خطط مصرية للتعامل مع الأزمة الليبية بعد لقاء باتيلي-الدبيبة

خطط مصرية للتعامل مع الأزمة الليبية بعد لقاء باتيلي-الدبيبة

19 أكتوبر 2022
الدبيبة ومدبولي في طرابلس، إبريل الماضي (حازم تركية/فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية، وأخرى غربية في القاهرة، إن "التطورات الأخيرة على صعيد الملف الليبي، جاءت بمثابة ضربة قوية للتحرك المصري الأخير، الذي دعا المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بدعوى انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي، الذي تشكلت بموجبه، في يونيو/حزيران الماضي".

وقال دبلوماسي غربي بالقاهرة، انخرطت بلاده في لقاءات دورية بشأن الوضع في ليبيا، إن "هناك حالة من الصدمة تسيطر على الدوائر الرسمية المصرية، في أعقاب استهلال المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي عمله بلقاء الدبيبة في طرابلس، بعد أيام من الدعوة المصرية للأمم المتحدة بإعلان موقفها تجاه شرعية حكومة الوحدة الوطنية من عدمها".

دبلوماسي غربي: لقاء باتيلي والدبيبة بمثابة رد واضح على الدعوة المصرية

يشار إلى أن القاهرة تصف حكومة الدبيبة بـ"منتهية الصلاحية"، وتعلن بوضوح الاعتراف بالحكومة المكلفة من مجلس النواب في فبراير/شباط الماضي، ويرأسها فتحي باشاغا.

وناقش الدبيبة مع المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، الأحد الماضي، بحسب بيان رسمي، خريطة الطريق التي توصلت لها لجنة عودة الأمانة للشعب، التي بدأت عملها نهاية مارس/آذار الماضي.

وذكر البيان أن الدبيبة "أكد دعم حكومته للمهام المنوط بها باتيلي، من أجل تحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات. وقدم الدبيبة خلال اللقاء عدداً من العروض التوضيحية بشأن مؤشرات الإنفاق الحكومي وعدالة التوزيع، وملامح خريطة الطريق التي توصلت لها لجنة عودة الأمانة للشعب".

وفي التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأمم المتحدة لتحديد موقفها من حكومة الدبيبة. وطالب شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس في القاهرة، الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح إزاء "شرعية أو عدم شرعية" الحكومة المنتهية ولايتها في ليبيا.

لقاء باتيلي والدبيبة رد على مصر

وقال الدبلوماسي الغربي، لـ"العربي الجديد"، إن "استهلال المبعوث الأممي زيارته لليبيا الجمعة الماضية وبدء مهام عمله بلقاء الدبيبة، بمثابة رد واضح على الدعوة المصرية. حيث تضمنت الخطوة إشارة واضحة للموقف الأممي الذي يعترف بشرعية حكومة الوحدة، ما يعني مواصلة دعم خطواتها لحين إجراء الاستحقاقات الانتخابية وتسليم السلطة لحكومة منتخبة، كما روج الدبيبة مع تصاعد الأزمة بينه وبين الحكومة المكلفة من مجلس النواب".

في مقابل ذلك، قال دبلوماسي مصري سابق إن "الأزمة بين الدبيبة والقاهرة ليست جوهرية، خصوصاً أن مصر تعاملت معه بترحاب عند توليه رئاسة حكومة الوحدة، على عكس سابقه فائز السراج، حيث زار الدبيبة مصر وسط استقبال رسمي حافل، كما زار رئيس الوزراء المصري (مصطفى مدبولي) طرابلس، وكذلك رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل نهاية العام الماضي".

وأضاف أن "الأزمة تكمن في تهرب الدبيبة من تنفيذ التزامات، بموجب الاتفاقيات الموقعة بين حكومته والحكومة المصرية، متعلقة بالتوسع في استقدام العمالة المصرية لتصل إلى نحو مليوني عامل خلال السنوات الثلاث التي تتبع توقيع الاتفاقيات، وهو ما لم يحدث، حيث لم يتجاوز حجم العمالة المصرية التي استقدمتها حكومة الوفاق مئات الأشخاص فقط منذ توقيع الاتفاق" في إبريل/نيسان 2021.

وأشار الدبلوماسي السابق إلى أنه "من بين الأمور الأخرى التي عكرت صفو العلاقات بين حكومة الدبيبة ومصر، تنصل رئيس الحكومة من مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية، والتي كان على رأسها تنفيذ عدد من الشركات المصرية لمشروع الطريق الدائري حول طرابلس، ومشروعات أخرى كانت مصر تعول كثيراً عليها لإنعاش خزينة الدولة".

موقف مصري حذر

ورغم الموقف المصري المعلن من حكومة الدبيبة، إلا أن الدبلوماسي السابق يرى أن "صانع القرار المصري لا يزال حذراً في موقفه تجاه حكومة الدبيبة، ربما لاعتبارات متعلقة بالعمالة المتواجدة بالفعل في ليبيا في الوقت الراهن، في مرحلة لا تتحمل أي موقف ضد تلك العمالة".

