتلى الإسرائيليين جرى التعرّف عليها ودفنها لاحقاً؛ وللوهلة الأولى بدا أن عملية التعرف على الجثث قد انتهت، غير أن تحقيق الموقع، اكتشف أنه بعد سنة ونصف السنة، في معسكر "شورا"، لا تزال هناك حاوية تبريد وبداخلها مئات الأكياس التي تحتوي على أعضاء بشرية وأشلاء لم تُشخص على نحوٍ مؤكّد حتى الآن. 
وفيما تطالب الحاخامية الرئيسية الإسرائيلية والحاخام الرئيسي للجيش بإعادة إجراء فحوصات "دي أن إيه" مجدداً من أجل تشخيص الجثث، حتّى إنّ الجيش خصّص ميزانية لإجراء هذه الفحوص، تبين أنّ هذا المسار قد توقف حالياً. أمّا السبب، فهو لأن وزارة الشؤون الدينية، وهي الجهة المخوّلة بالإيعاز بإجراء هذه الفحوصات، تعارض إعادة إجراء الفحوصات؛ إذ تطالب الوزارة بدفن الأشلاء المتبقية في قبر جماعي. 
وعقب السابع من أكتوبر، وضعت كل جثة جرى التعرّف عليها في كيس، ليتبين أنه في حالات معيّنة وضعت أعضاء لأكثر من جثة واحدة في الكيس نفسه، فكثير من الجثث وصلت إلى معسكر "شورا" وكان من الصعب، بسبب حالتها، استخراج ملامح "دي أن إيه" الخاصة بيها كاملة.
وفي الأثناء، تُجرى مقارنة بمعطيات "دي أن إيه" استخرجت، وأخرى محفوظة بخزّان معلومات الجيش الإسرائيلي الذي يضم معلومات كل الجنود الذين خدموا في الـ20 سنة الأخيرة، غير أنه ثمة حالات معيّنة استخرج "دي أن إيه" لم يتطابق مع المعلومات المحفوظة في مخزون الجيش. 
وقبل ستة أشهر تقريباً تعالى القلق في جهاز الأمن الإسرائيلي من أن أشلاء جثث إسرائيليين وصلت عن طريق الخطأ إلى حاويات التبريد في "سديه تيمان"، حيث تُحتجز جثامين شهداء فلسطينيين منذ "طوفان الأقصى". وإثر ذلك، نفذت الحاخامية العسكرية فحوصات على عيّنات الأعضاء البشرية في 1660 كيساً في "سيديه تيمان"، وعُثر على جثث إسرائيليين في هذه الفحوصات، وتقرر توسيع هذه الأخيرة، وإضافتها إلى أكياس الجثث في "معسكر شورا"، ليصل عددها إلى 350 كيساً بينها مئتي كيس على الأقل يشتبه أنه توجد فيها أعضاء بالإمكان تشخيصها، وأخرى قد تحتوي على أشلاء فلسطينيين.
وعملياً فإن العديد من الفلسطينيين، بينهم مقاتلين ومدنيين، الذين استشهدوا أو فُقد أثرهم في ذلك اليوم، بينهم حتّى صحافيون يُعتقد أنّ مصيرهم مجهولٌ، قد يكونون أشلاء في هذه الأكياس، وربما قد اختلطت أشلاؤهم بأشلاء إسرائيليين، ليكون مصيرهم في النهاية أن يُدفنوا في قبر جماعيّ، نتيجة وجود خلافات بين الحاخامية العسكرية، والحاخامية الرئيسية، حول هوية الجهة المخوّلة بإجراء الفحوصات.

 

المساهمون