استمع إلى الملخص
- أكدت الولايات المتحدة التزامها بتثبيت وقف إطلاق النار وحل المسائل دبلوماسيًا، مشيدة بدور الجيش اللبناني، بينما شدد وزير الدفاع اللبناني على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل.
- قررت الحكومة اللبنانية التوجه إلى مجلس الأمن لمطالبة باتخاذ إجراءات ضد الخروقات الإسرائيلية، مؤكدة على أهمية التزام لبنان بالقرار 1701 ودور الجيش في حماية السيادة.
نفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، غارة بمسيّرة على سيارة في بلدة عيتا الشعب جنوبي لبنان، ما أسفر عن سقوط شهيد، وذلك في تصعيد أمني خطير، بعد انتهاء مدة اتفاق وقف إطلاق النار الممدّدة، أمس الثلاثاء، في 18 فبراير/ شباط الحالي. كذلك، أدى إطلاق الاحتلال الرصاص في بلدة الوزاني جنوباً، إلى إصابة شخصين بجروح، وذلك بحسب ما أفاد بيان صادر عن وزارة الصحة اللبنانية.
في إطار الخروقات أيضاً، أطلقت قوة إسرائيلية النار على مركز تابع للجيش اللبناني في منطقة بركة النقار في جنوب بلدة شبعا، من دون الإفادة عن وقوع إصابات، وذلك بحسب ما ذكرته وسائل إعلام تابعة لحزب الله. وعلى وقع انسحاب جيش الاحتلال المنقوص من الجنوب اللبناني، يكثف لبنان اتصالاته الدولية من أجل إلزام إسرائيل بالخروج من التلال الخمسة التي لا تزال قواتها تتمركز فيها، وذلك بعدما قرّر يوم أمس الثلاثاء التوجه إلى مجلس الأمن لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية.
مسيّرة إسرائيلية تقتل لبنانياً وتصيب زوجته في عيتا الشعب pic.twitter.com/EWfj4qT9ij
— Carmen Joukhadar كارمن جوخَدار (@CarmenJoukhadar) February 19, 2025
إلى ذلك، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، للرئيس جوزاف عون خلال اتصال هاتفي "متابعة الإدارة الأميركية للتطورات في الجنوب، بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية واستمرار احتلالها عدداً من النقاط الحدودية". وأشاد، وفق الرئاسة اللبنانية، "بالدور الذي لعبه الجيش اللبناني في الانتشار بالمواقع التي أخلاها الإسرائيليون"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة تجاه لبنان بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار وحلّ المسائل العالقة دبلوماسياً"، مشدداً على "أهمية الشراكة اللبنانية - الأميركية وضرورة تعزيزها في جميع المجالات".
بدوره، قال عون للمستشار الأميركي إنه "من الضروري إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في النقاط المتبقية واستكمال تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر، لضمان تعزيز الاستقرار في الجنوب وتطبيق القرار 1701"، مشدداً على "ضرورة الإسراع في إعادة الأسرى اللبنانيين المعتقلين في إسرائيل".
من جهته، التقى وزير الدفاع الوطني ميشال منسى، قبل ظهر اليوم، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، وتطرق البحث إلى التطورات في الجنوب، ولفت الوزير منسى إلى "تمادي الاحتلال الإسرائيلي في تنصّله من التزاماته، وإلى انتهاكاته المتكررة للقرار 1701"، مشدداً على "ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة". وأكد منسى "جهوزية الجيش التامة لتنفيذ مهامه على كامل تراب الوطن".
الجيش اللبناني: العدو لم يلتزم بالانسحاب الكامل من لبنان
في غضون ذلك، قال بيان صادر عن الجيش اللبناني: "تستكمل الوحدات العسكرية الانتشار في جميع البلدات الحدودية الجنوبية بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي، علماً أن العدو لم يلتزم الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة عملًا بالمواثيق والشرعية الدولية وبقرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمها القرار 1701". وأضاف: "هو لا يزال يتمركز في عدة نقاط حدودية، ويتمادى في تنصّله من التزاماته، وخرقه للسيادة اللبنانية من خلال الاعتداءات المتواصلة على أمن لبنان ومواطنيه".
في هذا الإطار، كثفت الوحدات العسكرية المختصة جهودها لمواكبة عودة الأهالي إلى أراضيهم، عبر إزالة الأنقاض وفتح الطرقات بعد الدمار الواسع الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي، ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة التي تمثل خطراً داهماً على حياة المواطنين، وفق بيان الجيش. وأكدت قيادة الجيش أهمية التزام توجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة تفادياً لوقوع ضحايا.
