استمع إلى الملخص
- الموقف الأمريكي والدولي: تتابع الولايات المتحدة بقلق النشاط الصيني قرب تايوان، مؤكدة دعمها لتايوان في الدفاع عن نفسها، وزيارة رئيس تايوان لأمريكا زادت التوترات.
- السياسة الصينية تجاه تايوان: تؤكد الصين سيادتها على تايوان وتعتبر أي دعم خارجي للانفصاليين تجاوزًا للخطوط الحمراء، مكثفة ضغوطها العسكرية منذ انتخاب لاي تشينغ تي.
تترقب تايوان أن يجري الجيش الصيني تدريبات عسكرية مكثفة في محيط الجزيرة في وقت لاحق من الأسبوع الحالي، في خطوة يُنظر إليها بأنها تأكيد من جانب الصين لخطوطها الحمراء بشأن الجزيرة التي تعدها جزءاً من أراضيها، لا سيما قبيل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، يوم 20 يناير/ كانون الثاني المقبل. وقالت وزارة الدفاع الوطني في تايوان، الأربعاء الماضي، إنها رصدت 53 طائرة عسكرية تعمل في أنحاء البلاد خلال الـ24 ساعة الماضية، بالإضافة إلى 11 سفينة تابعة للبحرية الصينية وثماني سفن تابعة لخفر السواحل الصيني، قبل أن يؤكد نائب المدير العام لخفر السواحل في تايوان، هسييه تشينغ-تشين لوكالة فرانس برس، أمس الجمعة، أن "خفر السواحل الصيني كله عاد إلى الصين أمس (الخميس)، رغم أنه لم يصدر إعلانا رسمياً".
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الصينية، أمس، أن أي تدريبات قد تجريها حول تايوان "نقررها نحن وحدنا"، إذ رداً على سؤال بشأن المناورات، لم يؤكد المتحدث باسم وزارة الدفاع وو تشيان ما إذا كانت قد أُجريت أم لا، لكنه قال إن "إجراء المناورات أم لا ومتى نجريها، أمر نقرّره نحن وحدنا، بناء على احتياجاتنا وظروف نزاعنا". وجاء على حساب رسمي للقوات المسلحة الصينية على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، أن "حماية السيادة الوطنية وسلامة الأراضي والمصالح الأساسية للأمة الصينية والمصالح المشتركة للمواطنين عبر مضيق تايوان هي واجبات مقدسة (للجيش)".
وكانت الصين قد فرضت قيوداً على المجال الجوي قبالة ساحلها الجنوبي الشرقي من يوم الاثنين حتى الأربعاء، في إشارة إلى أنها تخطط لإجراء تدريبات، لكن الجيش الصيني لم يؤكد ما إذا كان سيفعل ذلك قريباً. وأعلنت وزارة الدفاع الصينية، الاثنين الماضي، أن الهدف من المناورات التي أطلق عليها اسم "السيف المشترك 2024 ب" هو "اختبار القدرات العملياتية المشتركة" للقوات، مضيفة أننها ستجري "في مناطق بشمال جزيرة تايوان وبجنوبها وشرقها". إلا أن المعهد الأميركي في تايوان، والذي يعد بمثابة سفارة أميركية في الجزيرة، قال في بيان الخميس الماضي، إن واشنطن تتابع بقلق النشاط العسكري الصيني قرب تايوان وفي المنطقة، مضيفاً أنه على الرغم من أن الصين "أعلنت عن التدريبات العسكرية السيف المشترك رداً على زيارة الرئيس لاي (تشينغ تي الرئيس التايواني للولايات المتحدة ضمن جولة خارجية)، فإن النشاط العسكري الصيني في المنطقة متصاعد ويتفق مع مستويات شهدناها خلال تدريبات كبيرة أخرى".
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قال إن واشنطن تراقب أحدث أنشطة الصين وستضمن ألا يفعل أحد أي شيء لتغيير الوضع الراهن في المضيق (مضيق تايوان). وأضاف في تصريحات صحافية أثناء وجوده في قاعدة أميركية في اليابان، الأربعاء، أنه "مرة أخرى، سياستنا لم تتغير، سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها".
من المتوقع إجراء تدريبات عسكرية صينية في أعقاب توقف رئيس تايوان وليام لاي تشينغ، في هاواي وجزيرة غوام الأميركيتين
ومن المتوقع إجراء تدريبات عسكرية صينية في أعقاب توقف رئيس تايوان وليام لاي تشينغ، في هاواي وجزيرة غوام الأميركيتين خلال رحلة خارجية إلى حلفاء دبلوماسيين في المحيط الهادئ، الأسبوع الماضي. وقالت وسائل إعلام في الجزيرة، أخيراً، إن الصين تستخدم زيارة لاي الخارجية ذريعة، في حين يبدو أن الهدف الحقيقي هو تأكيد السيطرة داخل سلسلة الجزر الأولى (قبالة الجزيرة)، وإنشاء قوة ردع استراتيجية قبل انتقال السلطة الرئاسية في الولايات المتحدة إلى ترامب، لافتة إلى أن تصرفات بكين تهدف إلى "رسم خط أحمر" قبيل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب. وفي السياق نقلت "رويترز"، الخميس الماضي، عن خمسة مصادر فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن لين فاي فان وهسو سو شين، نائبا الأمين العام لمجلس الأمن القومي التايواني والعديد من موظفيهما، موجودون في الولايات المتحدة للقاء أشخاص على صلة بالفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب، في مسعى من جانب تايوان لإقامة علاقات مع الإدارة المقبلة.
