خطط عراقية لإحياء هيئة "التصنيع العسكري"

خطط عراقية لإحياء هيئة "التصنيع العسكري"

07 يونيو 2021
تستهدف الخطة تشغيل خطوط إنتاج الذخيرة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد نحو عامين من تصويت البرلمان العراقي على قانون "هيئة التصنيع الحربي"، والذي أعاد بموجبه الحياة لأبرز المؤسسات الصناعية العسكرية في العراق، والتي تم حلها عقب الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003، بأمر من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر ضمن سلسلة قرارات أخرى، أثبتت لاحقاً كارثيتها على البلاد، كحل الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، تتحرك حكومة مصطفى الكاظمي باتجاه تفعيل خط التصنيع في عدد من مفاصل المؤسسة الجديدة، التي شيّدت على أنقاض منشآت ومصانع هيئة التصنيع العسكري العراقية المنحلة. إذ كانت الأخيرة تمتلك سلسلة من المنشآت والمصانع الضخمة المنتشرة على طول خريطة البلاد للتصنيع الحربي.

تضطر بغداد، منذ سنوات، إلى استيراد الذخيرة من إيران بشكل رئيس، وبمبالغ ضخمة

وكشف مسؤول عراقي في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن "خطة حكومية تهدف للبدء بعملية تصنيع الذخيرة وقطع غيار سلاح، ومواد مختلفة، محلياً داخل العراق، في إطار جهود تقليل الاستيراد، إذ تخضع حالياً عدد من منشآت التصنيع العسكري لعملية صيانة وإصلاح خطوط الإنتاج، فضلاً عن تدريب الفنيين فيها". وأكد أن الخطة الحالية تستهدف تشغيل خطوط الإنتاج للذخيرة الخاصة بالسلاح الروسي المتوسط والخفيف، وذخيرة مدافع الهاون والراجمات، والصواريخ المحمولة على الكتف، والصواريخ قصيرة المدى، وذخيرة دبابات "تي 72" الروسية. وتضطر بغداد، منذ سنوات، إلى استيراد الذخيرة من إيران بشكل رئيس، وبمبالغ ضخمة. كما استوردت في بعض الفترات من دول أخرى، أبرزها مصر، منذ بدء المعارك ضد تنظيم "داعش"، نهاية العام 2014.

وأوضح المسؤول أن "الكثير من منشآت التصنيع العسكري تعرض للنهب والتدمير خلال غزو العراق وما تلاه، وجهود رئيس الهيئة الذي تم تسميته أخيراً (محمد صاحب الدراجي)، تنصب على تأهيل عدد من تلك المنشآت وإدخال خطوط إنتاج جديدة". ولفت إلى أن هناك خطوط إنتاج حالياً لقذائف الهاون وذخيرة الكلاشنكوف والحشوات الدافعة للصواريخ المحمولة والموجهة، لكنها لا ترقى لأن تغطي حاجات فرقة واحدة من فرق الجيش العراقي.

وأجرى وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، في وقت سابق من الشهر الماضي، برفقة رئيس هيئة التصنيع الحربي محمد الدراجي، زيارة مفاجئة إلى واحدة من أكبر منشآت التصنيع العسكري في العراق غربي الأنبار، وأجرى جولة فيها، قبل الإعلان عن توقيع اتفاقية بين الجانبين تتعلق بشراء منتجات هيئة التصنيع الحربي العراقية، من بينها مدافع وذخيرة وآليات مختلفة.

وتعليقاً على ذلك، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب بدر الزيادي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك نيّة صادقة لإنجاح الخطة، بهدف التقليل من الاعتماد على المستورد، وتقليل نفقات وزارة الدفاع". وأضاف: "لدينا الكفاءات المطلوبة لإعادة نشاط هيئة التصنيع الحربي، كما لدينا القدرات للتوصل إلى ذلك، وإعادة تأهيل المصانع، وبالتالي يمكن رفد القوات العراقية ببعض الأسلحة الخفيفة وغيرها، والعتاد كمرحلة أولى الآن". ولفت إلى أن "هيئة التصنيع العسكري سابقاً (قبل عام 2003) كانت تعمل وتزود الجيش العراقي بأنواع مختلفة من الأسلحة، منها الثقيلة وغيرها. نحن الآن نسعى بخطى بسيطة لإعادة تأهيل المؤسسة، وتوفير الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بحسب القدرات، ومن ثم يتم التطوير، لا سيما أن المصانع دمرت، وهي تحتاج إلى أمكنة وعدة". وأشار الى أن "وزاراتنا الأمنية اليوم لديها عقود مع دول كبرى لتوريد الأسلحة والعتاد، وعندما تباشر الهيئة بالصناعة، سيكون لها فوائد كبيرة، منها تشغيل أيدٍ عراقية، فضلاً عن التخلص من كلف الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة".

أحمد الخفاجي: التوجه الحالي للحكومة قد يحمل إشارات سياسية أيضاً

في المقابل، قال عضو جمعية المحاربين العراقية العقيد المتقاعد أحمد فاضل الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إن التوجه الحالي للحكومة قد يحمل إشارات سياسية أيضاً، كما أن مسألة استيراد العراق للذخيرة من إيران طوال السنوات السابقة شكّلت مدخلاً مهماً لها، على غرار شراء العراق للكهرباء والغاز الإيراني منذ سنوات، بمبالغ تتجاوز المليار دولار سنوياً، وتحاول واشنطن اليوم إنجاح مشروع الربط الخليجي للكهرباء مع العراق بهدف فك هذا الارتباط القهري من جهة العراق مع إيران. وأوضح الخفاجي أن البنى التحتية موجودة في العراق، ويمكن خلال عامين، في حال لم تكن هناك عراقيل سياسية، أن تستعيد هيئة التصنيع عافيتها، ويبدأ العراق إنتاج ذخيرته بنفسه من دون الحاجة لأحد، واصفاً توجه حكومة الكاظمي بأنه "وطني، ويجب أن يحظى بدعم سياسي واسع".

من جهته، دعا النائب السابق حامد المطلك، الى الجدية بإعادة ترميم المؤسسة. وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "الهيئة موجودة أساساً، ويتم حالياً إعادة تأهيلها. ووزارة الدفاع على علم بحدود قدرات الهيئة، وما تستطيع أن تنتجه من سلاح للمرحلة المقبلة". وأشار إلى أنه "إذا ما أعيد بناء الهيئة على أسس سليمة وصحيحة، فإنها ستغطي جزءا كبيراً من حاجة الجيش خلال وقت قياسي".

وأهملت الحكومات المتعاقبة على البلاد، بعد عام 2003، ملف هيئة التصنيع العسكري، التي كانت سابقاً تنتج، فضلاً عن أنواع السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل، أنواعاً من الصناعات المدنية أيضاً. وقد حل قرار الحاكم المدني للعراق، الأميركي بول بريمر، رقم 75 لسنة 2004، منشآت التصنيع العسكري، وأضاع فرصة الإفادة من مصانع عملاقة استوردها العراق بأموال طائلة، فيما تعرضت الكثير من المنشآت إلى النهب.

تقارير عربية
التحديثات الحية