دبلوماسي مصري: الأزمة تكمن في تهرب الدبيبة من تنفيذ التزامات مع مصر

وكانت القاهرة استقبلت جلسة مشاورات مهمة الجمعة الماضي، بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والمبعوث الأميركي لليبيا ريتشارد نورلاند، بحضور مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل.

وجاء اللقاء بعد يوم من زيارة غير معلنة قام بها رئيس المخابرات العامة المصري إلى مدينة بنغازي، حيث التقى هناك بقائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا.

سيناريوهات مصرية للتعامل مع الأزمة الليبية

وتبحث مصر في الوقت الراهن مجموعة من السيناريوهات بشأن التعامل مع الأزمة الليبية في ظل التطورات الجديدة، والتي تضمنت استمرار فاعلية الاعتراف الأممي بحكومة الوحدة الوطنية. وتتضمن تلك السيناريوهات مقترحات من بينها ما يتعلق بتصحيح مسار العلاقة مع حكومة الوحدة، حال استمر التعاطي الدولي معها إلى فترة مؤقتة جديدة.

كما تسعى الحكومة المصرية في الفترة الراهنة، لمحاصرة التحرك التركي الأخير في ليبيا، بعد توقيع أنقرة مذكرة تفاهم مع حكومة الدبيبة، تقضي بالسماح للشركات التركية بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.

وأعلنت كل من مصر واليونان اعتراضهما رسمياً على تلك الاتفاقية. واعتبرتا، أخيراً، أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية "منتهية الصلاحية، ولا يحق لها التوقيع على اتفاقيات دولية". وطالبتا الأمم المتحدة بإعلان موقف واضح بشأن شرعية الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها من عدمه.

تحرك مصري على صعيد منتدى الغاز

في مقابل ذلك، كشف دبلوماسي غربي، تحدث لـ"العربي الجديد"، عن تحرك جديد من جانب القاهرة وأثينا، على صعيد منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يتخذ من العاصمة المصرية مقراً له، ويضم في عضويته إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية وقبرص إلى جانب مصر واليونان وأميركا بصفة مراقب.

وقال الدبلوماسي إن القاهرة "بدأت بالفعل في مخاطبة أعضاء المنتدى لاجتماع طارئ في العاصمة المصرية لبحث الوضع الراهن على ضوء الاتفاقية الجديدة بين أنقرة وطرابلس".

خبير مصري: حتى الآن تركيا حريصة على عدم الدخول في صدام لفظي مع مصر
 

في المقابل، صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حدة حديثه تجاه الأزمة، قائلاً إن بلاده "ستبدأ عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، وفق مذكرة التفاهم المبرمة مع حكومة الوحدة بطرابلس" في 3 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. 

وأضاف، في تصريح لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أن أنقرة "أنشأت منطقة للتعاون والاستثمار النفطي في منطقة الجرف القاري لليبيا". وأبدى الرئيس التركي رفضه لانتقادات الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق الأخير مع حكومة طرابلس، المرتكز على اتفاقية ترسيم الحدود المبرمة بينهما في العام 2019.

وعلى نفس المنوال سار وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الذي قال، في تصريحات صحافية أخيراً، إن موقف اليونان حيال مذكرة التفاهم الليبية التركية "مثير للشفقة". واعتبر أن اليونان "تعيش حالة من التوسل والاستجداء من أجل إبطال مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا".

الدبيبة من جانبه أكد أنه "لا يهتم للدول التي عارضت مذكرة التفاهم التي وقعها مع الحكومة التركية للتنقيب عن الطاقة"، وأن ما يهمه "هو مصلحة البلاد والمواطن الليبي".

ويقيم خبير سياسي مصري مختص بالشؤون الشرق أوسطية، الموقف التركي الأخير بقوله: "حتى الآن تركيا حريصة على عدم الدخول في صدام لفظي مع مصر، للحفاظ على التقدم الذي تم إنجازه خلال الفترة الماضية في مستوى العلاقات بين البلدين، والذي تأمل أن يصل إلى مرحلة التطبيع الكامل".

وأضاف "لذلك ينصب الهجوم في تصريحات المسؤولين الأتراك على اليونان فقط دون الحديث عن الموقف المصري الرافض للاتفاقية".

وأضاف الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن "الأمر في الوقت الحالي ربما يكون معركة سياسية من نوع خاص، تسعى خلالها أنقرة لاستمالة القاهرة، ضمن محاولات إخلاء الساحة حول أثينا، حتى تنفرد بها".

يذكر أنه في أكتوبر 2020، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن الأمم المتحدة قامت بتسجيل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني الليبية التي كان يرأسها وقتها فائز السراج. وكان الجانبان وقعا في أكتوبر 2019 الاتفاقية البحرية، بالإضافة إلى اتفاق للتعاون العسكري بين الجانبين، والذي دفعت بموجبه أنقرة بقوات نظامية إلى غرب ليبيا لدعم حكومة الوفاق.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون