خبراء الأمم المتحدة وتقاريرهم في ليبيا

06 فبراير 2025
صور ضحايا المليشيات في طرابلس، 11 يناير 2021 (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تقرير الأمم المتحدة لعام 2024 حول ليبيا يبرز تراجع الحروب، لكنه لم يفرض عقوبات جديدة رغم استمرار الأنشطة المحظورة مثل تهريب المخدرات والوقود.
- التقرير أشار إلى تورط مليشيا طارق بن زياد والمجموعات المسلحة في أنشطة غير قانونية دون ذكر أسماء القادة، ولم يتطرق للتدخل العسكري الروسي والتركي.
- تثير التقارير انزعاج المتورطين في الجرائم بليبيا دون نتائج ملموسة، مما يطرح تساؤلات حول دورها في تحديث قائمة المعاقبين وعلاقتها بالمحكمة الجنائية الدولية.

نشرت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، تقريراً جديداً من تقارير خبرائها المعنيين بليبيا، ضمن سلسلة تقارير اعتادوا على إعدادها سنوياً منذ 2012، لتحديث معلومات لجنة العقوبات بمجلس الأمن لمنع أي خرق لقرارات المجلس بإصدار عقوبات جديدة حيال المتورطين في خرقها. وعلى الرغم من ذلك لم يصدر عن مجلس الأمن أي عقوبات حقيقية من أجل ذلك.

ورغم أن العام 2024، المعني به التقرير الأممي الجديد حافل بالعديد من الأحداث التي هددت السلام في ليبيا، إلا أن الصورة التي يعكسها لا تشير إلى ذلك بقدر ما تتماهى مع حالة تراجع الحروب والصدامات المسلحة، ما يُشعر المطالع، إذا قارنه بتقارير مناطق النزاع الأخرى حول العالم، بحالة من الاستقرار تعيشها البلاد. فبخلاف التقارير السابقة التي سمى فيها شخصيات بعينها ساهمت في ازدهار أنشطة محظورة، مثل المخدرات وتهريب المهاجرين والجريمة والانتهاكات وغيرها، وصدر بحقها عقوبات لا تتجاوز تجميد السفر وأصولها المالية في الخارج، لم يذكر التقرير الأخير أي اسم، وفضل تسمية الكيانات، رغم ما يعرفه الرأي الداخلي والدولي من خضوعها لأشخاص محددين.

في جانب معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي خلا التقرير من ذكر اسمه ولو عرضاً، ذكر التقرير تورط مليشيا طارق بن زياد في خروقات وأنشطة صارخة، كالاتجار بالمخدرات والسيطرة على مناجم الذهب وتهريب الوقود وغيرها، دون ذكر اسم قائد هذه المليشيا صدام حفتر. وفي غرب البلاد تورطت المجموعات المسلحة في ذات الأنشطة، دون أن يذكر اسم قائد أي منها. حتى تلك التي سبق أن ذكرتها التقارير السابقة، وأضيفت لقائمة العقوبات، لم يتكرر ذكر اسمها، كما تكرر أكثر من مرة في التقارير السابقة. أما الحكومة في طرابلس فلم تُذكر إلا في سياق المسؤولين عن تعزيز سلطة المليشيات، ولم يُذكر من مؤسساتها إلا الشركة العامة للكهرباء وتورطها في بيع الوقود المخصص لها لإنتاج الطاقة.

أما الأكثر لفتاً في التقرير الأخير، فهو أنه لم يشر ولو مروراً إلى التدخل العسكري الروسي والتركي في البلاد، رغم أنه توسع في الحديث عن خروق حظر توريد السلاح إلى ليبيا، بخلاف السابق عندما زودت التقارير بوثائق قطعية تثبت تغول الدولتين، وبشكل صارخ عسكرياً في البلاد، وكذلك الأمر بالنسبة لتهريب النفط خارج المؤسسات الشرعية والمسؤولين عنه.

في الواقع، كثيراً ما كانت هذه التقارير تثير انزعاجاً ومخاوف في أوساط أقطاب الجريمة والانتهاكات من الليبيين. لكن بمرور الوقت اعتاد هؤلاء عليها بعد أن أصبحت مجرد أوراق لا تزيد عن حد الرصد والبحث دون أن يترتب عليها أي شيء ملموس. والسؤال الأكثر إثارة أي منهجية يتبعها هؤلاء الخبراء في أعمالهم إذا نظرنا إلى التناقضات بين تقرير وآخر، وما موقع هذه التقارير ودورها في تحديث قائمة المعاقبين دولياً، وما الصلات التي ترتبط بمؤسسات الأمم المتحدة؟ فمثلا تستفيد المحكمة الجنائية الدولية من أدلة هؤلاء الخبراء وتقاريرهم في تحقيقاتها بشأن الانتهاكات بليبيا. والجواب المفترض هو بكل تأكيد يحدث ذلك، خاصة في ملف القتل خارج القانون وانتهاكات حقوق المواطن والمهاجرين غير النظاميين والسجون وغيرها؟ والعكس بشأن استفادة خبراء الأمم المتحدة من أعمال لجنة تقصي الحقائق في ليبيا التابعة للمحكمة الجنائية الدولية التي نشطت مؤخراً في إصدار مذكرات الاعتقال بشأن المتورطين في انتهاكات في ليبيا. ربما علينا التساؤل أيضاً، لماذا تأخر صدور تقرير خبراء الأمم المتحدة حتى 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي. وربما للمتابع الحق في القول إن كواليس الأمم المتحدة ومؤسساتها مليئة بالسياسات المتناقضة إلى حد تناقض مصالح الكبار.