في المقابل، أكدت الصين أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن سيادة البلاد ولن تتسامح مع الأنشطة الانفصالية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، إن قضية تايوان هي الخط الأحمر الأول في العلاقات الصينية الأميركية، وأضافت في إفادة صحافية الأربعاء، أن أنشطة الانفصاليين "استقلال تايوان" والدعم والتشجيع من القوى الخارجية تقوض السلام والاستقرار في مضيق تايوان، لافتاً إلى أن التمسك بمبدأ "صين واحدة" هو مفتاح الحفاظ على السلام والاستقرار. وتصاعدت التوترات بين بكين وتايبيه منذ انتخاب لاي، من الحزب الديمقراطي التقدمي المؤيد للاستقلال، زعيماً للجزيرة. وبعد مرور ستة أشهر الآن على تولي لاي منصبه، كشفت إحصائية أميركية، استناداً إلى الأرقام شبه اليومية التي تصدرها وزارة الدفاع في الجزيرة، كيف كثف الجيش الصيني ضغوطه على الجزيرة منذ أداء لاي اليمين الدستورية في مايو/أيار الماضي. وأظهر أن الجيش الصيني نشر المزيد من الطائرات على نحو متزايد أقرب إلى الجزيرة، مع عدد أكبر من الطلعات الجوية، ونسبة أعلى من تلك الطلعات الجوية عبر الخط الأوسط الذي يقسم مضيق تايوان.
تأكيد السيادة على تايوان
في رده على سؤال لـ "العربي الجديد"، بشأن خطوط بكين الحمراء المتصلة بمسألة تايوان، قال الباحث الصيني في العلاقات الدولية وانغ تشي بينغ، إن موقف الصين وتأكيدها الدائم على سيادتها الوطنية مبنيان على اتفاقات مشتركة مع الولايات المتحدة، تم بموجبها اعتراف واشنطن بمبدأ "صين واحدة"، أي أنه "لا توجد سوى دولة واحدة ذات سيادة تحمل اسم الصين وتمثّلها في المحافل الدولية". ولفت إلى أن هذا المبدأ "هو الأساس الذي قامت عليه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1979". وأضاف أن هذه التفاهمات "مدرجة ضمن ما يعرف بالبيانات المشتركة الثلاث، والتي صدر أولها في عام 1972 حين أكد الجانب الأميركي التزامه باحترام السيادة الوطنية للصين، بينما تعهدت الولايات المتحدة في البيان الثاني الصادر مطلع عام 1979 بأن جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصيني في المحافل الدولية".
أما البيان الثالث والأخير فصدر في شهر أغسطس/ آب من نفس العام "إذ جددت فيه واشنطن التزامها بما جاء في البيانين السابقين، لكن بدون التوصل آنذاك إلى التزام مدوّن بشأن تقليص مبيعات الأسلحة الأميركية للجزيرة". وأوضح وانغ أن "أي خرق لهذه الالتزامات تعتبره بكين تجاوزاً للخطوط الحمراء، وفي سبيل ذلك تتخذ إجراءات رادعة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً مع وصول لاي تشينغ للسلطة الذي تبنى خطاباً معادياً". ولفت إلى أنه منذ ذلك الحين "يضغط الجيش الصيني بمزيد من الطائرات، ومزيد من السفن، وبمعدلات أكثر تواتراً على دفاعات تايوان". وقال إن "مناورات الحصار ودوريات تطويق الجزيرة أصبحت روتينية، وتغطي المزيد من المناطق المحيطة، بما في ذلك الجزء الاستراتيجي الشرقي من الجزيرة، حيث يعتزم الجيش التايواني نشر أصول رئيسية مثل الغواصات، حسب تقارير أميركية".
خون وانغ: حالة من عدم اليقين في تايوان بشأن النهج الذي سيتبعه ترامب
خنق تايوان
من جهته، أشار الأستاذ في معهد الدراسات الاستراتيجية في تايبيه، خون وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "خطط الصين للمناورات البحرية الضخمة المحتملة، بدأت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتهدف إلى إظهار قدرة بكين على خنق تايوان، في رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية الجديدة". وعن خيارات تايبيه، قال خون إنه "مع وصول ترامب إلى السلطة هناك حالة من عدم اليقين في الجزيرة بشأن النهج الذي سوف يتبعه بشأن تايوان، خصوصاً أنه لمح في وقت سابق وفي أكثر من مناسبة إلى ضرورة أن تقوم سلطات الجزيرة بالدفع مقابل الحماية الأميركية". وهذا يفسر، حسب رأيه، تعزيز إدارة جو بايدن الحالية لمبيعات الأسلحة وتجهيز تايوان دفاعياً لأي خطوة عسكرية تقدم عليها بكين بهدف إعادة التوحيد بالقوة. وأضاف أن تايبيه "حصلت على أسلحة نوعية خلال الأشهر الأخيرة، من بينها أنظمة دفاع صاروخية متقدمة". لكنه شدد في الوقت نفسه، على أن ذلك "لا يعتبر كافياً لإحداث تغيير في معادلة الردع، خصوصاً في ظل حالة الضبابية التي تحيط بالنهج الذي سيتبعه ترامب تجاه الجزيرة خلال ولايته الثانية".