لبنان يرفض أي بقاء لقوات الاحتلال في أراضيه
في الإطار، قالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، "إننا لن نقبل ببقاء الاحتلال في المواقع الخمسة، وسنمارس كل الضغط بجميع الوسائل والأطر الدبلوماسية، لإتمام الانسحاب، وهناك تأكيدات دولية بضغوط تحصل على إسرائيل من أجل ذلك". ولفتت إلى "أننا سمعنا تأكيدات فرنسية وأميركية بعدم جواز بقاء جيش الاحتلال في المواقع هذه، وهناك سعي من أجل خروجه بأسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً أنّ كل تأخير من شأنه أن يرتد سلباً ويزعزع اتفاق وقف إطلاق النار".
من جانبه، قال مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإدارة الأميركية تؤكد الدعم المستمرّ لوقف إطلاق النار، وتسعى للتواصل بشكل مستمر مع الأطراف، خصوصاً عبر اللجنة المشرفة على الاتفاق التي ترأسها الولايات المتحدة، من أجل الحفاظ عليه وتثبيته"، مشيراً إلى أنّ "هناك اتصالات تجري مع إسرائيل، ومن الضروري أن يحصل الانسحاب الكامل بموجب ترتيبات الاتفاق". ونفى المصدر أن يكون هناك قطع للدعم عن لبنان خاصة المؤسسة العسكرية، مشيراً إلى أنّ "أميركا كانت وستبقى داعمة للجيش اللبناني، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة، والتي تتطلب منه أداء مهام كبرى، ونحن على ثقة بالمؤسسة العسكرية اللبنانية، وسنبقى إلى جانبها باعتبارها أساس الاستقرار وتطبيق القرار 1701".
ولفت المصدر إلى أنّ "الدعم مستمرّ، وقد يزيد في المرحلة المقبلة، أما الحديث عن إصلاحات فهو أمر بات معروفاً ومرتبطاً بإعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، وبالتالي غير خفي بأن أميركا، كما المجتمع الدولي، يشترطان قيام لبنان بجملة إصلاحات جدية من أجل دعم مؤسسات الدولة وتقديم المساعدات لها".
وضمن المواقف السياسية اليوم الأربعاء، قال الرئيس جوزاف عون لوفد السفراء العرب: "نأمل بدعم الدول العربية كي يعود لبنان شرفة العرب، كما كان يقول مؤسس المملكة العربية السعودية، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود". وجدّد تأكيد أنّ "لبنان لن يكون منصَّة للهجوم على الدول، ولا سيّما الدول العربية الشقيقة".
من جهته، استقبل وزير الخارجية والمغتربين، يوسف رجّي، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال، في زيارة تعارف جرى خلالها عرض الأوضاع في جنوب لبنان والمنطقة. وطلب رجّي دعم ومساندة الاتحاد الأوروبي لكي تنسحب إسرائيل بشكل كامل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، تطبيقاً لاتفاق وقف الأعمال العدائية ولقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
وعقد عون، أمس الثلاثاء، اجتماعاً استثنائياً في قصر بعبدا الجمهوري مع رئيسي البرلمان نبيه بري والوزراء نواف سلام، جرى خلاله البحث في المستجدات المتعلقة بالوضع على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، والتطورات الناجمة عن استمرار الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية. وقرّر المجتمعون "التوجه إلى مجلس الأمن الدولي الذي أقرّ القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية، وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، وفقاً لما يقتضيه القرار الأممي، والإعلان ذو الصلة"، معتبرين أنّ "استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية احتلال، مع كلّ ما يترتب عن ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية".
و"إزاء تمادي إسرائيل في تنصّلها من التزاماتها وتعنّتها بنكسها بالتعهدات الدولية"، أعلن المجتمعون أيضاً "استكمال العمل والمطالبة عبر اللجنة التقنية العسكرية للبنان والآلية الثلاثية اللتين نصّ عليهما إعلان 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بتطبيق الإعلان كاملاً، ومتابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي لتحرير الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل". وأكد المجتمعون "تمسّك الدولة بحقوقها الوطنية كاملة وسيادتها على كامل أراضيها، وتأكيد حق لبنان باعتماد كل الوسائل لانسحاب العدو الإسرائيلي".
وشدّد الرؤساء الثلاثة على "الموقف الموحّد للدولة اللبنانية"، مشددين على "ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة التزاماً بالمواثيق والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها القرار 1701"، مؤكدين في السياق "التزام لبنان الكامل بالقرار بكامل مندرجاته، وبلا أي استثناء، في وقت يواصل الجانب الإسرائيلي انتهاكاته المتكررة له وتجاوزه بنوده". وأكدوا "دور الجيش واستعداده التام وجهوزيته الكاملة لتسلّم مهامه كافة على الحدود الدولية المعترف بها، بما يحفظ السيادة الوطنية، ويحمي أبناء الجنوب اللبنانيين، ويضمن أمنهم واستقرارهم".
على صعيدٍ آخر، علم "العربي الجديد" أنّ ممثلاً عن الرئيس جوزاف عون سيشارك في تشييع الأمينين العامين السابقين لحزب الله حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، الأحد المقبل، وذلك بعدما تلقى دعوة للمشاركة، خلال استقباله وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة البرلمانية برئاسة النائب محمد رعد.