خطط حكومية ليبية لاستيعاب المجاميع المسلحة في المؤسسة العسكرية

خطط حكومية ليبية لاستيعاب المجاميع المسلحة في المؤسسة الأمنية العسكرية

05 سبتمبر 2021
الحكومة مصرة على هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية بشكل نظامي (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت رئاسة أركان الجيش الليبي التابعة لحكومة الوحدة الوطنية اجتماعاتها، اليوم الأحد، بمقرها الرسمي في العاصمة طرابلس، لاستكمال بناء هيكلها الفني والإداري، وتوضيح التسلسل العسكري للقوات التابعة لها، توازياً مع بدء تشكيلها لجنة عسكرية للتحقيق في الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس يوم الجمعة الماضي. 

يأتي ذلك بناء على تعليمات وجهها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أثناء جلسة "مساءلة"، عقدها مساء أمس السبت، في مكتبه الحكومي في طرابلس، بحضور رئيس الأركان الفريق محمد الحداد، والمدعي العسكري اللواء مسعود ارحكومة، شدد خلالها على ضرورة استكمال التحقيقات في الاشتباكات التي شهدتها طرابلس في بحر أسبوع. 

وأفاد مكتب إعلام رئيس الحكومة بتقديم مدير إدارة الاستخبارات العسكرية تقريراً تفصيلياً بشأن الواقعة، وآخر قدّمه رئيس الأركان العامة المكلف، مشيراً إلى أن الدبيبة شدد على ضرورة معاقبة من ساهم في اندلاع الاشتباكات، واستكمال التحقيق من طرف المجلس الرئاسي للخروج بالنتائج بشكل واضح لاتخاذ القرارات اللازمة بالخصوص. 

وكانت منطقة صلاح الدين، جنوب شرقي العاصمة طرابلس، قد شهدت اشتباكات مسلحة بين اللواء 444 التابع لوزارة الداخلية، وقوة مسلحة هاجمت مقره في معسكر التكبالي، قال آمر منطقة طرابلس العسكرية، اللواء عبد الباسط مروان، إنها سرية الإنقاذ التابعة له، فيما ذكر اللواء 444 أنها قوة تابعة لجهاز دعم الاستقرار التابعة لوزارة الداخلية. 

من بين بنود تلك الخطط استيعاب الأفراد النظاميين والضباط في المجموعات المسلحة الصغيرة في قوات مشتركة تعتزم لجنة 5 + 5 تشكيلها قريباً، ومن ثم تكليفها بمهام خارج مدنها للتقليل من نفوذها هناك

ووفقاً لمصادر حكومية من طرابلس فإن مشاورات حكومية كثيفة تجرى من أجل تنفيذ خطط تهدف إلى توزيع المجاميع المسلحة في غرب البلاد على الجهازين الأمني والعسكري، من بينها تحديد رئاسة الأركان مسميات عسكرية يتم خلالها ضم عدد من القوى المسلحة الصغيرة في طرابلس على أسس فنية عسكرية كالتدريب العسكري وصرف أرقام عسكرية نظامية لمن يتجاوز فترات التدريب بنجاح. 

وأشارت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن الخطوات المقبلة هي استمرار لخطط أعدتها الحكومة ستطاول عدداً من المجاميع المسلحة في غرب البلاد، لكنها ستركز بالأساس على العاصمة طرابلس، من خلال توزيعها على الأجهزة الأمنية أو العسكرية بواسطة المناطق العسكرية الموزعة في غرب البلاد، لافتة إلى إمكانية أن تواجه تلك الخطط صعوبة في احتواء المجاميع المسلحة الكبيرة خصوصا في طرابلس بعد حادثة الاشتباكات التي شهدتها المدينة، الجمعة الماضي. 

لكن المصادر أكدت أن الحكومة مصرّة على هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية بشكل نظامي وإنجاز أكبر نسبة من خططها في أقصر مدة، استعداداً لقرارات محتملة من جانب لجنة 5 + 5 بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى اتصالات بين الحكومة ولجنة 5 + 5 لتقريبها من تنفيذ خططها الرامية لاستبعاد المجاميع المسلحة الكبرى عن المؤسسة العسكرية لإرغامها على القبول بالانخراط في المؤسسة الأمنية. 

وقالت إن من بين بنود تلك الخطط استيعاب الأفراد النظاميين والضباط في المجموعات المسلحة الصغيرة في قوات مشتركة تعتزم لجنة 5 + 5 تشكيلها قريباً، ومن ثم تكليفها بمهام خارج مدنها للتقليل من نفوذها هناك، تزامناً مع السعي لتكليف الأفراد النظاميين والضباط في المجاميع المسلحة الكبرى بمهام مختلفة ضمن القوات الشرطية التي تسعى وزارة الداخلية لتشكيلها وتوزيعها بالاشتراك مع لجنة 5 + 5. 

وفي الأسابيع الماضية، بدأت لجنة 5 + 5 في بحث تشكيل أول قوة مشتركة من طرفي الصراع، في معسكري غرب وشرق البلاد، مؤلفة من الكتيبة 166 ولواء طارق بن زياد، في وقت كشفت فيه مصادر ليبية النقاب عن عزم اللجنة تشكيل المزيد من القوات المشتركة، إحداها ضمن جهاز حرس المنشآت النفطية لتأمين مواقع النفط في البلاد، وأخرى تتمركز بشكل رئيسي في مدينة سبها على أن تمارس أنشطة أمنية في مختلف مناطق الجنوب ومن مهامها تأمين الحدود الجنوبية بالتنسيق مع الدول المجاورة لليبيا.  

وشهدت مدينة سبها، جنوب البلاد، أمس السبت، وقفة احتجاجية نظمها عدد من أهالي المدينة للمطالبة بإخراج المليشيات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر من المدينة، احتجاجاً على قيامها بقفل المجال الجوي لمطار المدينة لمنع هبوط طائرة تابعة للمجلس الرئاسي كانت تقل مسؤولين بالمجلس، دون أن تحدد موعدها الحادثة. 

وحدد الأهالي مطالبهم من المجلس الرئاسي والحكومة ولجنة 5 + 5 بـ"سحب كافة القوات غير الشرعية التابعة للمنطقة الشرقية"، وإحلال قوات نظامية بديلة عنها لتأمين المدينة وتسليمها "كافة المنافذ البرية والجوية إلى مديرية أمن مدينة سبها". 

وأثنى الباحث الليبي في الشأن السياسي الجيلاني ازهمية على أهداف خطط الحكومة التي تنتهج سياسة تفريغ المجموعات المسلحة من الداخل، مرجحا أن الهدف هو نزع حقها في الاحتفاظ بالأسلحة الثقيلة والاكتفاء بالأسلحة الخفيفة ونسبياً الأسلحة المتوسطة عند دمجها في الأجهزة الأمنية. 

وفيما يرى ازهيمة، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة قد تستفيد من الدعم الدولي للضغط على المجاميع المسلحة للقبول بخططها، يحذر من سوء تنظيم تلك الخطط، خصوصاً عند نقل المسلحين للعمل خارج مناطقهم ضمن قوات مشتركة كان أفرادها إلى وقت قريب في حرب ضروس، خصوصاً مع المعلومات التي تشير إلى تلقي كل طرف تدريبات على يد قوات أجنبية تدعم الطرفين ويصفها كل منهما بالمرتزقة. 

كذلك يلفت ازهيمة الى أن من بين ما يهدد بفشل تلك الخطط هو الحجم الكبير لتلك المجاميع المسلحة مقابل قصر عمر الحكومة، بالإضافة الى استمرار بقاء أمراء تلك المجموعات المسلحة قريبين من مخازن السلاح، وفي وسط مناطق يمكن أن تشكل خزاناً بشرياً لاستيعاب المزيد من المدنيين وتسليحهم إذا شعروا بالعمل على إقصائهم وتفريغ معسكراتهم من قوتها. 

وقال "يجب ألا ننسى أيضاً عشرات المليشيات الموزعة بين شرق وغرب البلاد والتي يصر حفتر على وصفها بالجيش"، ولذا، وفقاً لرأيه، فإن عمل الحكومة على توحيد المؤسسة العسكرية بالتنسيق مع لجنة 5 + 5 لا يزال يواجه مساراً طويلاً ومعقداً، وسيقتصر في المرحلة الحالية على تنظيم السلاح في غرب البلاد فقط.